طرأ تطوّر على ملف السجناء اللبنانيين في سورية، بعدما كشف رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أنّه "نتيجة اتصال أولي مع صديق في اسطنبول تبين أن بطرس خوند وأربعة لبنانيين آخرين أصبحوا بيد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)"، مشيراً إلى أنه وضع عائلة خوند في أجواء هذه المعلومة "التي ما تزال أولية". قصة بطرس خوند، عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب (يمين مسيحي)، تتقاطع مع مئات قصص المخطوفين اللبنانيين لدى نظام البعث في سورية. منهم من خطف في بيروت خلال الحرب الأهلية (1975-1989)، ومنهم كخوند الذي اختطف من أمام منزله في بيروت في سبتمبر/أيلول عام 1992.
إقرأ أيضاً: المفقودون والمهجّرون: الحرب الأهليّة اللبنانيّة لم تنتهِ
جاء سقوط تدمر، المدينة والسجن، بيد "داعش" ليعيد فتح هذا الجرح لدى أهالي المخطوفين
في سورية، وليفضح أيضاً النظام وحلفاءه في لبنان من جهة أخرى. فاختطاف خوند، كغيره من الأحداث الأمنية التي حصلت في لبنان، خلال فترة الوصاية السياسية السورية واحتلالها العسكري وسيطرتها الأمنية، لا يحمل الكثير من التأويل والشكوك حول هوية الفاعل. ومنذ سنوات، يستمرّ النظام السوري في نفي وجود أي معتقل لبناني في سجونه، مع أنّ أهالي بعض المخطوفين زاروا أبناءهم في سجون النظام، أو تلقوا منهم رسائل مكتوبة، وهي كلها دلائل وإثباتات على وجود هؤلاء في أقبية النظام.
إقرأ أيضاً: سجن تدمر العسكري بعيون أحد معتقليه
إقرأ أيضاً: المفقودون والمهجّرون: الحرب الأهليّة اللبنانيّة لم تنتهِ
جاء سقوط تدمر، المدينة والسجن، بيد "داعش" ليعيد فتح هذا الجرح لدى أهالي المخطوفين
إقرأ أيضاً: سجن تدمر العسكري بعيون أحد معتقليه
قبل أسبوع، سرت في بيروت شائعات تحمل المضمون نفسه حول تسلم "داعش" عدداً من الأسرى في سجن تدمر تركهم عناصر النظام بعد هروبهم من المدينة. ظل الصمت الرسمي اللبناني مهيمناً في هذا الملف، وهو ما تؤكده بشكل أو بآخر ابنة بطرس خوند، رنا، التي تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "أياً من المسؤولين اللبنانيين لم يبادر إلى الاتصال بالعائلة"، مؤكدة على
إقرأ أيضاً: سجن تدمر وأسئلة ملحّة
تحافظ وزارة الخارجية اللبنانية على صمتها حيال هذا الموضوع. يبدو أنّ الوزير جبران باسيل لا يعتبر نفسه معنياً به، فلا يردّ على الأسئلة بهذا الخصوص ولا يجيب على الاتصالات الواردة لمعرفة ما المنوي فعله بهذا الخصوص. وكذلك هي الحال في الدوائر المختلفة في وزارة الخارجية اللبنانية، إذ إن الجميع بانتظار تعميم أو تكليف من قبل باسيل نفسه. ويضع متابعون لهذا الملف صمت باسيل المستمر في إطار "تلافي إحراج النظام السوري وحلفائه في لبنان". قبل أيام، أعرب رئيس تكتل الإصلاح والتغيير، النائب ميشال عون عن توافق تام بين تكتله وحزب الله على معظم المواضيع الخارجية والداخلية. ويبدو أنّ ملف المخطوفين اللبنانيين لدى النظام السوري وصمت باسيل يدخلان في هذا التوافق، على الرغم من الحيثية المسيحية التي تطغى على هذه القضية باعتبار أنّ عدداً من المخطوفين ينتمون إلى المعارضة المسيحية للوجود السوري في لبنان، خلال الحرب وبعدها.
وفي السجون السورية، هناك "نظرياً" 280 مخطوفاً لبنانياً قصصهم موثقة من أصل الآلاف من المخفيين قسراً لكن يستحيل الجزم بمصيرهم. وفي العام 1998، أفرجت القيادة السورية عن 121 معتقلاً، في حين كان بحوزة "سوليد" أربعة أسماء فقط. وكذلك الأمر عام 2000، إذ أفرجت السلطات البعثية عن 46 معتقلاً، 12 منهم فقط كانوا موثقين في لوائح المخطوفين. فأعداد المخطوفين لدى النظام وفي أقبيته أكثر بكثير من الأرقام والحالات الموثقة.