سامي الفهري... هل يتحول إلى إمبراطور الإعلام في تونس؟

22 يونيو 2019
استحواذ الفهري مرهون بموافقة الهايكا (فيسبوك)
+ الخط -
قبل أيام، فاجأ الإعلامي التونسي سامي الفهري متابعيه على "إنستغرام" بفيديو أعلن فيه عن شراء 49 بالمائة من رأسمال قناة "التاسعة" الخاصة. سريعاً ردّت عليه القناة ببيان داعيةً إياه لـ"الكف عن التهريج في مواقع التواصل الاجتماعي". وأضافت "تشكر إدارة القناة الفهري على مساعيه المذكورة فهي تدعوه للكفّ عن التهريج عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتسريع في التوجّه لها عبر وثائق رسميّة في أقرب وقت للبتّ في المسألة". كما أكّت المحطة أنها "مستعدّة للإستجابة حالاً لرغبة الفهري الملحّة في الإلتحاق بقناة التاسعة، ولكن بصفته أحد منشّطيها (مذيعيها) دائماً وأبداً، مع نفس الشروط التي وردت في بيان سابق".

والفهري سبق له أن نشر الخبر من دون إيضاحات، قبل شهر، ليتم تكذيبه من قبل إدارة قناة "التاسعة". لكنّه هذه المرة قام بنشر فيديو يجمعه بلطفي شرف الدين، وهو واحد من مالكي قناة "التاسعة"، إلى جانب شقيقه رضا شرف الدين المالك الفعلي للأسهم، تنازل عنها لشقيقه نتيجة منع القانون التونسي الجمع بين ملكية وسائل الإعلام وتولي مناصب سياسية.

ويظهر الفهري في الفيديو بينما يوقّع عقود الشراء، ما اعتبر مؤشرًا على سعيه إلى بناء إمبراطورية إعلامية غير قابلة للمنافسة في تونس. إذ إنّه المالك الفعلي لقناة "الحوار التونسي" (زوجته تتولى الإدارة القانونية للقناة) التي تعتبر القناة الأكثر مشاهدة في تونس. وبالاستحواذ على 49 بالمائة من أسهم قناة "التاسعة"، يضع يده على أهم قناتين خاصتين في البلاد من حيث نسب المشاهدة، وهو ما يجعله رقماً صعباً في المشهد الإعلامي التونسي وأحد أكبر الفاعلين فيه.

Instagram Post

الفهري بدأ مقدماً للبرامج في إذاعة "تونس الدولية" العمومية (الرسمية)، ومقدم برامج ألعاب في "قناة 21" التلفزيونية العمومية الرسمية قبل الثورة التونسية بسنوات. وعرف تحولاً كبيراً في حياته المهنية بعدما أسس رفقة بلحسن الطرابلسي، شقيق ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي المخلوع، شركة "كاكتوس برود". وهي الشركة التي احتكرت ولسنوات قبل الثورة أهم البرامج التي تقدم على التلفزيون الرسمي، ما حقق لها مداخيل خيالية مكّنت الفهري من البروز الإعلامي ومن تحصيل عائدات مالية هامة.

إثر الثورة التونسية في 14 كانون الثاني/ يناير 2011، تمّت مصادرة شركة "كاكتوس برود"، وهو ما دفع الفهري في مرحلة أولى إلى تأسيس قناة "التونسية" التي حققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً، ليدخل في خلاف بعد ذلك مع رجل الأعمال سليم الرياحي حول أحقية ملكيتها. لكنّ السلطات التونسية زجّت بسامي الفهري صحبة خمسة مديرين عامين سابقين للتلفزيون الرسمي التونسي بالسجن بتهمة الفساد والاعتداء على المال العام، نتيجة عقود احتكار غير قانونية مع التلفزيون الرسمي التونسي. في المقابل، تمكن بلحسن الطرابلسي من الفرار إلى كندا في مرحلة أولى ثمّ إلى فرنسا في مرحلة ثانية.

وبعد قضاء الفهري مدة تزيد عن السنة في السجن، تمكّن، إثر تسوية مع السلطات التونسية، وفقاً لبعض المصادر، من الخروج من السجن ليشتري بعد ذلك قناة "الحوار التونسي" من السياسي التونسي المعارض الطاهر بن حسين مقابل خمسة ملايين دينار تونسي (حوالي 1.8 مليون دولار أميركي). وحوّل القناة إلى واحدة من أنجح القنوات التونسية من خلال برامج سياسية واجتماعية وترفيهية وبرامج ألعاب حققت له عائدات مالية كبرى، كما جعلته الرقم الأول في المعادلة الإعلامية السياسية في تونس، حيث يتهافت السياسيون للحضور إلى القناة التي تحقق نسب مشاهدة مرتفعة جداً.

من خلال شرائه لأسهم قناة "التاسعة"، يدخل الفهري مرحلة الاحتكار الإعلامي، وهو ما لم تشهده تونس من قبل. لكن يبقى ذلك مرهوناً بموافقة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) التي تنظّم عملية تحويل ملكية المؤسسات الإعلامية وفقاً لصيغ قانونية. كما يبقى ذلك مرهوناً برضا الطرف الثاني المالك للقناة وهو عائلة جنيح التي يمكّنها القانون التونسي في المعاملات التجارية من "حق الشفعة"، وهو حق الأولوية في الشراء، لكن بالسعر الذي يحدده المالك الفعلي للأسهم. لذلك أعطى الفهري عائلة جنيح مهلة أربعة أشهر قبل الملكية الفعلية لأسهم قناة "التاسعة".
المساهمون