سامي لمقدم... جعل من الكتب المستعملة تجارة مربحة

29 يونيو 2015
إقبال كبير على سوق الكتب المستعملة في المغرب(العربي الجديد)
+ الخط -
في الوقت الذي يتحدث الجميع عن تحوّل تجارة الكتب إلى تجارة غير مربحة خصوصاً في الدول العربية، حيث نسبة القراءة تبقى ضعيفة نسبياً، فإن سامي لمقدم، الشاب المغربي الذي ما زال في العقد الثاني، اختار أن يسبح عكس التيار ويرفع التحدي بجعل الكتب تجارة مربحة، وفي الوقت نفسه يشجع الشباب على القراءة من خلال مشروع "كتابي" الذي حاز على إعجاب خبراء البنك الدولي ومنحوه جائزة المشاريع المجتمعية المبدعة.

سامي لمقدم، الذي لم يقتحم عالم التجارة وتسيير المشاريع من فراغ، وإنما بعد مسار أكاديمي ومهني قلما يجتمع في شاب، لم يكمل بعد عامه 26، إذ إنه حصل على دبلوم التسيير من المدرسة العليا للتجارة قبل أن يواصل مساره الأكاديمي بالحصول على شهادة الماجستير في تسيير المقاولات من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير. ويصقل هذه المعارف الأكاديمية كلها بتجربة مهنية مهمة كمسؤول عن التسويق والشراكات في واحدة من أكبر الإذاعات الخاصة في المغرب والأكثر متابعة من قبل الشباب.

احتكاك سامي لمقدم مع الشباب جعله يستوعب أن هذا الجيل ليس كما يتم الترويج له بأنه جيل عازف عن القراءة، وإنما هناك مشاكل أخرى تمنع وصول الشباب للكتب، فأغلبهم لا تتوفر له الإمكانيات المادية لشراء كتب غالية الثمن، خصوصاً الكتب الأجنبية منها، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية المشجعة للشباب على القراءة، وعلى رأسها المكتبات العمومية والمكتبات التي تقوم بكراء الكتب.

وصل سامي إلى بلورة مشروع "كتابي" الذي يقوم على فكرة بسيطة، وحصد نتائج إيجابية سواء على مقاولته الشابة وكذلك على ثقافة القراءة في أوساط الشباب المغربي. وتنطلق فكرة المشروع من تصنيع صناديق مصممة بعناية لجذب الانتباه وتوزيعها على الجامعات المغربية والمدارس العليا بالمغرب، ثم في مرحلة ثانية توزيعها على الثانويات، وفي هذه الصناديق سيقوم الشباب بوضع جميع الكتب التي تتوفر لديهم ولا حاجة لهم بها، سواء تعلّق الأمر بكتب علمية أو روايات أو كتب مدرسية.

بعدها يقوم المشرفون بجمع الكتب وتصنيفها وإعادة بيعها للمكتبات والمؤسسات التي تحتاج لهذه الكتب لأنها تعيد توزيعها، ونظراً لكون الجامعة المغربية تضم مئات الآلاف من الشباب المغربي، فإن سامي يتوقع أن تكون حصيلة جمع الكتب تفوق مئات الآلاف، ولو تم بيع الكتاب الواحد ولو بدرهم واحد، فإن الأمر سيكون مربحاً بالنسبة لمشروعه.

ويقوم مشروع كتابي على ثلاثة أضلاع تجعل منه مشروعاً لا يهدف إلى الربح فقط، الضلع الأول هو خلق فرص عمل بالنسبة للشباب، إذ إن فريق المشروع الحالي يضم حوالي 10 أفراد سيتم رفع عددهم مع تطور المشروع، بينما الضلع الثاني يتمثل في البعد الاجتماعي للمشروع، إذ إن 50% من أرباح المشروع سيتم توجيهها للجمعيات العاملة في مجال التشجيع على القراءة وتوزيعها على المتطوعين لتشجيع آخرين على التطوع لجمع الكتب، بينما يبقى الضلع الثالث للجانب البيئي، إذ إنه عوض رمي الكتب أو حرقها فمشروع "كتابي" وجد طريقة جديدة لاستعمال هذه الكتب على أفضل وجه.

فرادة المشروع والإبداع في فكرته جعلت البنك الدولي يتبناه ويقدم له الدعم المطلوب في إطار دعم هذه المؤسسة المالية الكبرى للمشاريع التي يكون لها نفع على المجتمع، وهو ما شجع سامي لمقدم على توسيع مجال نشاط مشروعه، فعوض الاقتصار على الجامعات والمؤسسات التعليمية، قام صاحب مشروع "كتابي" بخلق موقع للمشروع وفيه يمكن للناس الراغبين بالتبرع بالكتب أن يضعوا عرضهم وعدد الكتب التي يرغبون التبرع بها، وسيقوم فريق تابع للمشروع بالذهاب إلى صاحب العرض أينما كانت مدينته، وهو ما سيدمج فئات أكبر في المشروع عوض الاقتصار على الشباب فقط.

وحتى تعم فائدة المشروع، فقد أعلن سامي لمقدم أنه ينوي إقامة أندية للقراءة لفائدة الشباب، حيث يمكن أن يأتوا ويجدوا الكتب من مختلف المجالات والتخصصات وأحياناً كتباً نادرة، ويمكنهم الاطلاع عليها بالمجان، فالهدف الأول للمشروع هو تشجيع القراءة، كما أن المشروع يقوم بتوزيع الكتب المدرسية التي يحصل عليها على أطفال الأسر المعوزة.

طموح سامي لمقدم لم يتوقف عند هذا الحد، بل أكد أن حلمه هو تأسيس مكتبة لفائدة الشباب بالمجان وتوفر لهم جميع شروط القراءة، على أساس أن تكون جل كتب هذه المكتبة من حصيلة مشروع "كتابي"، والأكيد أنها فكرة ستعطي إشعاعاً للمشروع سواء في جانبه المجتمعي أو الاقتصادي، ليكون الكتاب بذلك خير جليس في الزمان وخير شريك في المشاريع.
المساهمون