يتحدث منير، الذي يعمل حارساً في أحد البنوك الجزائرية، بكثير من التذمر والحسرة، عن الزيادة التي من المنتظر أن تضاف الشهر المقبل على راتبه الذي لا يتعدى 18 ألف دينار (144 دولاراً).
يقول منير لـ "العربي الجديد": "مهما كان حجم الزيادة فهي مرحب بها، لكنها في الحقيقة ضئيلة مقارنة بغلاء المعيشة".
ويشرح: "قرار السلطات رفع الأجر الأدنى بقيمة ألفي دينار وإلغاء الضريبة على الدخل، "لن يرفع راتبي إلا بين 2500 و3 آلاف دينار (24 دولاراً) فقط، ما الذي سيغيره هذا المبلغ في التكاليف المعيشية التي تتزايد يومياً؟ هل هذا نصيبنا من أموال النفط؟ هناك من يأخذ ألفي دينار وهناك من يأخذ مليار دينار، كما كشفت عنه محاكمات رموز الفساد".
ويعتبر منير أنّ الأجرة الشهرية لا توازي حجم المجهود في عمله، ولا تسدّد أسبوعًا واحدًا من التكاليف والحاجيات الضرورية للحياة. هو أبٌ لطفلة، ويتكفّل بوالديه المسنين، وشقيقه المعطّل عن العمل.
فقد قررت الحكومة رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون من 18 ألف دينار إلى حدود 20 ألفاً (155 دولاراً)، مع الإعفاء الضريبي للمداخيل المنخفضة التي تساوي أو تقلّ عن 30 ألف دينار (240 دولارا)، بدءا من حزيران/يونيو المقبل.
وكان الحد الأدنى للأجور في الجزائر، عَرف 12 تعديلًا منذ سنة 1990، ليستقرّ في حدود 18 ألف دينار (144 دولاراً)، منذ سنة 2012 إلى غاية اليوم.
اقــرأ أيضاً
أمام أحد مراكز البريد في الجزائر العاصمة، ينتظر كمال برايجي في طابور طويل. هو موظف إداري في المستشفى الجامعي "مصطفى باشا" وسط العاصمة، جاء ليسحب راتب شهر مايو/أيار.
يقول كمال لـ "العربي الجديد" إن "لحظة سحب الراتب هي أسوأ اللحظات بالنسبة إليه لأنه ينتظر قرابة ساعة من الزمن ليأخذ مقابل تعب شهر من العمل، مبلغاً لا يغطي مصاريف نصف شهرٍ".
وحول الزيادات المنتظرة في أجور العمال، التي وصفها بـ "البقشيش" الذي يريد الرئيس الجديد عبد المجيد تبون إعطاءه للمواطنين، قال: "ألفا دينار لا تغطي مصاريف النقل المقدرة بـ 150 دينارا يوميا، الدينار يتهاوى بسرعة وتتهاوى معه قدرة جيوبنا الشرائية، والأجور تأبى التحرك ومواكبة هذا السقوط الحر".
وإذا كانت نظرة المواطنين من أصحاب الرواتب الضعيفة، للزيادة التي ستمس مداخيلهم، جاءت بعين غير راضية، مقارنة بالضجة الإعلامية التي سبقت وصاحبت الزيادة، فإن المتتبعين للشأن الاجتماعي الجزائري، يرون فيها بالرغم من انعكاسها المحدود على الأجور، خطوة إيجابية لم يكن أشد المتفائلين يتوقعها في عز الأزمة المالية التي تعصف بالجزائر منذ سنوات.
وفي السياق، يقول الخبير في قانون العمل والعمل النقابي نور الدين بودربة إن "قرار إلغاء الضريبة على الدخل العام بالنسبة لأصحاب الأجور الضعيفة ورفع قيمة الأجر الوطني الأدنى، يعد مكسبا اجتماعيا إيجابيا كان للسلطة الحاكمة شجاعة اتخاذه، باعتباره مطلبا قديما ومتكررا في لقاءات الحكومة مع النقابات السابقة، فقد طُرح على طاولة النقاش منذ سنة 2011، من دون أن يرى النور".
ويضيف لـ "العربي الجديد" أن "هذه الخطوة هي الأولى نحو إقرار العدالة الضريبية في البلاد إذ لا يُعقل أن تقتطع الضريبة على الدخل مباشرة من راتب العامل، وتترك العملية لأهواء أصحاب الشركات يدفعونها متى يشاؤون، ما رفع حجم التهرب الضريبي إلى قرابة 90 مليار دولار في البلاد حسب أرقام الحكومة".
فيما يعتبر الخبير الاقتصادي جمال النور الدين أن "جميع الحكومات في الجزائر تدخّلت لوضع حدٍّ أدنى للأجور، وبالتالي هو قرارٌ سياسيٌّ قبل أن يكون قرارًا اقتصاديًا. السلطات في الجزائر ترى هذا الإجراء مسكّناً اجتماعيا تلجأ إليه كلما أحست بغليان الشارع، متجاهلة عجز الخزينة العمومية الذي فاق 30 مليار دولار".
ويضيف في حديث مع "العربي الجديد" أن "رفع الأجور إن لم تقابله وتيرة تنموية وإنتاج مكثّف للسلع والخدمات، فسيسبّب ارتفاعًا في الأسعار، ما يترتب عنه ارتفاع في مستوى التضخّم، وبالتالي لن تتحسن القدرة الشرائية للمواطن".
