سجعان قزي لـ"العربي الجديد": محاولات خارجية لتوطين السوريين بلبنان

نادر فوز

avata
نادر فوز
04 مارس 2015
00159BE5-1BB0-4FF6-A6A3-9780E7C7E03F
+ الخط -

يتحدث وزير العمل اللبناني، سجعان قزي، لـ "العربي الجديد"، عن ملف اللاجئين السوريين إلى لبنان بجوانبه السياسية والأمنية والاقتصادية، كما يتطرق الحديث إلى الأزمة السياسية اللبنانية الناتجة عن التعقيدات الإقليمية.

* سبق ووصفت اللاجئين بالقنبلة الموقوتة ومشاريع إرهابيين، ألا تتحمل الدولة اللبنانية جزءاً من المسؤولية وتحويل مسار اللجوء إلى هذا المسار؟

ليس اللاجئون الفلسطينيون أو السوريون مشاريع إرهابيين أو قنابل موقوتة لأنهم فلسطينيون أو سوريون، كل لاجئ ونازح في أي دولة، هو كذلك لأنه يعيش مأساة، والمآسي لا تولد الخير إنما الشرور، وهذه طبيعة الإنسان وتجربة حركة التاريخ. أما اليوم، بالنسبة للنازحين السوريين، فهم ليسوا مسؤولين عن حالة نزوحهم، والمسؤولون هم أولاً النظام السوري وثانياً المعارضة السورية بمختلف تشكيلاتها السلمية والإسلامية والتكفيرية، وثالثاً المجتمع الدولي الذي تقصّد أن يتفرج على مأساة سورية، تحت حجة تغيير النظام، ليضرب كل مكونات الوجود السوري. من هنا فإن مسؤولية لبنان هي صفر، بمعنى أن لبنان ليس مسؤولاً عن سبب نزوحهم وليس قادراً على استيعاب وجودهم على أراضيه، للأسباب الواضحة اقتصادياً وسياسياً وتجارياً وسياحياً.

* استخدمتم تعبير لاجئ فلسطيني ونازح سوري، أليس السوريون لاجئين؟

نحن نصرّ على اعتبار السوريين الذين قدموا إلى لبنان نازحين، وليسوا لاجئين، لأن اللجوء خيار، أما النزوح فهو اضطرار جماعي ناتج عن حالة معينة قابلة للعودة إلى الوراء. حين تنتهي الحرب في سورية سيعود النازح إلى بلده، أما إسرائيل فاستولت على أراضي الفلسطينيين وطردتهم منها، وبالتالي لا يمكنهم العودة إليها. ثمة محاولة من المجتمع الدولي ومن المجتمع العربي أيضاً، لتحويل النازحين السوريين إلى لاجئين في لبنان، لتثبيت وجودهم في لبنان فيكونون جزءاً من إعادة النظر في التركيبة الديمغرافية
في سورية وفي لبنان، أي إدخال لبنان في مشروع إقامة دويلات إثنية ومذهبية. تطبيق عبارة لاجئين على السوريين، يعني أن تصير الدولة اللبنانية وليس الأمم المتحدة فقط مسؤولة عن وضعهم، ويجب أن يبقى كذلك كي لا يتحوّل النازحون إلى وضع يشبه ما تحوّلت إليه الحالة الفلسطينية.

* أي أنكم تتهربون من مسؤولية الدولة من خلال هذا الوصف؟

لا نتهرب من شيء ليس من مسؤوليتنا، لا توجد مسؤولية على الدولة اللبنانية تجاه النازحين من خلال تأمين حياتهم صحياً وغذائياً وفي التعليم والمسكن وغيرها. محاولة بعضهم نقل المسؤولية من المجتمع الدولي والعربي إلى الدولة عملية خطيرة، ربما النيات طيبة وإنسانية، لكن هذا الطرح له تأثير خطير على البنية اللبنانية ووحدة لبنان.

اقرأ أيضاً: الفراغ في الرئاسة اللبنانية يقسم الحكومة إلى محورَين

* هل بات السوريون متروكين لمصيرهم؟

تحوّلت الحرب السورية إلى حرب كونية فيها كل الحروب، كما كانت الحال في لبنان، الصراع العربي الفارسي، الشيعي السنّي، العربي الإسرائيلي، والأميركيين والروس. وللأسف لم يعد أحد يتحدث عن تغيير النظام السوري بغية إنهاء مأساة هذا الشعب وعودته إلى أرضه ودولته، لا بل إننا نرى تغيراً على المستوى الدولي تجاه النظام السوري، فبين تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة" من جهة، والنظام من جهة أخرى، وضع المجتمع الدولي تغيير النظام جانباً بانتظار الانتهاء من الإرهاب.

