يحاصر الفقر العاصمة السورية دمشق، ويفرض على سكانها ظروفا شديدة القسوة، فالخيارات المتاحة أمامهم لمواجهة فيروس كورونا محدودة في ظل الأزمة المعيشية التي تدفع عشرات الآلاف للتوجه إلى العمل لتوفير لقمة العيش، فتزدحم المواصلات العامة بالناس، ويقفون في طوابير أمام أفران الخبز بالمخالفة لكل الإجراءات الوقائية.
وقال الأربعيني الدمشقي عامر، لـ"العربي الجديد"، إن "التزام أهالي دمشق بأساليب الوقاية كان جيدا، لكن مع تخفيف الإجراءات، وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة تراجع الالتزام، فالناس بحاجة إلى العمل لتأمين الدخل، والعمل يتطلب الخروج من المنزل، ولم يقدم النظام أي مبادرات لتشجيع الأهالي على مواجهة كورونا، بل على العكس هناك تجاهل ومحاولة تعتيم على تفشي الفيروس، وصولا إلى المتاجرة بمسحة الكشف عن الفيروس، وفي الأصل غالبية الأهالي معدمون، ومجبرون على العمل حتى لو كان الموت يهددهم، والنظام يدرك هذا".
ويعيش أهالي دمشق خطرا دائما، فالقسم الأعظم منهم مجبر على الوقوف صباحا أمام الأفران ضمن طوابير للحصول على الخبز، ثم الوقوف في طوابير المحال التي توفر المواد الغذائية بسعر أرخص، وبعدها التزاحم في حافلات النقل الداخلي، متجاهلين كل تدابير الوقاية من كورونا.
بدورها، أوضحت الطبيبة السورية خولة لـ"العربي الجديد"، أنها أصيبت قبل فترة بفيروس كورونا خلال عملها في أحد مشافي دمشق، ما تسبب بنقل الفيروس إلى أولادها وزوجها الطبيب أيضا، وقالت: "مرضت بشدة، وكذلك زوجي واعتمدنا على عزل أنفسنا في المنزل، وكطبيبة أنصح دائما الأهالي بالوقاية قدر المستطاع، وأن التعافي ليس بالأمر الصعب، وإنما يحتاج إلى الصبر وتحمل فترة العزلة".
وتابعت: "مشافي دمشق باتت عاجزة، وهناك محاولات تهرب في الكثير منها من استقبال مصابي فيروس كورونا، والهيئات الصحية تتجاهل الواقع الصعب للأهالي، وأفضل ما يمكن للأهالي القيام به هو حماية أنفسهم، فالبنية التحتية في مشافي دمشق سيئة، وتحولت بعضها إلى بؤر للتفشي، وبالأصل غادر عدد كبير من الأطباء سورية خلال السنوات الماضية، كما أنه ليس هناك أجهزة تنفس كافية".
وقال مصدر من دمشق، لـ"العربي الجديد"، إن النظام السوري يتجاهل منذ شهرين القيام بأية إجراءات للحد من انتشار كورونا في العاصمة، كما لم يقدم أي مساعدات للأهالي، ولم يقم بأية خطوات في مجال عزل المصابين، متجاهلا أن كثيرا من المساكن في الأحياء الشعبية غير صحية، وسكانها معرضون للأمراض بشكل دائم، ما يجعلهم عرضة أكثر للإصابة بالفيروس، كما لا تعمل وزارة الصحة على توعية الناس بكيفية التعامل مع الفيروس، ومدى خطورته.
وتتصدر العاصمة السورية قائمة الإصابات بفيروس كورونا بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في حكومة النظام، ويبلغ عدد الإصابات فيها 291، تليها محافظة ريف دمشق بعدد إصابات بلغ 81، في حين سجلت حلب 40 إصابة، والقنيطرة 14 إصابة، واللاذقية 28 إصابة، وحمص 14 إصابة، بينما سجلت السويداء 13 إصابة، ودرعا 15 إصابة، وسجلت 9 إصابات في كل من حماة وطرطوس، ليكون مجموع الإصابات في عموم سورية 509 حتى يوم أمس الأحد.