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد صادق في 3 مايو/ أيار الحالي، على الموازنة التكميلية لسنة 2020، والتي جاءت تحت ضغط انهيار عائدات النفط وتضرر الاقتصاد الجزائري الهش من تفشي جائحة "كورونا".
اقــرأ أيضاً
وستسمح الموازنة الإضافية للحكومة بضخ بين 20 إلى 30 مليار دولار في الميزانية الأولى المقدرة بـ 64 مليار دولار.
وتوقعت الحكومة تهاوي احتياطي البلاد من العملة الصعبة من 51.6 مليار دولار، كما هو محدد في الموازنة الحالية، إلى 44.2 مليار دولار في الموازنة التكميلية، كما رجّحت أن يتسبب تراجع الطلب النفطي العالمي في تقليص صادرات الجزائر 7.5 في المائة.
فقد قررت الحكومة رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون من 18 ألف دينار إلى حدود 20 ألفاً (155 دولاراً)، مع الإعفاء الضريبي للمداخيل المنخفضة التي تساوي أو تقلّ عن 30 ألف دينار (240 دولارا)، بدءا من حزيران/يونيو المقبل.
وكان الحد الأدنى للأجور في الجزائر، عَرف 12 تعديلًا منذ سنة 1990، ليستقرّ في حدود 18 ألف دينار (144 دولاراً)، منذ سنة 2012 إلى غاية اليوم.
يقول كمال لـ "العربي الجديد" إن "لحظة سحب الراتب هي أسوأ اللحظات بالنسبة إليه لأنه ينتظر قرابة ساعة من الزمن ليأخذ مقابل تعب شهر من العمل، مبلغاً لا يغطي مصاريف نصف شهرٍ".
وحول الزيادات المنتظرة في أجور العمال، التي وصفها بـ "البقشيش" الذي يريد الرئيس الجديد عبد المجيد تبون إعطاءه للمواطنين، قال: "ألفا دينار لا تغطي مصاريف النقل المقدرة بـ 150 دينارا يوميا، الدينار يتهاوى بسرعة وتتهاوى معه قدرة جيوبنا الشرائية، والأجور تأبى التحرك ومواكبة هذا السقوط الحر".
وإذا كانت نظرة المواطنين من أصحاب الرواتب الضعيفة، للزيادة التي ستمس مداخيلهم، جاءت بعين غير راضية، مقارنة بالضجة الإعلامية التي سبقت وصاحبت الزيادة، فإن المتتبعين للشأن الاجتماعي الجزائري، يرون فيها بالرغم من انعكاسها المحدود على الأجور، خطوة إيجابية لم يكن أشد المتفائلين يتوقعها في عز الأزمة المالية التي تعصف بالجزائر منذ سنوات.
وفي السياق، يقول الخبير في قانون العمل والعمل النقابي نور الدين بودربة إن "قرار إلغاء الضريبة على الدخل العام بالنسبة لأصحاب الأجور الضعيفة ورفع قيمة الأجر الوطني الأدنى، يعد مكسبا اجتماعيا إيجابيا كان للسلطة الحاكمة شجاعة اتخاذه، باعتباره مطلبا قديما ومتكررا في لقاءات الحكومة مع النقابات السابقة، فقد طُرح على طاولة النقاش منذ سنة 2011، من دون أن يرى النور".
ويضيف لـ "العربي الجديد" أن "هذه الخطوة هي الأولى نحو إقرار العدالة الضريبية في البلاد إذ لا يُعقل أن تقتطع الضريبة على الدخل مباشرة من راتب العامل، وتترك العملية لأهواء أصحاب الشركات يدفعونها متى يشاؤون، ما رفع حجم التهرب الضريبي إلى قرابة 90 مليار دولار في البلاد حسب أرقام الحكومة".
فيما يعتبر الخبير الاقتصادي جمال النور الدين أن "جميع الحكومات في الجزائر تدخّلت لوضع حدٍّ أدنى للأجور، وبالتالي هو قرارٌ سياسيٌّ قبل أن يكون قرارًا اقتصاديًا. السلطات في الجزائر ترى هذا الإجراء مسكّناً اجتماعيا تلجأ إليه كلما أحست بغليان الشارع، متجاهلة عجز الخزينة العمومية الذي فاق 30 مليار دولار".
ويضيف في حديث مع "العربي الجديد" أن "رفع الأجور إن لم تقابله وتيرة تنموية وإنتاج مكثّف للسلع والخدمات، فسيسبّب ارتفاعًا في الأسعار، ما يترتب عنه ارتفاع في مستوى التضخّم، وبالتالي لن تتحسن القدرة الشرائية للمواطن".
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد صادق في 3 مايو/ أيار الحالي، على الموازنة التكميلية لسنة 2020، والتي جاءت تحت ضغط انهيار عائدات النفط وتضرر الاقتصاد الجزائري الهش من تفشي جائحة "كورونا".
وتوقعت الحكومة تهاوي احتياطي البلاد من العملة الصعبة من 51.6 مليار دولار، كما هو محدد في الموازنة الحالية، إلى 44.2 مليار دولار في الموازنة التكميلية، كما رجّحت أن يتسبب تراجع الطلب النفطي العالمي في تقليص صادرات الجزائر 7.5 في المائة.