زيارة نتنياهو لواشنطن: التأييد الأميركي للاستيطان قبل نقل السفارة

10 فبراير 2017
نتنياهو سيستغل الزيارة لتوظيف دعم ترامب له (يوهانا جيرون/Getty)
+ الخط -
في 15 فبراير/شباط الحالي، يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض. أهمية الزيارة بالنسبة للوبي الإسرائيلي في واشنطن، تكمن في أنها تطوي صفحة العلاقات المتوترة التي سادت بين نتنياهو والرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لفتح صفحة "واعدة" مع إدارة ترامب، التي أعطت إشارات مشجعة في هذا الاتجاه. وعلى هذا الأساس، يجري تحضير الأجواء لتدوير زوايا التمدد الاستيطاني وتسويقه لدى الإدارة الأميركية من خلال استخدام مقولة إن "المستوطنات ليست عائقاً بحدّ ذاتها في طريق السلام". ويبدو أن هذا الادّعاء الملغوم قد جرى تجريعه للإدارة التي بدأت تستخدمه في تعاطيها مع هذه القضية. الأمر الذي يثير تحذيرات، تحديداً لدى من هو محسوب على خندق النخبة التقليدية في صفوف الجمهوريين، ممن يحذرون إدارة ترامب من عواقب احتضان التوجهات الإسرائيلية، لا سيما تلك المتعلقة بالتمدد الاستيطاني.



لكن الإدارة الأميركية لا يبدو أنها في وارد العمل على التصدّي للمستوطنات، ناهيك بتحريك مسار حلّ الدولتين، على الرغم من تلميحاتها الضبابية حول هذا الموضوع. سكوتها على تصويت الكنيست في شأن تبييض المستوطنات المقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة، يثير الشكوك المشروعة حول مدى جدّيتها في هذا الأمر. وتتذرّع الإدارة بقرب بزيارة نتنياهو، لتؤجل ردها على التصويت إلى ما بعد لقاء ترامب ونتنياهو بذريعة أن الإجراءات القضائية الخاصة بالقانون المذكور، لم تنتهِ بعد، في إشارة إلى احتمال أن تلغي المحكمة الإسرائيلية العليا قانون "تبييض المستوطنات العشوائية". وتكتفي بالتذكير بما ورد على لسان المتحدث الرسمي للبيت الأبيض شون سبايسر الأسبوع الماضي، عندما قال إن "التمدد الاستيطاني لا يساعد على السلام". ويعني التأجيل أن شرعنة المستوطنات موضوع التصويت، مسألة فيها نظر ومقبول البحث بأمرها، شأنها في ذلك شأن بقية المستوطنات من باب أنها أمر واقع. وينوّه روبرت ساتلوف رئيس "مؤسسة واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، التي هي بمثابة الذراع البحثي للوبي الإسرائيلي في واشنطن، في ندوة نظمها مركزه، إلى أن "أي دولة فلسطينية ستكون من دون المستوطنات". ولم يستثنِ ساتلوف المستوطنات التي صوّت عليها الكنيست ولم يأت على ذكرها.

بالنسبة إلى نتنياهو المدعوم برئيس وعد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، رغم تجميد الأمر حالياً، وبكونغرس محكوم من الحزب الجمهوري، فبإمكانه المماطلة في بند المستوطنات في مباحثاته مع ترامب، للتركيز على طرح صيغة مفخخة وخادعة لتسوية وهمية يجري الترويج لها. وذلك بغرض توظيفها لمواصلة الزحف الاستيطاني المبرمج كما حصل تحت غطاء أوسلو.

"إن عملية السلام ماتت من زمان"، وفقاً للأستاذ الجامعي ناثان براون، أثناء مشاركته يوم الثلاثاء في ندوة نظمها المركز الفلسطيني في واشنطن. وأضاف أن "الرئيس ترامب لن يعتمد في هذا المجال أي سياسة أو استراتيجية غير تلك التي كشف عنها خلال حملته الانتخابية". جاراه في ذلك المشارك الثاني في الندوة، المتحدث الرسمي السابق في وزارة الخارجية، فيليب كراولي، حين قال إن "العملية في غيبوبة عميقة، ومن المستبعد تقديم ترامب مبادرة دراماتيكية لإحيائها، خصوصاً على ضوء استفحال الاستيطان".

مع العلم أن ما بدا لوهلة بأن إدارة ترامب مستاءة من المستوطنات وبأنها ربما تكون عازمة على الدخول في محاولة لتحقيق السلام، لم يكن سوى للتمويه. ذلك لأن ما يجري على الأرض يعزز ذلك. فهناك كلام عن تريث واشنطن في موضوع نقل السفارة بموافقة نتنياهو، الذي يعطي الأولوية الآن للاستيطان. كما تذكر مصادر في واشنطن بأن "الإدارة الأميركية اتصلت بنواب عرب في الكنيست من خلال صهر الرئيس جاريد كوشنر، بدلاً من فتح خطوط مع السلطة الفلسطينية".

ويرى مراقبون أن "نتنياهو سيستغل زيارته لتوظيف وقوف الإدارة إلى جانبه"، وهو ما ينبّه إلى خطورته وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر الذي يحذّر ترامب من أداء دور "المحامي عن إسرائيل". كما يُحذّر المرشح الرئاسي الجمهوري السابق باتريك بيوكانن، الذي عمل في البيت الأبيض مع ثلاثة رؤساء جمهوريين، ترامب، من مغبة "اعتماده سياسة تضع إسرائيل أولاً، إذ لا بدّ أن تصطدم مع شعار أميركا أولاً".

في سياق آخر، ينظر البيت الأبيض جدياً في أمر تعيين إليوت أبرامز في موقع نائب وزير الخارجية، وهو مسؤول سابق في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن وقبله الرئيس الأسبق رونالد ريغان، ومن عتاة مؤيدي إسرائيل وسياساتها في واشنطن.