* في موضوع إجازات العمل للسوريين والفلسطينيين في لبنان، ما دافعكم وراء تعقيد الأمور؟

أصدرتُ مذكرة تصدر بداية كل عام، وهي ليست من اختراعي، تُحدد المهن المفتوحة أمام جميع الأجانب، وأضفت إلى هذا القرار بنداً جديداً فحواه أن المهام المحصورة على اللبنانيين مفتوحة أمام الفلسطينيين والسوريين في حال عدم توافر العمالة اللبنانية فيها. مسؤوليتي كوزير عمل ليست حماية اليد العاملة السورية أو غيرها، بل حماية اليد العاملة اللبنانية.

* لكن التأخير حاصل، والإجازات لا تصدر، والبطء شديد في منح هذه الإجازات؟

أنا أوقّع على كل إجازة عمل أتأكد من صحتها، وثمة طلبات وهمية، وهي الأكثر، مثلاً طلب 12 إجازة عمل لسوريين في أراضٍ زراعية في منطقة الحمرا (شارع تجاري أساسي في بيروت). أما في ما يخص التعقيدات، فلا نطلب من السوري أكثر مما نطلب من أي مواطن أجنبي. أما البطء فيعود إلى كون وزارة العمل لا يوجد فيها الكوادر البشرية الكافية، باعتبار أن الشغور يصل إلى حد 53 في المائة من موظفي الوزارة، أي نحن نشكو من شغور في الوزارة، لا إمكانية لإيجاد الحلول لها حالياً. اعترف بهذا العجز لكنه ليس من الوزير ولا من الوزارة. في ما يخص الرسوم، على أرباب العمل تسديدها كاملة.

* هل نجحت سياسة الحكومة في معالجة ملف اللاجئين؟

لا نجاح في هذا الملف ما دام في لبنان لاجئون، وما زالت الحرب دائرة في سورية. لكن سياسة الحكومة وضعت حداً لتدفق النازحين، والتمييز قائم بين المواطن السوري والنازح السوري. ثانياً أصبح النازح السوري بحاجة إلى إجازة عمل للتنقّل بين لبنان وسورية، ومن هنا التدفق لنيل الإجازات، وهنا تراكم حالات غير صحيحة أو وهمية أو حتى تزوير. ويجب القول إنّ الأمر مرتبط أيضاً بأرباب العمل اللبنانيين وجشعهم، وأنا أكافح هذا الجشع، وليس العمال السوريين الفقراء الذين يأتون للعمل.

* الدولة اللبنانية متهمة بأنها عنصرية. ماذا تقولون؟

ثمة لجنة وزارية لشؤون النازحين، تضم مسلمين ومسيحيين، من قوى 8 آذار و14 آذار، وكل القرارات المتعلّقة بهذا الملف تم الاتفاق عليها بالإجماع في هذه اللجنة، والإجماع تم أيضاً في مجلس الوزراء الذي ضم كل الكتل. ثمة إجماع وطني على كيفية التعاطي في موضوع النازحين لأن ثمة شعوراً وطنياً عاماً لدى كل القوى بأنّ ملف النازحين يشكل خطراً على الأمن القومي اللبناني.

* إجماع وطني عام، أي عنصرية عامة وتامة؟

أفهم أن يكون وزيراً أو نائباً أو حزباً عنصرياً، لكن لا يمكن أن تكون الحكومة أو دولة بكاملها عنصرية. تدابير الحكومة وطنية وليست عنصرية، ولم تمس مطلقاً بالتضامن الإنساني مع الشعب السوري.

* أمنياً، كيف تقيّمون محاربة الحكومة للتشدد و"الإرهاب"؟

أعتقد أنّ الدولة اللبنانية، وحصراً أجهزتها العسكرية والأمنية، نجحت إلى حد كبير في مكافحة الإرهاب على الحدود وفي الداخل. الأعمال الإرهابية التي وقعت من الطبيعي أن تحصل، ولا يمكن أن يكون النجاح كاملاً، ما دام الشرق الأوسط مشتعلاً، وخصوصاً أن التركيبة اللبنانية المذهبية لا تسير في اتجاه الدولة نفسه.

