شأنه شأن سواه من الأطفال، يحب سفيان الحياة واللعب ويحلم ببيت يحميه وبمستقبل لائق. لكن المآسي تلاحق هذا الطفل الفلسطيني البالغ من العمر عشر سنوات، الذي ولد لاجئاً في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سورية بعدما كان أجداده قد لجأوا إليه قبل عقود. بفعل الحرب الدائرة في سورية، لجأ إلى لبنان ليعيش مع أهله في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين. لكن بيتهم المتواضع المؤلف من غرفة صغيرة وحمام ومطبخ، تضرّر بطريقة شبه كليّة أثناء اشتباكات أمنية وقعت أخيراً في المخيم. هكذا أصبحت العائلة من جديد من دون مأوى، في انتظار دفع التعويضات لترميم البيت.
يخبر سفيان أنه "قبل ثلاثة أعوام، عندما كنت لا أزال في السابعة من عمري ولم أكن أفهم كثيراً ما يدور من حولي، اشتدت المعارك في سورية وأيضاً القصف على مخيم اليرموك. وخوفاً من أن نموت من جرّاء قذيفة قد تسقط علينا، تركنا سورية ولجأنا إلى لبنان وسكنا في مخيم عين الحلوة". يضيف: "كنت أتمنى الذهاب إلى المدرسة مثل باقي الأطفال، وكنت أتمنى أن أتابع تعليمي. لكن ظروفنا المادية صعبة جداً، إذ والدي لا يستطيع العمل لأن ما من فرص وأخي الذي يكبرني سناً لا يستطيع العمل لأنه مريض".
في البداية، كانت العائلة تعيش على ما تقدمه لها الجمعيات الخيرية والمؤسسات ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). لكن ذلك لم يكن كافياً، "لأنه كان محصوراً بتقديمات محددة، ونحن بحاجة إلى أمور أخرى. توقفت بعض المساعدات، لذلك لم أتمكن من دخول المدرسة وفضلت العمل في متجر في المخيم لبيع التبغ. وتعلمت أيضاً أن أقود الدراجة النارية، حتى أوزع على المحلات الصغيرة التنباك والسجائر. هكذا أحصل على مدخول قد يساعد أهلي في مصروف البيت". ويشير إلى أنه لا يخاف من ركوب الدراجة النارية، "فقد تعودت عليها وصرت أحبها".
إلى ذلك، يروي أن "خلال الأحداث الأخيرة التي وقعت في مخيم عين الحلوة، طاولت القذائف منزلنا ودمرته وقضت النيران على كل محتوياته. حتى الجدران احترقت. حينها، لم نكن في البيت. لو كنا، لمتنا جميعاً بداخله".
أما عن أحلامه الصغيرة، فيقول سفيان: "كنت أتمنى أن أبقى في سورية وفي منزلنا، وأن أذهب إلى المدرسة وأتعلم. لكن الحرب حرمتني من ذلك". الحرب حرمته من كل شيء تقريباً، وبدلاً من أن يحمل حقيبته المدرسية، صار يحمل البضائع ويوزّعها على المحلات حتى يتمكن من مساعدة عائلته في تغطية المصاريف.
اقرأ أيضاً: آمنة التي لم تنجب ذكوراً