وأفاد الناشط محمد الصالح، لـ"العربي الجديد"، بأن "الاشتباكات تتركّز عند المدخل الجنوبي للمدينة، وفي حي النشوة، حيث شنّ عناصر التنظيم فجر أمس، الخميس، هجوماً من ثلاثة محاور: النشوة ودولاب عويص والليلية، ودارت اشتباكات عنيفة مع قوات النظام والمجموعات التي تساندها". وأضاف الصالح أن "طيران النظام نشط في قصف مواقع تنظيم الدولة في القسم الجنوبي من مدينة الحسكة"، مبيّناً أن "القصف جاء بالتزامن مع قصف مدفعي على حي النشوة".
وفي منطقة البانوراما أكدت مصادر محلية وقوع خسائر في صفوف الجانبين، في حين نشرت صفحات موالية للنظام على موقع "فيسبوك" صوراً للعميد، عصام زهر الدين، أحد أبرز قادة النظام العسكريين وهو يتفقد منطقة البانوراما.
وكان لافتاً وسط هذه المعارك حديث القائد العسكري لقوات النظام في الحسكة، اللواء محمد خضور، لقناة تلفزيونية موالية، واعترافه بمشاركة عناصر من مليشيات "الحشد الشعبي" العراقي إلى جانب قوّات النظام، في القتال ضد "داعش" في الحسكة.
وفي معرض شكره للقوات التي تقاتل التنظيم، قال خضور في حديثه لقناة "سما" الموالية، إن "إحباط الهجوم تمّ بفضل عناصر الجيش والمغاوير والدفاع الوطني"، ثم وجه شكره "الخالص" إلى مليشيا "الحشد الشعبي"، التي انضمّت إلى المعارك لمؤازرة النظام في حي غويران.
اقرأ أيضاً: تواصل المعارك داخل الحسكة والنظام يَحلّ "الدفاع الوطني"
ويُعدّ الهجوم الرابع من نوعه للتنظيم على الحسكة منذ نهاية شهر مايو/أيار الماضي، وتمكن في الهجوم الثالث من السيطرة على سجن الأحداث وشركة الكهرباء وقرية الداوودية ومناطق أخرى في جنوب المدينة، قبل أن تجبره قوات النظام والمسلحون الموالون لها على التراجع.
وأسفرت هذه الهجمات بحسب إحصائيات "المركز السوري لحقوق الإنسان" عن مقتل 71 عنصراً على الأقلّ من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم قائد "كتائب البعث" في الحسكة، بالإضافة إلى مقتل 48 عنصراً من "داعش". كما قُتل 43 شخصاً من التنظيم وعائلاتهم، جراء قصف للطيران الحربي استهدف مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي في نهاية شهر مايو/أيار.
من جهتها، عمدت "وحدات حماية الشعب" الكردية التي دخلت القتال إلى جانب النظام في بعض المناطق، إلى منع دخول المواطنين العرب إلى حيي العزيزية والطلائع، بدعوى "الحرص على سلامتهم". وأفاد ناشطون بأن "وحدات حماية الشعب" فرضت أيضاً حظر تجوّل ليلاً ونهاراً. وتقوم باعتقال كل شخص في الشارع واقتياده إلى مراكز تابعة لها، وذلك خلافاً لبقية الأحياء التي شهدت عودة جزئية للأهالي.
واتهم ناشطون الوحدات بممارسة "سياسة التهجير القسري" ضد القرى العربية في الحسكة، بعد قصفها قريتي الخربطة والمثاليث بقذائف الهاون، داعية أهلها إلى مغادرتها خلال ثلاث ساعات فقط. مع العلم بأن القريتين خاليتان من أي وجود لـ"داعش" أو أي فصيل مسلّح، وفقاً للأهالي.
وبعد الاشتباكات الأخيرة، شهدت محافظة الحسكة نزوحاً واسعاً للمدنيين نحو مركز المدينة والقامشلي والمناطق الريفية الآمنة. وقال ناشطون إن "الأهالي في النشوة والنشوة فيلات وغويران والمباني السكنيّة القريبة من جسر النشوة حتّى شارع القضاة والمحطّة، نزحوا عن مناطقهم".