* ماذا عن دور حزب الله في الحرب السورية؟

تخيّل أن يحمل المسيحي السلاح للدفاع عن مسيحيي العراق، والدرزي عن دروز حوران والقنيطرة، والسنّة دفاعاً عن السنّة في درعا وحلب، والشيعي دفاعاً عن الأقلية العلوية في الساحل السوري، حينها يصبح الشعب اللبناني شعباً للإيجار من أجل حروب الآخرين. نقول للحزب، إنّ المقاومة الحقيقية هي المحافظة على لبنان، فما الفائدة من انتصاره في القلمون إذا خسر الأمن اللبناني؟

* ألم يخلق حزب الله تشدداً من خلال دخوله الحرب في سورية؟

لا شك في أن مشاركة الحزب في سورية خلقت تشنجاً من قبل أطراف، ضده وضد لبنان، ولكننا لا نستطيع القول إنه لولا مشاركة الحزب لما كان إرهاب و"داعش" و"نصرة". تنظيم "القاعدة" موجود قبل "حزب الله" وسيبقى بعده، والحالة التكفيرية موجودة منذ أكثر من 1400 عام، وستبقى 1400 عام أخرى.

* لكن حزب الله يقول للبنانيين تعالوا معنا إلى سورية؟

أؤيد الطرح الذي يدعو حزب الله إلى العودة من سورية وأي مكان آخر والالتفاف حول الجيش والدولة حماية للأمن القومي اللبناني.

* ماذا عن شلل الحكومة وعجزها عن الاجتماع؟

ليس المطلوب من الحكومة أن تكون حكومة عنتر بن شداد، بل على العكس، المطلوب منها ألا تقوم بإنجازات عظيمة في ظل غياب رئيس الجمهورية. فإذا كانت ستعمل بشكل عادي، وكأن كل الأمور على ما يرام، فلا أحد يعود يفكر في انتخاب رئيس.

* إذاً تعطلون الحكومة لتوجيه هذه الرسالة؟

نحن لا نريد تعطيل الحكومة، ولكن نريد أن تعمل الحكومة بالحد الأدنى، فالحكومات دستورياً يجب أن تعمل لتحضير انتخابات رئاسة الجمهورية، وتعمل بذهنية حكومة تصريف أعمال.

* هل يهّدد الاصطفاف الوزاري المسيحي الجديد شرعية الحكومة؟

هذا ثلث ضامن للحياة الميثاقية داخل الحكومة، ونحن آخر من يفكر في إسقاطها أو وقف الدعم عن رئيسها تمام سلام، ولكننا ندق ناقوس الخطر لعدم المساس بصلاحيات رئاسة الجمهورية. لسنا تكتلاً بل لقاءً تشاورياً يضم الرئيسين السابقين ميشال سليمان وأمين الجميل والوزيرين ميشال فرعون وبطرس حرب، قد يبقى على هذه الحال أو يُوسّع، لكن المهم أنّ التنسيق قائم لضمان استمرار عمل الحكومة حسب الآلية القائمة.

ذات صلة

الصورة
النازح السوري محمد كدرو، نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أُصيب النازح السوري أيمن كدرو البالغ 37 عاماً بالعمى نتيجة خطأ طبي بعد ظهور ضمور عينيه بسبب حمى أصابته عندما كان في سن الـ 13 في بلدة الدير الشرقي.
الصورة
من مجزرة المركز الصحي في دورس بقضاء بعلبك 14 نوفمبر 2024 (إكس)

مجتمع

في جريمة حرب جديدة ضد الكوادر الطبية والمرافق الصحية في لبنان، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء الخميس مجزرة في بلدة دورس في محافظة بعلبك الهرمل
الصورة
فك الاشتباك جندي إسرائيلي عند حاجز في القنيطرة، 11 أغسطس 2020 (جلاء مرعي/فرانس برس)

سياسة

تمضي إسرائيل في التوغل والتحصينات في المنطقة منزوعة السلاح بين الأراضي السورية ومرتفعات الجولان المحتلة، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974.
الصورة
مجزرة عين يعقوب في عكار شمالي لبنان 12/11/2024 (عمر إبراهيم/رويترز)

سياسة

تهيمن الصدمة والغضب على السكان، في بلدة عين يعقوب الواقعة في أقصى شمال لبنان، فيما يواصل مسعفون البحث بأيديهم بين أنقاض مبنى كانت تقطنه عائلات نازحة.