يعتمد رحومي على تسع عائلات في عمله الذي يقضي فيه جلّ وقته. هو "سائق العائلات"، ويتولى إيصال طلباتها وقضاء بعض أعمالها وحاجاتها، وقد وضعت هذه العائلات كامل ثقتها فيه. يدعى عبد الرحيم عفتان (46 عاماً). لكنّ أحداً لا يعرفه بهذا الاسم بين سائقي سيارات الأجرة، ورفاق مهنته التي أمضى فيها أكثر من عشرين عاماً، ولا في منطقة سكنه في حي علاوي الحلة وسط بغداد. يُعرف برحومي، وتراه منشغلاً في الردّ على هاتفه واستقبال طلبات الزبائن معظم الوقت.
على الرغم من التعب، يقول لـ "العربي الجديد" إنه يشعر بسعادة في عمله، والسبب هو "ثقة الناس به. أنا مؤتمن على أسرار وعلى أشخاص. وكلما كنت حريصاً على هذه الأمانة شعرت بسعادة أكبر".
اقــرأ أيضاً
مثل رحومي كثيرون، وقد غيرت الظروف التي مرّت بها البلاد حياتهم وحياة الآخرين. عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، استمرت أعمال العنف والاغتيالات وجرائم الخطف، عدا عن تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية. وفي ظلّ هذه الظروف، لم تعد عائلات كثيرة تخرج إلى الشارع إلا للضرورة، وخصوصاً النساء والأطفال. وفي سنوات سابقة، شهدت البلاد ارتفاعاً كبيراً في عمليات الخطف، رغبة في الحصول على المال أو الانتقام.
وحتى تتمكن بعض العائلات من الخروج من المنزل وقضاء حاجاتها، اعتمدت على سائق العائلة. وهو بات وسيلة جديدة اعتمدتها الكثير من العائلات، وحلاً مثالياً لخروج أفراد الأسرة وهم مطمئنون، وتأمين ما يحتاجون إليه في أمان. وتعقد الأسرة اتفاقاً مع سائق سيارة أجرة بأجر يومي أو شهري، ويشمل الاتفاق طبيعة الخدمات التي يقدمها السائق لقاء الأجر الذي يتقاضاه.
ويقول رحومي إن الأسر التسع التي يعمل لصالحها تقطن جميعها في منطقة واحدة، وتحديداً حي المنصور القريب من منطقة سكناه. ويوضح: "في أوقات المدرسة، أوصل عدداً من التلاميذ إلى مدارسهم على ثلاث دفعات. ثم أعود وأنقل أربع موظفات إلى دوائرهن، وأتفرغ لتأمين شؤون المنازل اليومية من خضار وفاكهة ولوازم أخرى. بعدها، أعيد التلاميذ والموظفات إلى منازلهم".
يضيف رحومي: "أقضي مشاوير أخرى في أثناء اليوم، كإيصال أفراد من هذه العائلات إلى طبيب، أو لقضاء زيارة عائلية أو التنزه".
أما محمد ثجيل، فيقول إنه على الرغم من أن عمله كسائق للعائلات يحرمه النوم أحياناً، أو الخروج في نزهة خاصة، أو الاستمتاع بوقته مع أصدقائه في المقهى، لكنه لا يتأخر عن تنفيذ طلبات الأسر التي يعمل لصالحها. في حديثه لـ "العربي الجديد"، يشير إلى أنه كسب مهنة جيّدة، انتشلته من "عذاب الشارع والتجوال فيه ساعات طويلة في النهار من أجل توفير قوت يوم أسرته".
يضيف: "تفرغت منذ ست سنوات للعمل كسائق للعائلات. هذا العمل أكثر راحة وأضمن مادّياً في مقابل قضاء يوم طويل في الشارع في انتظار زبائن". ويقول: "هذه المهنة لا تتطلب من السائق أكثر من أن يكون صاحب سمعة حسنة. الأسر يهمها أن تطمئن إلى أبنائها ومنازلها. بالنسبة إلي، تطورت علاقاتي بأشخاص كانوا يعملون في تجارة العملة. ولثقتهم بي، كانوا يرسلون معي مبالغ كبيرة من المال لإيصالها إلى مكاتب لتصريف العملة. من هنا بدأت العمل في توصيل الطلبات، وأصبحت عائلات ميسورة عديدة تعتمد علي".
قصص كثيرة يتناقلها عراقيون حول مواقف عديدة لسائقين يعتمدون عليهم في حياتهم اليومية، تؤكد إعطاء السائق الأولوية لـ "شرف الكلمة"، بحسب عزت عبد القادر الذي تحدث لـ "العربي الجديد" عن سائق كان قد اعتمده لفترة قصيرة لقضاء بعض الأمور، ثم استغنى عنه لعدم حاجته إليه. ويوضح: "أتحدث عن حيدر السائق بكلّ احترام وتقدير. حيدر سائق سيارة أجرة كنت قد استعنت به في مشاوير تحتاج إلى شخص موثوق إذ كنت مشغولاً في عملي، وخصوصاً أنني أسافر باستمرار بين بغداد وإقليم كردستان، وثلاث من بناتي يدرسن في الجامعة، فنصحني أحد أصدقائي بأن أستعين بحيدر، وهذا ما حصل".
اقــرأ أيضاً
يتابع: "بعد انتهاء العام الدراسي، أنهيت خدمات حيدر ولم أعد أتصل به. لكن بعد عدة أشهر، كنت مسافراً، واستنجدت زوجتي به حين رأت لصوصاً يحاولون اقتحام المنزل، وقد هربوا بعدما سمعوا صراخها. لكن حيدر جاء وأصرّ على البقاء في حديقة المنزل لحراسة العائلة. وظل على مدى أسبوع يأتي مساءً كل يوم ويبقى ساهراً في الحديقة حتى الصباح، على الرغم من أنه لم يعد يعمل لصالحنا". يقول: "بسبب هذا الموقف، ازداد عدد الأسر التي تعتمد على حيدر السائق في مشاويرها وقضاء حاجاتها. فمثله بالتأكيد هو من تبحث عنه العائلات لأنه موضع ثقة".
