سفيان سي مرابط... أسئلة الهويّة والحنين إلى الماضي

08 يوليو 2019
بدأ سفيان بالتركيز على مفهوم النوستالجيا منذ الطفولة (فيسبوك)
+ الخط -
عندما انطلق المصمم الفرنسي من أصول جزائريَّة، سفيان سي مرابط، بمشروعه "العربي الحائر" The confused ،Arab طرح تساؤلات كثيرة حول الهويات العربية، إذْ شدد دوماً على تعدُّد هذه الهويات، لأنَّه لا يعتقد بوجود هوية عربية واحدة فقط. أما الفكرة الأساسية التي انطلق بها في مشروعه، فقد كانت حول الحنين إلى الماضي، والمشاعر المرافقة التي تخالجنا كعرب دوماً، عندما نعود إلى الماضي. يقول في ذلك لـ"العربي الجديد": "أحاول أن أظهر من خلال عملي أن النوستالجيا ليست في الواقع مسألة إيجابية أو سلبية، بل قد تتخذ المنحيين معاً، بحسب ما نختار منهما في عملية التذكر، إذ إنّ هذا الخيار مرتبط بما نريد أن نتذكّره كمجتمع".

إلا أن مرابط لا يركز على مفهوم النوستالجيا عن طريق الصدفة، بل ثمة ما كان يدفعه في هذا الاتجاه من طفولته. فكونه جزائرياً فرنسياً ولد في فرنسا، ولم يعش في الجزائر، وعلى الرغم من ذلك، بحسب قوله، عاش طوال حياته في فرنسا في كنف عائلة حافظت على العادات والتقاليد الجزائرية في نمط حياتها بمختلف تفاصيلها. يقول: "لم أشعر يوماً في منزلنا بأني أعيش في فرنسا. فما إن كنت أدخل إلى المنزل، حتى أجد نفسي في الجزائر في كافة التفاصيل المحيطة. وهذا ما حرصت عليه عائلتي دوماً. ولدت في عام 1981، وكنت في سن 12 سنة لما بدأت الحرب في الجزائر. كانت تلك الحقبة، سواء بالنسبة للجزائر أو للعرب عامةً، سلبية جداً وكنت أشعر بذلك، وكنا نواجه العنصرية في فرنسا إلى حد ما، إضافة إلى صعوبات كثيرة. شيئاً فشيئاً، بدأت أرفض النظرة الأوروبية التنميطيَّة التي تصنفنا كلنا وكأننا إرهابيّون. وينطبق ذلك على العرب كافة، خصوصاً بعد أحداث 11 أيلول. ومن الطبيعي أن يؤثر ذلك فينا كلنا لاعتبار أن هذه النظرة تشملنا كلنا، وكأننا واحد على الرغم من تعددنا. ومما لا شك فيه أنه لا بد لنا أن نظهر هذه التعددية التي تميزنا".

منذ طفولته، عشق سفيان كل ما له علاقة بالموضة، وما هو جديد، إذ ينظر باتجاه المستقبل، لكنه يعرف جيداً أن كل من لا يحفظ تلك الصلة بالتاريخ وبالماضي ويتمسك بها، سيعيش في الفراغ مهما فعل. يضيف: "على الرغم من عملي لمدة 12 سنة مع علامات عالمية فاخرة تعنى بالموضة والرفاهية والتجدد والتطور، بقي التاريخ وقصة الدار التي أعمل معها أو أي دار في المجال أساسيين لي. أشعر أن التاريخ يبقى أساسياً للاستمرارية في كل المجالات، ولولا تمسكنا به لا يمكن أن نتطور". لا يعتبر مرابط نفسه فناناً، على الرغم من كونه يقدم فناً. كما أنه لا يسعى إلى نيل إعجاب الناس فيما يقدم، فهذا ليس هدفه، بل إن الهدف الأساسي له، هو تحفيز الناس على طرح الأسئلة حول ما يرونه من حولهم أمام العمل الذي يقدمه، وإن كان لا يملك الجواب أحياناً. الفكرة الأهم هي بطرح الأسئلة، بغض النظر عما إذا كان الجواب موجوداً أو لا.

أمّا عن مشروعه في بيروت فيقول سفيان: "البطاقات البريدية أصبحت نادرة، والتي تعتبر في البلاد العربية في غاية البساطة من حيث التصميم. كانت لي أسفار كثيرة، وقد لاحظت أن هذه البطاقات لم تعد معتمدة كثيراً، وأنها كانت تقدم غالباً في معالم سياحية، وكان تصميمها في بلادنا متشابهاً عامةً على مر السنوات. انطلاقاً من ذلك، أردت أن أقدم هنا بطاقات بريدية لـ9 دول عربية عاشت حروباً في المراحل السابقة. ولكن المفاجئ في الأمر، هو أنَّ البطاقات لم تحمل يوماً آثار هذه الحروب. لذلك قدمت في أسبوع التصميم في بيروت 2019 بطاقات بريدية لـ9 مدن عربية شهدت حروباً، وتعمدت أن أضع فيها صوراً تحمل آثار هذه الحروب. كما تعمدت ترك خانة بيضاء لأفسح المجال لكل شخص أن يعبر فيه بحرية عن نظرته إلى المستقبل".
دلالات
المساهمون