وتتزامن هذه التطورات مع بعض التحركات في العلاقات الملتبسة بين قوات النظام ومليشيا "وحدات الحماية" التي كانت قد وضعت شروطاً على النظام، لدخول المعارك بقوة إلى جانبه ضد "داعش"، مثل استلام جبل كوكب وأسلحة الفوج (123) الثقيلة الموجودة فيه، وأن تبقى الدوائر الحكومية فقط تحت سيطرة النظام في المدينة، فيما تكون قوات الحماية الكردية هي صاحبة القيادة العسكرية الوحيدة بالمنطقة، بالإضافة إلى مصادرة الأسلحة الثقيلة من المليشيات التابعة للنظام، مثل جيش الصناديد والدفاع الوطني التابعة لمحمد فارس.
وبالفعل، أكد ناشطون إعلاميون من الحسكة لـ"العربي الجديد" أن "النظام قام بحلّ الدفاع الوطني، استجابة لأحد شروط وحدات الحماية، كي تقبل بمساندة النظام في معاركه مع داعش". وأكد الناشط الإعلامي سامر الحسكاوي لـ"العربي الجديد" صدور أمر الحل من الحاكم العسكري، اللواء محمد خضور، بحجة أن "بعض عناصر الدفاع الوطني خونة وسهّلوا دخول (داعش) إلى المدينة، وأبقى على من له ثقة بهم من عناصر وقيادات، وضمّهم إلى ما يُسمّى قوات المغاوير".
ورجّح الحسكاوي أن "الحلّ جاء تلبية لطلب المليشيات الكردية، لأن عناصر الدفاع الوطني هم من العشائر العربية التي تناصب الوحدات الكردية العداء، ولا يمكنهما القتال معاً على الجبهات". لكن النظام استبق حلّ "الدفاع الوطني"، بتأسيس "لواء درع الجزيرة السورية"، في محافظة الحسكة. ودعا شيوخ القبائل العربية إلى تجهيز خطة ميدانية شاملة لمواجهة "داعش" و"سياسة التطهير العرقي" التي يقوم بها الأكراد في المدينة.
ويتكوّن "درع الجزيرة" من عناصر في الدفاع الوطني وشبيحة النظام وحزب البعث ومستشارين إيرانيين، دخلوا على الخط بعد زيارة رئيس الحكومة السورية، وائل الحلقي، ورئيس الاستخبارات السورية السابق، اللواء علي المملوك، إلى القامشلي، قبل أكثر من أسبوعين.
وجاء قرار الحل بعد يوم واحد من زيارة وزير الدفاع في نظام الأسد، العماد فهد جاسم الفريج، لمدينة الحسكة، والتقى بعدها قيادات في حزب "الاتحاد الديمقراطي" في مدينة القامشلي. وقال ناشط محلي في المدينة لوكالة "الأناضول"، إن "الفريج وصل إلى الحسكة على رأس وفد ضم عناصر من الاستخبارات السورية والتقى وفد الحزب الكردي في القامشلي". وأضاف الناشط أن "الاتحاد الديمقراطي طلب من الفريج تسليم جميع أسلحة قوات النظام الموجودة في الفوج 123 بالحسكة"، ولم يُعرف بعد رد النظام على الطلب.
وفي إطار هذه الاحتكاكات بين الجانبين، سيطرت المليشيا الكردية الخميس على مستشفى "الكلمة" بالقرب من دوار "كازية مرشو" وسط مدينة الحسكة، وذلك بعد أن طردت عناصر النظام وصادرت أسلحتهم. وتتقاسم قوات النظام و"وحدات حماية الشعب" الكردية السيطرة على مدينة الحسكة، فيما يسيطر "داعش" على مناطق واسعة في ريفها. وتتمركز "وحدات الحماية" في الأحياء الشمالية والغربية من المدينة ومحيطها.
اقرأ أيضاً: "داعش" يتراجع في الحسكة.. وعناصر النظام تنهب المنازل