سيف الدين عبد الفتّاح

10 أكتوبر 2015
+ الخط -
هذا هو حال الوطن حينما تتخطفه عصابة، يُفصل فيه سيف الدين عبد الفتاح فصلاً نهائياً من عمله أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة القاهرة، من غير تحقيق ولا إنذار ولا أي شيء، لأن البلد صار كأنه عزبة صغيرة للخاطفين، عزبة ليست على الخريطة، ولا توجد أصلا في العالم... وهل يؤمن الخاطف بالخريطة أو العالم؟
العالم عند الخاطف مجرد منهبة تتم في الليل، هذا هو حال الوطن الذي يتحول فيه مرتضى منصور إلى منظِّر سياسي، وإلى رئيس نادي الزمالك، ولا مانع أيضا من أن يكون مدرباً من منازله للفريق أو حتى خطيب جمعة، ولا مانع من أن يمزق الدستور على الهواء مباشرة. وهذا هو حال الوطن، حينما يعلن فيه رئيس جامعة الأزهر جهاراً نهاراً (أن أي طالب يُحدِث شغبا سيبلغ عنه الجيش بنفسه)، وكأن الجيش صار مشيخة للخفراء في (عزبة أبو ستة)، والجامعة صارت خلفية كتيبة عسكرية، ورئيس الجامعة ما هو إلا ذلك الشخص أو العسكري الذي يقوم بالتبليغ عن مسروقات الكتيبة أو مخلفاتها، حينئذٍ، لها الحق، سما المصري، أن تعلن عن برنامجها التنموي أو حتى النووي.
ويقول أحمد موسى، على الهواء مباشرة، محذراً سامي عنان من الترشح للانتخاب رئيساً للجمهورية: والله أعوّرك.
الوطن حينما تتخاطفه عصابة، يجلس المستشار طارق البشري في بيته حزيناً، ولا نسمع له صوتا أو تعليقاً أو رأياً، ولو حتى في أغاني زمان أو أفلام زمان، ولا نكاد نسمع عن الفقيه الدستوري ثروت بدوي شيئاً، ولا الفقيه الدستوري إبراهيم درويش. وكأن الثلاثة تحت الحراسة أو الإقامة الجبرية، أو كأنهم ذهبوا إلى جزر القمر أو واحة الفرافرة، بعدما بدأ فقهاء السلاطين بالزحف والنصيحة، مثل محمود كبيش وغيره. هذا هو حال الوطن، حينما يتم تعيين محمود بدر متحدثاً إعلامياً لوزارة الكهرباء، وتصير له علاقة بالفولت والأمبير والوات والميغاواط والأحمال العالية والمنخفضة، بعدما ترك الكلاب في سوق الجمعة بلا تاجر، في هذا الوطن الذي هو كذلك، فمن المنطقي جداً أن يفصل دكتور سيف الدين عبد الفتاح من وظيفته بلا إنذار من جامعة القاهرة.
بعدها، لا تبحثوا عن الوطن، إلا عند أحمد موسى أو وائل الأبراشي أو قناة الفراعين، ويكون من المنطقي جداً القبض على طلبة الماجستير والدكتوراه، وترحيلهم إلى المستشفيات النفسية، لمحاولة علاجهم على نفقة الدولة، أو نفقة توفيق عكاشة، لكي يبحث كلٌّ منهم عن مهنة ينفع بها وطنه، كأن يشتري (توكتوك)، كما أوصى رئيس الوزراء السابق، إبراهيم محلب، بعض الشباب في ندوة تنموية، قبل أن يستفاد من حلوله الواقعية مساعداً للرئيس. حينئذٍ، يكون من المفيد جداً غلق الجامعات سنة، أو سنتين كما أعلنت النخبة، أو نخبة النخبة، أو تحويل الجامعات حتى إلى مشاتل أو مراكز لتوزيع الخبز.
حينما يفصل سيف الدين عبد الفتاح، يجب فعلا أن نترحّم على أنور السادات الذي حوّل دكاترة الجامعات إلى محلات الأحذية (باتا) أو عمر أفندي أو مشروعات البيض والدواجن، فعلى الأقل كان الرجل يمتلك من خفة الدم شيئاً ما.
هذا هو حال الوطن، حينما تتحول لميس جابر إلى المنظّرة لعودة الحزب الوطني، ويكون هو المشكّل الرئيسي للبرلمان المقبل، مهما كانت النتائج. وكما قالت لميس، مؤمِّنة على كلامها لنفسها: (واللي عاوز يشرب من البحر مش هنورّيه الطريق). ومن المحتمل أن يكون أول خطيب لأول جمعة في هذا المجلس هو مرتضى منصور، وقد يخجل من هذا الشرف المفاجئ الذي دُفع إليه دفعاً من خلال الأعضاء على اختلاف مشاربهم، فيقدم الشيخ علي جمعة بدلاً منه، احتراما للعلم والتخصص. وحينئذٍ، سنتأكد وسط الضحك وطرافة الموقف وارتباكه المصطنع أن (الضرب كان في المليان)، مبنى ومعنى، قد ابتدأ فعليّا من ليلة 11 فبراير/شباط 2011.