سيطرة الحوثيين والأزمات المعيشية تهدّد الحكومة اليمنية الجديدة

05 نوفمبر 2014
الحكومة اليمنية الجديدة تحت حصار الأزمات المعيشية (فرانس برس)
+ الخط -

يترقب اليمن مولد الحكومة الجديدة خلال الأيام المقبلة، في إطار أوضاع اقتصادية ومعيشية متدهورة، لا سيما بعد تزايد الانفلات الأمني، وانهيار الجيش الوطني، وسيطرة حركة أنصار الله (الحوثيين) على العاصمة صنعاء والعديد من المحافظات ومفاصل الدولة.

ويواجه خالد محفوظ بحاح المكلف برئاسة الحكومة اليمنية منذ يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، صعوبة كبيرة، ليس فقط في كيفية تشكيل حكومته في ظل الصراعات المسلحة، ولكن أيضاً في مواجهة التدهور الذي أصاب معظم القطاعات الاقتصادية. وهدّد الحوثيون، الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بإعلان مجلس عسكري يدير البلاد إذا لم يعلن عن تشكيل الحكومة الجديدة خلال أسبوع.

وسيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، وتوسعوا بعد ذلك باتجاه المحافظات الوسطى، وأحكموا سيطرتهم على محافظة إب بشكل كامل، بداية الأسبوع الجاري.

تراجع الإيرادات

ويشهد اليمن أزمات حادة تحاصر اقتصاده الهش، منها تدني الإيرادات، حيث أشار تقرير للمصرف المركزي اليمني أول أمس، إلى أن الإيرادات من صادرات النفط الخام تراجعت بنحو 32.9% في أغسطس/آب لتصل إلى 1.2 مليار دولار، مقارنة مع 1.8 مليار في الفترة المقابلة من عام 2013. وعزا التقرير تراجع الإيرادات إلى تعطل

الإنتاج في أغسطس/آب، بفعل أعمال التخريب والتفجيرات التي تعرض لها أنبوب التصدير الرئيسي في محافظتي حضرموت ومأرب. وأضاف التقرير، أن تعطل الإنتاج أدى إلى انخفاض حصة الحكومة من الصادرات، وإجمالي إنتاج النفط بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب إلى 11.15 مليون برميل من 16.65 مليون في الفترة نفسها من العام السابق.

ويعتمد اليمن على صادرات النفط الخام لتمويل ما يصل إلى 70% من ميزانيته وهو منتج صغير للنفط. وتراجع إنتاجه لما بين 200 و250 ألف برميل يومياً، بعد أن كان يزيد على 400 ألف برميل يومياً في السنوات السابقة.

وأكد محللون اقتصاديون، أن الحكومة تستطيع زيادة الإيرادات من خلال حماية أنابيب النفط والغاز، وزيادة تحصيل الوعاء الضريبي "بدون زيادة نسبة الضريبة". وقال الخبير الاقتصادي عبد المجيد البطلي، لـ"العربي الجديد": "سيكون على الحكومة المقبلة مكافحة التهرب الجمركي والضريبي، بهدف توفير تمويل للنفقات وللبرنامج الاستثماري المتوقف منذ مطلع 2014 ، فالتهرب الضريبي والجمركي يكبد اليمن خسائر تتراوح ما بين 4 و8 مليارات دولار" .

حكومة التحديات

بحاح الذي شغل منصب مندوب اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، حث في كلمته بحفل تكريم وتوديع المنظمة له عقب صدور قرار تكليفه بتشكيل حكومة بلاده في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، المجتمع الدولي على تنسيق الجهود المشتركة، بهدف تغطية القصور في الالتزامات المالية لخطة المنظمة الدولية للاستجابة الإنسانية للعام الجاري، لتمكين الحكومة المرتقبة من تنفيذ البرامج الاجتماعية الرامية إلى معالجة آثار الفقر والبطالة في أوساط الشباب وحماية الفئات الاجتماعية الضعيفة.

