سورية.. أزمة ذهنية لا أزمة وجوه

12 أكتوبر 2014
نظام الأسد يحاول ترميم وجهه من خلال إقالة الحكومة(الأناضول/getty)
+ الخط -
يحاول نظام بشار الأسد استمالة من تبقى من السوريين في الداخل، عبر تغيير متوقع لمديري الشركات الحكومية وإجراء تعديل وزاري على حكومة وائل الحلقي التي تشكلت منذ نحو شهرين علّه يمتص فائض الاحتقان الشعبي الذي تزايد أخيراً بعد رفع أسعار المشتقات النفطية "مازوت وبنزين" وعدم الإيفاء بوعود زيادة الرواتب والأجور التي أعلنتها وزارة المال قبل ثلاثة أشهر.

وبعد تبديد كل الاحتياطي النقدي المقدر قبل الثورة بنحو 18 مليار دولار ووصول الدين الخارجي لنحو 11 ملياراً وزيادة الخسائر الاقتصادية التي ألحقها الأسد بسورية، إثر حربه على الشعب والثورة 200 مليار دولار.

ثمة أسئلة بمثابة المنطلقات هنا، لعل أهمها: هل سيمتص الأسد فائض غضب السوريين بعد أن بات الخبز ضمن كمالياتهم إثر رفع سعره أخيراً بنسبة 66 % ووصول نسبة الفقر لنحو 60%، في حين يشاهدون ملايين الدولارات تصرف يومياً ثمن أسلحة لقتل أبناء جلدتهم وأثمان طائرات استوردوها بحجة "التوازن الاستراتيجي" ومحاربة العدو الصهيوني، وهي تتساقط على يد الثوار والجيش الحر.

أم ربما جنت على نفسها براقش، وفتحت حكومة وائل الحلقي باب الاحتجاجات لمن أيد النظام الأسدي، ليثور بعد رفع سعر المازوت وبدء ارتفاع معظم الأسعار المرتبطة بهذه السلعة التحريضية، ليسقط الأسد من بوابة الاقتصاد الذي يئن جراء السياسة الثأرية التي أوصلت نسبة التضخم بعملتهم لأكثر من 175 بالمئة ؟!.

أما السؤال الثاني، أيمكن لبشار الأسد أن يأتي ببعض ما يسمى مجازاً "معارضة وطنية" فيزج بهم في المفاصل والإدارات والوزارات، ليضرب عصفورين بحجر واحد.
الأول أن استرضى بعض المعارضين وأرسل رسالة للخارج أن وعيه بدأ يعود له في مؤشر للتخلي لاحقاً عن السلطة، أما العصفور الثاني فأظنه في زج ما يسمى معارضة داخلية في وحل الخسائر والتهالك الذي يعيشه الاقتصاد السوري، ليحمله ولو جزءاً من المسؤولية ويعيد بعض توازن وسمعة لفريقه البعثي.

قصارى القول: بدأت بعض الأبواق الإعلامية التي تدور في فلك الرئيس السوري بالترويج لتغيير كبير سيطال المديرين والمحافظين والحكومة، وأن شعار المرحلة المقلة هو محاربة الفساد ووضع الرجل المناسب بالمكان المناسب.

حقيقة الأمر، طروحات كهذه، ليس لم تعد تطرب السوريين الذين صدقوا يوماً، وأثناء الرخاء، نظام الأسد الابن حين طرح شعار التطوير والتحديث، والذي تبلورت جراءه طبقة برجوازية الجيش والبعث وأولاد المسؤولين، بل غدا هذا الطرح مضحكاً وإن وراء الأبواب الموصدة.

نهاية القول: عدا أن الوقت لم يعد ليسعف وريث الحكم في دمشق، وفضلاً عن مدى استجابة السوريين لأضاليل كهذه، ثمة إجماع على أن العلة في سورية تكمن في ذهنية التسلط والاستبداد، الذهنية التي تنظر لسورية وثرواتها على أنها مزرعة وكل من فيها وعليها أجراء، ما يعني نهايةً أن التغيير يجب أن يبدأ من رأس النظام الذي كرس تلك الذهنية، لأنه كما يقال... يتم تنظيف الدرج من الأعلى دائماً.
المساهمون