سيناء: تشكيك بجدوى معركة الجيش في جبل الحلال

31 مايو 2016
صور نشرها الجيش المصري لعملية ضبط الأسلحة (الأناضول)
+ الخط -
قرّر الجيش المصري، بشكل مفاجئ، قبل بضعة أيام، شنّ حملة عسكرية واسعة في جبل الحلال، باعتباره مأوى المسلحين، بناء على عمليات رصد دقيقة، في إطار خطة للقضاء على الإرهاب في سيناء (شرق مصر). مهاجمة الجبل، خلال الفترة الحالية، تعيد للأذهان الخسائر الكبيرة التي لحقت بقوات الأمن المصرية، عند محاولة مداهمته بعد تفجيرات طابا عام 2004، حينها كان حبيب العادلي وزيراً للداخلية.

وأعلن المتحدث الرسمي العسكري، العميد محمد سمير عن توجيه ضربة استباقية للإرهاب في سيناء، من خلال عملية للجيش الثالث الميداني. وقال إنه "تم القضاء على 13 عنصراً إرهابياً في مناطق الأزارق، ومدق الجميل، وجنوب البرث، والقريعي، ووادي عمرو، نتيجة لتبادل إطلاق النيران مع القوات". وأضاف أنّه تم ضبط وتدمير 30 عبوة ناسفة كانت معدة ومجهزة لاستهداف القوات المسلحة، على محاور التحرك شمال غرب جبل الحلال، وضبط 50 لغماً مضاداً للدبابات، و95 لغماً مفرغاً من المواد المتفجرة بمنطقة شمال غرب جبل الحلال.

وأشار إلى أنّه تم ضبط مخزن للمتفجرات داخل خور بجبل الحلال عثر بداخله على 35 جوال بارود بإجمالي وزن 1750 كيلوغراماً يستخدم في تصنيع العبوات الناسفة، و100 برميل بلاستيك تحتوي على مواد تستخدم في تصنيع العبوات الناسفة، و5 جوال من مادة نترات النشادر.

وطرح إعلان الجيش بدء حملة عسكرية في الجبل علامات استفهام كثيرة لناحية نتائج هذه الحملة في ضوء تكتيكات المواجهة، مقارنة بالطبيعة الوعرة للجبل، الذي يعتبر سلسلة من الهضاب. وبحسب مراقبين، فإن عملية اقتحام جبل الحلال مستحيلة، لأنه ليس مجرد جبل عادي تمكن السيطرة عليه، بل هو عبارة عن سلسلة هضاب متصلة ببعضها تتضمنها طرق جبلية مجهولة صغيرة ووعرة.



ويرى مراقبون أن الحديث عن قصف مدفعي لـ"بؤر إرهابية" في جبل الحلال، أمر لا يمكن فهمه، خصوصاً أن أي قصف مهما بلغت قوته فهو غير مؤثر على الإطلاق، لأنه في النهاية هو عشوائي في ظل امتداد الجبل على مساحة واسعة للغاية. ويتساءل هؤلاء عن سبب عدم اشتباك المسلحين معهم في حال اقتحام قوات الجيش فعلياً للجبل بالصورة التي يتم ترويجها، وعن كيفية اعتباره ملجأ ومأوى للإرهابيين وعدد القتلى منهم أقل بكثير من الذي يعلنه الجيش في عمليات استهداف للمسلحين.

في هذا السياق، يقول شيخ قبلي لـ"العربي الجديد" إنه "لا يمكن للجيش مهاجمة جبل الحلال بالصورة التي يتحدثون عنها، لأن هذا يستلزم تحرك القوات سيراً على الأقدام داخل طرق وعرة للغاية في عمق الجبل، وهذا أمر خطير للغاية، ويكلّف خسائر بشرية كبيرة، وهو ما حدث سابقاً في عهد وزير الداخلية السابق حبيب العادلي بعد تفجيرات دهب وطابا وشرم الشيخ، عام 2004". ويشير إلى أن "الجبل لا يصلح للحياة والبقاء فيه فترات طويلة، نظراً لعدم وجود مياه أو أي وسيلة للعيش، لكن يمكن المكوث فيه لمدة قصيرة للاختباء لسبب ما، بيد أنه يجب معرفة دروب والطرق الوعرة للجبل، وإلا يضيع أي زائر له".

ويلفت إلى أن الجبل عبارة عن سلسلة هضاب على مساحات واسعة للغاية ويمتد لنحو 50 كيلومتراً أو أكثر، ويصعب رصد أي تحركات داخله حتى على الطائرات، نظراً لطبيعته الوعرة. ويشدد على أن الجبل يبعد عن شمال سيناء وتحديداً العريش نحو 60 كيلومتراً، وتستغرق رحلة السيارة بعد الانتهاء من الطريق الأوسط الممتد للإسماعيلية، وحتى الوصول لبدايته، نحو ساعة ونصف. ويؤكد أنه يمكن رصد أي تحرك لسيارات باتجاه جبل الحلال خلال هذه المدة الزمنية الكبيرة، وبالتالي استهدافها. ويشدد على أن الجبل كان في إحدى الفترات مأوى للمسلحين، وأهالي سيناء ساعدوا الأمن بقوة، لكنهم اليوم يرفضون ذلك، عقب الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين.

من جهته، يقول خبير عسكري لـ"العربي الجديد" إن "مهاجمة جبل الحلال يترتب عليه خسائر فادحة بالصورة التي يروّج عنها الإعلام، لو ثبت فعلياً اتخاذه كمأوى للجماعات المسلحة"، على حدّ تعبيره. ويضيف الخبير أن تصفية الإرهابيين بداخله لن تكون إلا بتمشيط الجبل تماماً سيراً على الأقدام، وهذه مغامرة غير محسوبة وخطأ استراتيجي وتكتيكي فادح.

ويشير إلى أن الحل الأمثل يكمن في محاصرة الجبل من جميع الجهات وقطع عمليات الإمداد عن المسلحين، ومن ثم إجبارهم على النزول لنقص المواد الغذائية، أو الموت داخل الجبل. ويستغرب الأخبار التي انتشرت عن قصف الجيش لجبل الحلال بالمدفعية، مشيراً إلى أنّه "حتى قصف الطائرات لن يؤثر بالجبل لكثرة المغارات والكهوف فيه". ويشير إلى أن الصور التي صاحبت بيان المتحدث العسكري، تظهر أن عملية الضبط المشار إليها، كانت في مكان واحد فقط، أي أنه ليس هناك توسع في العمليات كما أعلن الجيش، خلال اليومين الماضيين.