شخصيات سياسية وحقوقية تحذر من استهداف الانتقال الديمقراطي بتونس

26 مايو 2020
التجربة التونسية تتعرض للاستهداف الخارجي (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
حذرت شخصيات سياسية وحزبية وحقوقية من مختلف الانتماءات السياسية من استهداف الانتقال الديمقراطي في تونس، وثورة 2011، ومن الانزلاقات التي يعرفها المشهد السياسي بسبب تنامي التجاذبات الداخلية، داعية، في بيان لها، اليوم الثلاثاء، جميع القوى السياسية على اختلاف تياراتها الفكرية والإيديولوجية إلى "تغليب منطق الحكمة والسعي إلى تهدئة الأجواء، وإعلاء المصلحة العليا للوطن على حساب المصالح الفردية والفئوية الضيقة".

وانتقد البيان بعض الأطراف الإقليمية "التي لم تخفِ انزعاجها من الطابع الديمقراطي للنظام السياسي، وحرجها من نجاح الثورة التونسية في تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة، وسعيها غير الخفي لتسخير بعض التونسيين للنيل من سيادة واستقرار وأمن وديمقراطية تونس تحت ذرائع واهية ومرفوضة ومفضوحة"، داعياً إلى "ضرورة تفويت الفرصة على المخططات الشرّيرة التي تستهدف تجربة الانتقال الديمقراطي، وتتطلع إلى إعادة تونس إلى ماضي الحكم الفردي والتسلطي".

وذكّر البيان بأهمية الخط الذي التزمت تونس بالسير به على صعيد السياسة الخارجية والدبلوماسية، والقائم على رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الصديقة والشقيقة، مع الرفض التام والحازم لتدخل أي طرف في الشؤون الداخلية للبلاد، مشيراً إلى أنّ الشخصيات الموقّعة على البيان "تتابع بقلق بالغ انزلاق المشهد السياسي في تونس نحو الاتجاه الخاطئ المخالف للعقل والمنطق ومقتضيات المصلحة الوطنية العليا لتونس، والداعي للانقسام بدل الوحدة الوطنية وللصراع بدل الحوار".

وقال الوزير الأسبق، محسن حسن (أحد الموقعين على البيان)، في تصريح لـ "العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "هذه المبادرة تأتي من قبل عدد من الشخصيات الوطنية المهتمة بالشأن الوطني، المتحزبة وغير المتحزبة، التي رأت أن هناك انزلاقات خطيرة في المشهد السياسي وعودة لمنطق الإقصاء واستهدافاً واضحاً لمؤسسات الدولة التونسية ورموزها وللمكتسبات التي تحققت"، مبيناً أنه "في إطار حرص هذه المجموعة على تنقية الأجواء، دعت إلى تغليب منطق الحوار والحكمة والابتعاد عن الإقصاء، وأيضاً عن التجاذبات والمحاور الخارجية التي تضر بالبلاد، وبالتالي تم إصدار هذا البيان للتهدئة".

ورأى حسن أن "الوضع السياسي في تونس خطير، وهناك انزلاقات كبيرة تهدد المسار بأكمله، يضاف إلى ذلك وضع اقتصادي ومالي دقيق خاصة بعد أزمة كورونا"، مبيناً أنه لوحظت عودة كبرى للتجاذبات السياسية، وعودة لاستهداف المؤسسات المنتخبة. كذلك أشار إلى أنّ بعض الشخصيات الوطنية تتعرض لحملات داخلية وخارجية غير مبررة، معرباً عن اعتقاده بأن المشهد السياسي "أصبح يشكل عبئاً حقيقياً على الإصلاح"، مشدداً على أنّ "الأولوية حالياً هي للخروج من الوضع الصعب وهو ما يتطلب تنقية الأجواء والابتعاد عن سياسة المحاور، خاصة وأن بعض الحملات تقودها أطراف خارجية لا تريد خيراً لتونس".

وحول الدعوة لميثاق أخلاقي يلزم الفاعلين السياسيين بالحد الأدنى من الالتزام المعنوي، اعتبر حسن أنه لا بد من "أخلقة الحياة السياسية"، قائلاً إن "الميثاق يضمن الحد الأدنى المطلوب من التعامل بين الفاعلين السياسيين، ولا بد من التأسيس لعدم الإقصاء إذ لا يمكن إقصاء أي طرف لأفكاره وانتماءاته السياسية".

وشدد على أنّ "تونس في حاجة إلى الإسلاميين واليساريين والدساترة وكل الأطياف السياسية، بعيداً عن التشويه والافتراء ولا بد من احترام القيادات والزعماء من رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية، مع الابتعاد عن الحملات الممنهجة التي تستهدف القيادات الوطنية ومن خلالها استهداف الثورة التونسية ومكاسب الثورة".

من جانبه، قال الوزير السابق والقيادي في حزب "نداء تونس"، خالد شوكات (أحد الموقعين على البيان) إنّ البيان "جاء نتيجة نقاش وحوار بين مجموعة من الشخصيات التي يجمعها الاعتدال والوسطية والمؤمنة بالديمقراطية"، مشدداً على أنّ "تونس تتّسع للجميع بعيداً عن الخطابات العدوانية المتشنجة، والتي لن تدفع إلا لمزيد الاحتقان والتراجع والتخلف السياسي، في وقت تمر البلاد بوضع صعب، وتسعى للمحافظة على منجزات الدولة المستقلة، مع العمل على مواصلة الانتقال الديمقراطي ليكون قاطرة للتقدم الاجتماعي".

وأضاف شوكات، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ القوى الوسطية المشاركة في هذا البيان "هي ضد تقسيم التونسيين وتدعو إلى الاحترام بعيداً عن الإقصاء"، مشدداً على أن "تونس لجميع أبنائها بمختلف تياراتهم ولا تبنى إلا بالعمل المشترك والحوار البنّاء، بعيداً عن الفوضى وتجاوز المؤسسات المنتخبة".

ولفت إلى أنّ البيان "هو صرخة فزع وناقوس خطر لأنّ تونس شمعة أمل في التجارب الديمقراطية في العالم العربي، ولا بد من الحفاظ على هذه التجربة في وضع اعتاد فيه البعض على الأنظمة التسلطية والاستبدادية"، مؤكداً أنه "لا بد من مواصلة التجربة الديمقراطية بطريقة حضارية، ولا بد من انتشال الخطاب السياسي من حالة الفوضى والتعفن التي وصل إليها، وذلك عبر ترشيده".

كما أشار إلى أنه "ستتم مواصلة هذا الحراك المعبّر عن حاجة وطنية"، قبل أن يضيف: "كفى أصوات تطرف وتصفية حسابات على حساب تجربة سياسية واعدة، ومن خلال رفع شعارات أريد بها باطل".

وقال شوكات إن "تونس تفوقت في معالجتها لجائحة كورونا، وحان الوقت للاهتمام بالقضايا الصحيحة من تنمية وبناء اقتصادي، بعيداً عن التخوين والإقصاء".

وضمت قائمة الموقعين وزراء سابقين كخالد شوكات وماهر بن ضياء، ونشطاء سياسيين ومدنيين كمهدي بن جواد وسناء بنضو، وباحثين وأساتذة جامعيين ومحامين، بالإضافة لعدد من الإعلاميين.
المساهمون