على الرغم من التعب، يقول لـ "العربي الجديد" إنه يشعر بسعادة في عمله، والسبب هو "ثقة الناس به. أنا مؤتمن على أسرار وعلى أشخاص. وكلما كنت حريصاً على هذه الأمانة شعرت بسعادة أكبر".
مثل رحومي كثيرون، وقد غيرت الظروف التي مرّت بها البلاد حياتهم وحياة الآخرين. عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، استمرت أعمال العنف والاغتيالات وجرائم الخطف، عدا عن تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية. وفي ظلّ هذه الظروف، لم تعد عائلات كثيرة تخرج إلى الشارع إلا للضرورة، وخصوصاً النساء والأطفال. وفي سنوات سابقة، شهدت البلاد ارتفاعاً كبيراً في عمليات الخطف، رغبة في الحصول على المال أو الانتقام.
وحتى تتمكن بعض العائلات من الخروج من المنزل وقضاء حاجاتها، اعتمدت على سائق العائلة. وهو بات وسيلة جديدة اعتمدتها الكثير من العائلات، وحلاً مثالياً لخروج أفراد الأسرة وهم مطمئنون، وتأمين ما يحتاجون إليه في أمان. وتعقد الأسرة اتفاقاً مع سائق سيارة أجرة بأجر يومي أو شهري، ويشمل الاتفاق طبيعة الخدمات التي يقدمها السائق لقاء الأجر الذي يتقاضاه.
ويقول رحومي إن الأسر التسع التي يعمل لصالحها تقطن جميعها في منطقة واحدة، وتحديداً حي المنصور القريب من منطقة سكناه. ويوضح: "في أوقات المدرسة، أوصل عدداً من التلاميذ إلى مدارسهم على ثلاث دفعات. ثم أعود وأنقل أربع موظفات إلى دوائرهن، وأتفرغ لتأمين شؤون المنازل اليومية من خضار وفاكهة ولوازم أخرى. بعدها، أعيد التلاميذ والموظفات إلى منازلهم".
يضيف رحومي: "أقضي مشاوير أخرى في أثناء اليوم، كإيصال أفراد من هذه العائلات إلى طبيب، أو لقضاء زيارة عائلية أو التنزه".
أما محمد ثجيل، فيقول إنه على الرغم من أن عمله كسائق للعائلات يحرمه النوم أحياناً، أو الخروج في نزهة خاصة، أو الاستمتاع بوقته مع أصدقائه في المقهى، لكنه لا يتأخر عن تنفيذ طلبات الأسر التي يعمل لصالحها. في حديثه لـ "العربي الجديد"، يشير إلى أنه كسب مهنة جيّدة، انتشلته من "عذاب الشارع والتجوال فيه ساعات طويلة في النهار من أجل توفير قوت يوم أسرته".
يضيف: "تفرغت منذ ست سنوات للعمل كسائق للعائلات. هذا العمل أكثر راحة وأضمن مادّياً في مقابل قضاء يوم طويل في الشارع في انتظار زبائن". ويقول: "هذه المهنة لا تتطلب من السائق أكثر من أن يكون صاحب سمعة حسنة. الأسر يهمها أن تطمئن إلى أبنائها ومنازلها. بالنسبة إلي، تطورت علاقاتي بأشخاص كانوا يعملون في تجارة العملة. ولثقتهم بي، كانوا يرسلون معي مبالغ كبيرة من المال لإيصالها إلى مكاتب لتصريف العملة. من هنا بدأت العمل في توصيل الطلبات، وأصبحت عائلات ميسورة عديدة تعتمد علي".
قصص كثيرة يتناقلها عراقيون حول مواقف عديدة لسائقين يعتمدون عليهم في حياتهم اليومية، تؤكد إعطاء السائق الأولوية لـ "شرف الكلمة"، بحسب عزت عبد القادر الذي تحدث لـ "العربي الجديد" عن سائق كان قد اعتمده لفترة قصيرة لقضاء بعض الأمور، ثم استغنى عنه لعدم حاجته إليه. ويوضح: "أتحدث عن حيدر السائق بكلّ احترام وتقدير. حيدر سائق سيارة أجرة كنت قد استعنت به في مشاوير تحتاج إلى شخص موثوق إذ كنت مشغولاً في عملي، وخصوصاً أنني أسافر باستمرار بين بغداد وإقليم كردستان، وثلاث من بناتي يدرسن في الجامعة، فنصحني أحد أصدقائي بأن أستعين بحيدر، وهذا ما حصل".
يتابع: "بعد انتهاء العام الدراسي، أنهيت خدمات حيدر ولم أعد أتصل به. لكن بعد عدة أشهر، كنت مسافراً، واستنجدت زوجتي به حين رأت لصوصاً يحاولون اقتحام المنزل، وقد هربوا بعدما سمعوا صراخها. لكن حيدر جاء وأصرّ على البقاء في حديقة المنزل لحراسة العائلة. وظل على مدى أسبوع يأتي مساءً كل يوم ويبقى ساهراً في الحديقة حتى الصباح، على الرغم من أنه لم يعد يعمل لصالحنا". يقول: "بسبب هذا الموقف، ازداد عدد الأسر التي تعتمد على حيدر السائق في مشاويرها وقضاء حاجاتها. فمثله بالتأكيد هو من تبحث عنه العائلات لأنه موضع ثقة".