ولفت إلى أهمية توفير المناخ الملائم لتعزيز الانتعاش الاقتصادي، من منطلق أن تحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية سيساهم في حل تعقيدات الوضع السياسي في اليمن.

وفور وصوله إلى مطار صنعاء يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول، أكد بحاح في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) على التحديات التي تواجه البلاد، وهو ما دفع الإعلام إلى إطلاق اسم "حكومة التحدي" على وزارته، وأشار إلى أهمية الوفاء بالتعهدات المالية المعلن عنها خلال اجتماعات أصدقاء اليمن، وتوفير الموارد اللازمة لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية.

وتعهد المانحون في مؤتمري الرياض ونيويورك عام 2012، بدفع 6.7 مليار دولار. ولم يتسلم اليمن من إجمالي تعهدات المانحين سوى 60% منها، بعد مضي عامين على الوعود.

الانفلات والإصلاحات

وأدت الاضطرابات الأمنية إلى زيادة الأزمات الاقتصادية، ومنها توقف الإيرادات بشكل كامل تقريباً من قطاع السياحة، إضافة إلى أن تخريب إمدادات الكهرباء يجعل من الصعب جداً على القطاع الخاص التوسع في أعماله التجارية أو الشروع في مشاريع واستثمارات جديدة.

وأوضح مستشار وزارة الصناعة اليمنية طه الفسيل، لـ"العربي الجديد"، أن التحدي الرئيسي هو الوضع الأمني، لأن الفوضى هي ما يقلق الناس ومجتمع الأعمال، ويؤدي إلى هروب رؤوس الأموال الأجنبية وحتى المحلية.

وقال الفسيل: "لا يمكن أن نتحدث عن الاقتصاد في غياب الأمن والاستقرار السياسي، وهذه هي المهمة الأولى للحكومة من أجل استعادة النشاط الاقتصادي".

وأكد نائب رئيس غرفة تجارة صنعاء محمد صلاح، لـ"العربي الجديد" أن الاستقرار الأمني من أهم ركائز النشاط الاستثماري، مشيراً إلى أن المعالجة الصحيحة لمختلف الاختلالات الأمنية والإدارية والتشريعية يتمثل في التوافق السياسي الذي يقود إلى الاستقرار، وبالتالي خلق بيئة مشجعة للاستثمار.

وتواجه الحكومة المقبلة تحدي مطالبات المانحين بإصلاحات مالية في ظل الأزمات التي تعاني منها البلاد، وأوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور محمد الميتمي، لـ"العربي الجديد"، أن ما يطرحه المانحون هو إصلاحات مالية عاجلة، وهي بطبيعتها تكون قصيرة الأجل، ويمكن التعامل معها في ظل أوضاع هشه مثل التي يمر بها اليمن في الوقت الراهن.

وقال الميتمي، "سيكون على الحكومة تعزيز العائدات المالية للدولة من خلال رفع القدرة الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي وإصلاح الكلفة النقدية، هذا ما تستطيع أن تقوم به الحكومة الجديدة، وهي نفس مطالب المانحين".

وحسب الميتمي، يتم تحصيل الإيرادات الضريبية وفق الأوعية المتاحة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوفاء المؤسسات العامة والمختلطة بالتزاماتها من الفائض، وتحصيل المتأخّرات من فواتير الكهرباء لدى المواطنين والجهات الحكومية والتي تقدر بـ100 مليار ريال يمني (465.1 مليون دولار) وسرعة تعميم نظام التحصيل المسبق الدفع.

ويمثل دعم الوقود جزءاً ضخماً من الإنفاق الحكومي، بالإضافة إلى كونه عبئاً على المالية العامة، حيث يبلغ 1.5 مليار دولار سنوياً، حسب الإحصائيات الحكومية، الأمر الذي دفع إلى زيادة أسعار البنزين والسولار في نهاية شهر يوليو/تموز الماضي ما بين 80 و120%، الأمر الذي أشعل غضب الشارع.

المساهمون