سرطان الثدي إلى تفاقم في غزة

22 أكتوبر 2015
التمارين تساعد النساء على تخطّي آلامهنّ (إيمان عبد الكريم)
+ الخط -

بعد ستة أشهر من العلاج الكيميائي، ما زالت سعاد (38 عاماً) تظنّ أنها تحلم وأنها سوف تصحو من كابوسها قريباً. قبل سنة، اكتشفت سعاد كتلة في ثديها، من دون أن يخطر في بالها أن الأمر سوف يكون بهذا السوء. رافقتها أختها حنين الأصغر سناً لإجراء الفحوصات لدى طبيب متخصص في الأورام، طلب منها أخذ عيّنة من الورم لتحليلها. تبيّن أنها مصابة بسرطان الثدي، وقرر الطبيب على الفور استئصاله، فبقيت على مدى ثلاثة أيام لا تقوى على التحدث إلى أحد. وفي اليوم الثالث، انفجرت بكاءً حين احتضنتها والدتها.

تخبر سعاد: "عانيت من العلاج الكيميائي وخسرت شعري، قبل أن يستأصل الثدي. كان الجميع يخبرني بأنني جميلة على الرغم من فقداني جزءاً من جسدي. حاولت مراراً النظر إلى نفسي في المرآة، لكنني لم أستطع تقبل شكل جسدي وقد فقدت شيئاً منه". وأتت صدمتها كبيرة. كانت تلك الصدمة الأولى في العائلة، لكنها لم تكن الأخيرة. بعد شهرين فقط من استئصال سعاد لثديها، سافرت حنين إلى مصر لعلاج عينها. قصدت أحد مراكز الأورام في القاهرة لتحدثهم عن حالة أختها، ولتحمل معها بعض أنواع الأدوية غير المتوفرة في القطاع. وبعد شعورها بألم شديد في صدرها، أجرت فحوصات لتكتشف المرض نفسه لديها. تقول: "لم أكن قد أفقت من حزني على أختي. عندما كنت أحصل على جرعات العلاج الكيميائي، كنت أحاول تبسيط الأمر بالنسبة إليها. لكن إصابتي أتت كأكبر صدمات حياتي، ورحت أتساءل كيف كانت تتحمل كل هذا".

وبدأت العلاج. في البداية، كانت الجرعات مرة كل أسبوعين، لتتحول إلى جرعة واحدة كل ثلاثة أسابيع. وعلى الرغم من أن الطبيب أخبرها بأنها سوف تشفى، ولن تضطر إلى استئصال ثديها لأن المرض اكتشف في بدايته، إلا أن الألم راح يعتصرها. وكانت تتساءل: كيف لي أن أعود وأخبر والدتي أنني وأختي نشرب من الكأس نفسها. واليوم، ما زالت حنين تنتظر فتح معبر رفح الحدودي للعودة إلى غزة وملاقاة والدتها وأختها وبقية أفراد عائلتها، وإخبارهم بمصيبتها.

وتعاني المصابات بسرطان الثدي في غزة من مشكلات عديدة، أبرزها النقص الحاد في أدوية السرطان، بالإضافة إلى فقدان العديد من الأدوية المساعدة، وعدم توفر جهاز العلاج الإشعاعي. ويترتّب على ذلك مخاطر كثيرة من جراء تأخّر المريضات في تلقي جرعاتهن العلاجية، ووقف بروتوكولات علاجية عديدة لفترات طويلة. كذلك، فإن تحويل المرضى لتلقي العلاج خارج القطاع، إما يُقابل بالرفض أو يتأخر وتعطى مواعيد بعيدة، إلى جانب معاناة السفر والتنقل.

إلى ذلك، في خلال أكتوبر/تشرين الأول الشهر العالمي لسرطان الثدي الذي يهدف إلى التضامن مع المصابات والتوعية حول أهمية الكشف المبكر، تنظم في غزة حملات توعية وسط تسجيل ارتفاع في معدلات الإصابة بالمرض، وفي حين أصبح السرطان المسبب الثاني للوفاة بعد أمراض القلب والأوعية الدموية في فلسطين.
للعام السادس على التوالي، أخذ "برنامج العون والأمل لرعاية مرضى السرطان" على عاتقه مسؤولية التوعية حول المرض، وأتت حملاته تحت شعار "غزة بلون وردي، أكتوبر الوردي، فحصك الآن يعني الأمان". يُذكر أن البرنامج نجح بدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية بأطول شعار للتوعية حول سرطان الثدي حول العالم. تقول مديرة البرنامج إيمان شنن لـ "العربي الجديد" إن "نسبة مرضى السرطان المسجلين في ارتفاع متزايد. ويسجل في المركز 10 حالات سرطان جديدة أسبوعياً، ونحن ننظر بقلق شديد إلى تزايد أعداد المرضى وتدني ظروف معيشتهم، بالإضافة إلى النقص الحاد في الأدوية".

ويقدّم المركز خدماته لنحو ثلاثة آلاف و750 مريضاً، معظمهم من النساء المصابات بسرطان الثدي. وتوضح شنن أن أكثر الحالات الجديدة المسجلة موزعة بين سرطان الثدي لدى الإناث، وسرطان الدم لدى الأطفال، وسرطان الغدد اللمفاوية لدى الذكور. وتشير إلى أنه ووفقاً لتصريحات رئيس قسم الأورام في مجمع الشفاء الطبي الدكتور خالد ثابت، "تسجّل نحو 70 حالة سرطان جديدة شهرياً. وفي يوليو 2015 شُخّص ما يزيد على 130 حالة سرطان جديدة في قطاع غزة". وتعبّر شنن عن قلقها الشديد من هذه الأرقام، إذ إن البرنامج لا يسجل كل الحالات في قطاع غزة.

وتشرح شنن أن "سرطان الثدي يأتي في المرتبة الأولى للأمراض السرطانية التي تصيب الإناث، وفقاً لعدد الحالات المبلغ عنها في عام 2014. وقد بلغت نسبتها 42% من مجموع حالات السرطان المبلغ عنها في عام 2014. كذلك، بلغت نسبة الزيادة في الحالات المبلغ عنها في فلسطين هذا العام 25% مقارنة مع العام الماضي، وبلغ معدل حدوث الإصابة بمرض السرطان في فلسطين 80.3 لكل 100 ألف حالة".
وتدعو شنن المجتمع المحلي إلى الاستمرار في التضامن مع مرضى السرطان ودعمهم نفسياً ومعنوياً ومادياً، بالإضافة إلى تكثيف الحملات الإعلامية لتسليط الضوء على المرض والمخاطر. كذلك تدعو القطاع الخاص إلى تبني مبادرات لدعم مرضى السرطان.

اقرأ أيضاً: الرجال أيضاً يصابون بسرطان الثدي
المساهمون