08 نوفمبر 2024
سورية الأفغانية
منذ الأشهر الأولى لاندلاع الثورة السورية، راج الحديث عن التدخل الغربي المباشر وغير المباشر في الوضع السوري. حديث كان النظام وأنصاره من أكثر مروجيه، بل دفعوا لكي يصبح حقيقة عبر فتح الأبواب لجميع أنواع الدعم الخارجي، بداية للنظام نفسه، قبل أن يصل أي شكل من السند للمعارضين، معنوياً أو مادياً. تطورت المسائل لاحقاً، لتصبح الأرض السورية مقصداً لكل راغب في القتال من الطرفين. كانت الأمور مبادرات فردية، ثم توسعت إلى عملية دولية منظمة، لعل آخرها الدخول الروسي المباشر على خط المعارك.
الروس ليسوا أوائل الوافدين الرسميين على الساحة السورية، بل هم يسيرون على الهدي الإيراني الذي لم ينتظر كثيراً لمساندة نظام بشار الأسد. مساندة أخذت أكثر من شكل، عبر إرسال مقاتلي حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي والهزارا الأفغان، وهو ما كان في البداية، قبل الدخول الصريح لمقاتلي الحرس الثوري ومدربيه الذين باتت لهم مراكز على الأرض. مثل هذا الكلام لا يعني أن الطرف السوري المعارض لا يحظى بدعم خارجي. الدعم الدولي للمعارضة موجود، وكان في مراحل عدة مرتبطاً بالتسليح، أو تقطير هذا التسليح، غير أنه لم يصل، في أي مرحلة، إلى حدود التدخل المباشر، لا من القوات التركية، ولا من غيرها من الدول الغربية التي تدعم، من بعيد، مطالب إسقاط الأسد.
منذ انطلاق هذه التدخلات، الموالية والمعارضة، حيكت سيناريوهات كثيرة للأزمة السورية، وتسميات كثيرة خرجت للعلن؛ باعتبارها مآل ما ستذهب إليه الأمور في بلاد الشام، منها "المنطقة الآمنة أو الخالية" و"الدولة العلوية" أو "دولة الساحل". وأخيراً دار الكلام حول ما يسمى "سورية المفيدة" أو "سورية المجدية"، وهو ما قيل إن روسيا وإيران تعملان على ترسيخه على الأرض، شكلاً مرتقباً لما يتبقى من الدولة السورية. لكن، مع التطورات الجديدة، وخصوصاً احتمالات الانغماس الروسي أكثر وأكثر في المعارك، وهو ما ألمح إليه الكرملين بناء على تلويح من وزير الخارجية السوري وليد المعلم، فإن تسمية أخرى يمكن أن تطلق على سيناريو ما يحدث حالياً، إذ إن التطورات قد تقود إلى "سورية الأفغانية".
مثل هذا السيناريو بدأ منذ زمن، خصوصاً بعد تحوّل سورية إلى مغناطيس جاذب لـ "الجهاديين" الراغبين في مقاتلة نظام الأسد، وغيره من أنظمة المنطقة التي يرونها "كافرة". الأيادي الغربية والإقليمية، سواء داعمة أو معارضة للنظام السوري، لم تكن بعيدة عن التأسيس لهذا الجذب، كل لأغراضه الخاصة، غير أن الوجود الروسي المباشر والصريح لا شك سيعيد إلى الأذهان مرحلة الحرب الأفغانية في ثمانينيات القرن الماضي، في ذروة الحرب الباردة التي ظن الجميع أنها انتهت مع انهيار الاتحاد السوفييتي. لكن، يبدو أن مرحلة حرب باردة جديدة في الأفق، ومن الجلي أن ميادينها متنوعة وموزعة، كما كانت الأمور في السابق، وسورية واحدة من هذه الميادين التي ستشتد ضراوة المواجهة فيها.
المواجهة، وعلى غرار ما كانت عليه الأمور في أفغانستان سابقاً، ستكون بالوكالة: مقاتلون محليون أو "جهاديون" يحاربون الجنود الروس الموجودين على الأرض وحلفاءهم المحليين، بدعم مباشر حينها من الولايات المتحدة وحلفائها. الأرضية مهيأة تماماً لتكرار الأمر والوقوف في وجه الدخول الروسي. "الجهاديون" والمقاتلون المحليون موجودون، والدعم الغربي الذي كان شحيحاً قد يزيد مع كل تمدّد إضافي لموسكو في الميدان السوري.
هو سيناريو افتراضي، لكنه لا يحتاج إلى الكثير، ليتحول إلى واقع، لتضاف صفة جديدة إلى الحرب السورية، المفتوحة لاحقاً على مزيد من التسميات والصفات.
منذ انطلاق هذه التدخلات، الموالية والمعارضة، حيكت سيناريوهات كثيرة للأزمة السورية، وتسميات كثيرة خرجت للعلن؛ باعتبارها مآل ما ستذهب إليه الأمور في بلاد الشام، منها "المنطقة الآمنة أو الخالية" و"الدولة العلوية" أو "دولة الساحل". وأخيراً دار الكلام حول ما يسمى "سورية المفيدة" أو "سورية المجدية"، وهو ما قيل إن روسيا وإيران تعملان على ترسيخه على الأرض، شكلاً مرتقباً لما يتبقى من الدولة السورية. لكن، مع التطورات الجديدة، وخصوصاً احتمالات الانغماس الروسي أكثر وأكثر في المعارك، وهو ما ألمح إليه الكرملين بناء على تلويح من وزير الخارجية السوري وليد المعلم، فإن تسمية أخرى يمكن أن تطلق على سيناريو ما يحدث حالياً، إذ إن التطورات قد تقود إلى "سورية الأفغانية".
مثل هذا السيناريو بدأ منذ زمن، خصوصاً بعد تحوّل سورية إلى مغناطيس جاذب لـ "الجهاديين" الراغبين في مقاتلة نظام الأسد، وغيره من أنظمة المنطقة التي يرونها "كافرة". الأيادي الغربية والإقليمية، سواء داعمة أو معارضة للنظام السوري، لم تكن بعيدة عن التأسيس لهذا الجذب، كل لأغراضه الخاصة، غير أن الوجود الروسي المباشر والصريح لا شك سيعيد إلى الأذهان مرحلة الحرب الأفغانية في ثمانينيات القرن الماضي، في ذروة الحرب الباردة التي ظن الجميع أنها انتهت مع انهيار الاتحاد السوفييتي. لكن، يبدو أن مرحلة حرب باردة جديدة في الأفق، ومن الجلي أن ميادينها متنوعة وموزعة، كما كانت الأمور في السابق، وسورية واحدة من هذه الميادين التي ستشتد ضراوة المواجهة فيها.
المواجهة، وعلى غرار ما كانت عليه الأمور في أفغانستان سابقاً، ستكون بالوكالة: مقاتلون محليون أو "جهاديون" يحاربون الجنود الروس الموجودين على الأرض وحلفاءهم المحليين، بدعم مباشر حينها من الولايات المتحدة وحلفائها. الأرضية مهيأة تماماً لتكرار الأمر والوقوف في وجه الدخول الروسي. "الجهاديون" والمقاتلون المحليون موجودون، والدعم الغربي الذي كان شحيحاً قد يزيد مع كل تمدّد إضافي لموسكو في الميدان السوري.
هو سيناريو افتراضي، لكنه لا يحتاج إلى الكثير، ليتحول إلى واقع، لتضاف صفة جديدة إلى الحرب السورية، المفتوحة لاحقاً على مزيد من التسميات والصفات.