تتحدث أوساط حكومية عراقية عن زيادة غير معلنة طرأت الشهر الماضي على عديد القوات الأميركية في العراق، تتراوح بما بين 300 إلى 500 جندي، انتشر معظمهم في الأنبار ونينوى غرب وشمال العراق، وذلك بالتنسيق مع رئيس الوزراء، حيدر العبادي، من دون علم البرلمان العراقي أو الكتل السياسية الرئيسية في البلاد. وبين تأكيدات قيادات عسكرية عراقية لزيادة واضحة على عديد القوات الأميركية في العراق، وتكتم حكومي واضح على تلك المعلومات، تشير مصادر سياسية عراقية إلى أن واشنطن توصلت إلى اتفاق لتثبيت 10 آلاف جندي أميركي قتالي في العراق، عدا المستشارين والعسكريين الذين يضطلعون بعمليات الدعم اللوجستي والتدريب والمراقبة الجوية والأرضية لمناطق المعارك شمال وغرب العراق، كجزء من قوات التحالف الدولي، إلى جانب دول بريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وأستراليا.
ووفقاً لقيادي بارز في "التحالف الوطني" الحاكم في البلاد، فقد تم الطلب من العبادي، أكثر من مرة، حضور اجتماعات التحالف، باعتباره جزءاً من هذا الكيان السياسي، والإجابة عن حقيقة وصول قوات أميركية إضافية إلى العراق، لكنه تهرب من الحضور. وبين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المعلومات تؤكد أن الزيادة تمت خلال الشهر الماضي، وعلى شكل دفعات، نقلت جواً إلى الأنبار ونينوى وتمركزت في قواعد هناك"، لافتاً إلى أن "الحديث يدور عن 300 إلى 500 جندي أميركي، غالبيتهم من قوات المارينز".
ويبلغ تعداد القوات الأميركية، سواء من الجنود أو المستشارين أو المدربين والعسكريين العاملين في مجال الرصد الجوي والأرضي، نحو 12 ألف عنصر، تم إرسالهم على شكل دفعات خلال السنوات الثلاث الماضية. والأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منح وزير الدفاع، جيمس ماتيس، سلطة تحديد مستويات القوات في العراق وسورية. وأضافت، في بيان، "سنجري مراجعة لضمان أن تعكس الأرقام التي نقدمها للكونغرس وللعامة الحقائق على الأرض". وقتل جنديان أميركيان في شمال العراق منذ ديسمبر/كانون الأول 2014 ولغاية الآن، كما أصيب جندي في جنوب بغداد وآخر قرب الموصل. ولم تعرض بغداد أو واشنطن الاتفاقية الخاصة بالوجود الأميركي العسكري في العراق، إلا أن العبادي كرر مراراً أنها تستند إلى اتفاقية الشراكة الأمنية الموقعة مع أميركا في العام 2011، والبنود التي تأسس بموجبها التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسورية، ووقعت عليه 62 دولة، بينها العراق.
وأكد جنرال عراقي رفيع المستوى في الجيش وصول قوات إضافية قادمة من الكويت إلى قواعد شمال وغرب العراق. وقال، عبر الهاتف لـ"العربي الجديد" من بغداد، "في البداية توقعنا عملية تبديل بين القوات الموجودة لأغراض الإجازة أو الراحة، لكن تأكد لنا أنهم قوات إضافية". وأشار إلى افتتاح القوات الأميركية موقعين جديدين في العراق خلال الفترة القصيرة الماضية، الأول في حمام العليل جنوب الموصل، والثاني قرب سد حديثة في محافظة الأنبار. وأضاف "نعم هناك تواجد جديد للأميركيين، لكن بتنسيق مع رئيس الحكومة، الموافق على الخطة الأميركية الجديدة للعراق، لكن ضغوط الجناح الإيراني على الرجل (حيدر العبادي) تجعله يعمل بصمت في هذا الإطار".
وتعارض قوى شيعية عراقية، موالية لإيران، أي تواجد أميركي طويل الأمد، وتهدد باعتباره احتلالاً ما سيؤدي إلى استهدافه عسكرياً، في الوقت الذي تؤيد فيه القوى السنية والكردية والمسيحية هذا التواجد، وتعتبره بمثابة صمام أمان لمنع تغوّل الإيرانيين أكثر في العراق، أو حدوث اقتتال داخلي بعد انتهاء صفحة القتال ضد "داعش"، كما أنه سيساهم في عملية إعادة بناء البلاد. وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأميركيين يحاولون اليوم بأي طريقة فرض وجود عسكري بري، لكن بالنسبة لنا نعتبره غير ضروري ولا حاجة له إطلاقاً". وأضاف "حالياً لديهم تواجد في قواعد البكر وبلد وعين الأسد والحبانية والقيارة شمال ووسط وغرب العراق، وهناك تسريبات تؤكد تعزيز قواتهم في العراق". وأشار إلى أن القوات الأميركية في العراق لديها "سبعة آلاف جندي قتالي، وبعض قادة الجيش الأميركي يقولون سنشارك في معارك تحرير القائم وعنة وراوة غرب العراق، والجيش العراقي لا يحتاج إلى قوات برية وحرر مساحات شاسعة من دون مشاركة أميركية. نحن نرفض، والبرلمان يرفض، أي وجود أميركي بهذا الشكل" وفقاً لقوله. وتابع "نحن نراقب ونتابع ما يجري، وفي حال أصروا على فرض أمر واقع بوجود عسكري طويل الأمد داخل العراق سيكون لدينا قنواتنا للضغط على الحكومة العراقية، والضغط دولياً، ولن نسمح بتواجد بري أميركي".
من جانبه، قال عضو البرلمان العراقي، ماجد الغراوي، إن "الجانب الأميركي يجب أن يتعامل مع القنوات الرسمية في الحكومة المركزية بشأن زيادة القوات الأجنبية في العراق". وبين، في تصريح لوسائل إعلام عراقية محلية، أن "قرار الرئيس الأميركي الجديد بشأن زيادة عديد القوات الأميركية في القواعد العسكرية في غرب وشمال العراق هو بمثابة إعادة للاحتلال الأميركي، بعد انسحاب هذه القوات". وكشف عن "لقاء ستجريه لجنة الأمن والدفاع مع العبادي هذا الأسبوع لمناقشة هذه القضية وأبعادها على مستقبل البلاد".