سيناريوهات "القادم" على غزة

14 يناير 2015
+ الخط -

تأزّمت الأوضاع في قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب الأخيرة، على نحو لم يتوقعه غالبية المراقبين والمحللين السياسيين؛ حيث اعتقد بعضهم أن القطاع سينعم في ظل هدنة طويلة، يتخللها "رخاء" اقتصادي نسبي، فيما رأى متشائمون أن غزة ستعيش، في أسوأ الأحوال، أجواء "استراحة محارب"، بشروط مريحة بعض الشيء.
لكن، ما جرى لاحقاً، أعاد الحال إلى ما يشبه الأوضاع التي شهدها القطاع، عقب سيطرة حركة حماس عليه، صيف عام 2007، بل ربما أصبحت أكثر تعقيداً، عقب بيان أصدرته حكومة الوفاق الفلسطينية، ونشرته وكالة وفا الرسمية، في السابع من يناير/كانون ثاني الجاري، وفُهم منه أنها لن تستلم مهامها، إلا بعد تمكينها من بسط سيطرتها على القطاع من دون منازع، وهو ما ترفضه حركة حماس بشدة. وفي ظل ما يجري على الأرض، وما يتم تداوله من أنباء ومعلومات، قد تتلخص السيناريوهات المتوقعة للمرحلة المقبلة، في التالي:
رضوخ "حماس" لرغبات عباس: وبموجب هذا السيناريو، تقدم حركة حماس تنازلات كبيرة للرئيس محمود عباس، وتتنازل له عن إدارة قطاع غزة بشكل كامل، بدون "الشراكة" التي كانت تدعو لها. هذا الخيار مستبعد بشكل كبير، لمخاطره الكبيرة على الحركة، من أكثر من جانب، حيث سيُخرجها من الحكم، ويقضي على ما تعتبرها "إنجازات" حققتها في السنوات الماضية، ويهدد عشرات الآلاف من موظفيها الذين سيجدون أنفسهم عاطلين، ما يعد "خيانة" لهم، وتخلياً عنهم.
عودة حماس للحكم المباشر: قد تضطر "حماس" لنزع الثقة عن حكومة الوفاق، وتعيد تشكيل حكومة جديدة بإدارتها. وعلى الرغم من أن بعضهم يرجح هذا الخيار، لكنه، من وجهة نظري، مستبعد تماماً، نظراً لتعقيدات ستواجه الحكومة الجديدة، حيث سترفض إسرائيل ومصر التعامل معها، وسيغلق ملف إعادة الإعمار بشكل كامل، بعد أن كان متعثراً.
تشكيل إدارة من "الفصائل": يبدو أن حماس طرحت هذا الاقتراح على الفصائل، يوم الأحد الماضي، في اجتماعها معها، لكن الفصائل رفضته، فهي لا تقوى على الوقوف في وجه الرئيس عباس، وربما أن بعضها، وخصوصاً بعض فصائل منظمة التحرير، غير معنية بإخراج حركة حماس من ورطتها.
تشكيل إدارة من شخصيات مستقلة: يعد هذا الخيار ضعيفاً، وصعب التحقيق، ويقترب كثيراً من خيار تشكيل حكومة تابعة لحماس، لأن جميع الأطراف ستعتبر الحكومة تابعة للحركة، كما أن غالبية الشخصيات المستقلة سترفض المشاركة.
-إنشاء إدارة بين "حماس" ودحلان: بموجب هذا السيناريو، تشكّل حماس إدارة لقطاع غزة، بالتعاون مع (العدو اللدود للرئيس عباس)، محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح، والذي يتوق للعودة إلى الحياة السياسية من بوابة قطاع غزة. وقد يكون هذا الخيار قابلاً للتحقيق، بالنظر لرغبة دحلان في إيجاد موطئ قدم له في أراضي السلطة الفلسطينية، حيث يعتبر نفسه وريث عباس في رئاسة السلطة، بالإضافة إلى أنه مدعوم من الإمارات ومصر.
وتدعم هذا السيناريو تصريحات دحلان الإثنين الماضي، وقال فيها إنه وراء القرار المصري بإعادة فتح معبر رفح مدة ثلاثة أيام، وتلميحاته القوية بوجود موافقة مصرية على توريد البضائع إلى غزة عبر معبر رفح. لكن رؤية هذا الخيار للنور، يحتاج إلى الإجابة على أسئلة عديدة، أهمها ما هو موقف الأطراف الإقليمية والدولية منه، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.
وسيعني تحقّق هذا الخيار وجود قرار إقليمي ودولي، بإنهاء دور الرئيس عباس، وإخراجه من الحياة السياسية.
بقاء الوضع على ما هو عليه: ربما يكون هذا الخيار الأكثر ترجيحاً، نظرا لقلة الخيارات المتاحة أمام حركة حماس. وبالتالي، قد تميل إلى التريث، ومنح الرئيس محمود عباس فرصة للتراجع عن شروطه، ومتابعة التطورات الجارية في المنطقة، قبل أن تتخذ قرارها.


 

EE1D3290-7345-4F9B-AA93-6D99CB8315DD
ياسر البنا

كاتب وصحافي فلسطيني مقيم في قطاع غزة