زليخة نصري.. رحيل مستشارة ملك المغرب لشؤون الفقراء

16 ديسمبر 2015
زليخة نصري (العربي الجديد)
+ الخط -

رحلت مستشارة العاهل المغربي محمد السادس، زليخة نصري، عن سن الـ70، إثر جلطة دماغية فاجأت السيدة التي يصفها المغاربة بـ"المرأة الحديدية"، حيث أفاد مقرّبون منها بأنها لفظت أنفاسها الأخيرة صباح اليوم الأربعاء.

وأعرب الملك محمد السادس، في برقية لعائلة الفقيدة، عن "أحر تعازيه وأصدق مشاعر مواساته لفقدان امرأة من طينة زليخة نصري".

وفي شهادة عن الراحلة، قالت الوزيرة المغربية المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، شرفات أفيلال، لـ"العربي الجديد"، إن رحيل المستشارة زليخة نصري، خسارة كبيرة للمغرب، وخاصة للنساء المغربيات، اللاتي كن ينظرن إليها كنموذج للمرأة المغربية الجادة والعصامية، والتي استطاعت تحقيق أشياء كثيرة بجهدها الذاتي.

وأضافت الوزيرة أن الراحلة ستظل راسخة في ذاكرة المغاربة، وخاصة أنها "أول امرأة تعيّن في منصب مستشارة لجلالة الملك محمد السادس".

وأكدت شرفات أفيلال أن قوة الراحلة من بين نقاط كثيرة اكتسبتها، تكمن في عملها في صمت، وبعيداً عن الأضواء. 

وكانت زليخة المرأة الوحيدة التي تهمس في أذن الملك مباشرة وسط ديوانه الاستشاري، حيث بدأت مهامها داخله منذ سنة 2000، عقب قرار ملكي بتعيينها مستشارة له، بعد أن كانت مكلفة بمهمة داخل الديوان منذ العام 1998، وقبل ذلك، بسنة، شغلت منصب كاتبة للدولة بوزارة الشؤون الاجتماعية المكلفة بالتعاون والوطني، وأمسكت في العام 1999 بأكبر مؤسسة اجتماعية مغربية (مؤسسة محمد الخامس للتضامن).

عمل الراحلة داخل المؤسسات الاجتماعية، وتكليفها من طرف الملك الراحل الحسن الثاني بهذا المجال داخل الحكومة، جعل من وجهها لصيقاً بمختلف المشاريع الاجتماعية والتنموية المرتبطة بالاقتصاد التضامني، التي أشرف العاهل المغربي شخصياً على تدشينها. فلا يمكن أن تخطئ العين، وهي تتابع الأنشطة الملكية الاجتماعية على القنوات المغربية، زليخة نصري، وهي تتنقل بين الحاضرين، وتوجه بعضهم، وهي تُظهر تمكّنها، واطلاعها على ما يشرف عليه الملك.

ابنة مدينة الشرق، وخريجة المدارس العمومية المغربية، منذ سنوات الدراسة الابتدائية، وحتى التحاقها بالمدرسة الإدارية بالعاصمة الرباط، قبل أن تحصل على شهادة الدكتوراه في التأمين بالمملكة، بعد مسار الدراسات العليا في فرنسا.

وقبل اقتحامها للمجال الاجتماعي بالمغرب، عيّنت بقسم التأمينات، بوزارة المالية. وقد دفعتها ضرورة الملاءمة بين التكوين والوظيفة إلى تحضير دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في التأمينات بمعهد التأمينات بليون (جامعة جان مولان بفرنسا)، حيث حصلت على دكتوراه دولة في القانون الخاص. وكان موضوع أطروحتها "قانون التأمينات بالمغرب"، وقد صدرت ضمن منشورات لابورت سنة 1982.

ويتذكر المغاربة يوم زار العاهل المغربي محمد السادس مقر "الخيرية الإسلامية عين الشق" بمدينة الدار البيضاء، حينها تجوّل الملك بين أروقة بناية أوضاعها أشبه بـ"مراحيض عمومية" لم تمر بها مواد النظافة لسنوات. حينها، لعبت المستشارة الراحلة دوراً مهمّاً في فضح ملفات الفساد التي عرفتها الخيرية، وقامت قبل زيارة الملك لها في صيف العام 2005، بمعاينة وضعها سراً، ثم نقلت للعاهل المغربي رسالة وقرصاً مدمجاً تضمن مشاهد نقلتها التلفزة المغربية بعد الزيارة.

وكان ملف الخيرية الأبرز في مسار زليخة نصري، حيث قاد تدخلها إلى اعتقال مديرها ومحاكمته بأمر مباشر من محمد السادس، مع ثمانية متهمين في الملف.

كما لعبت المستشارة الراحلة دوراً مهماً في زيارة وصفت بالتاريخية من طرف وسائل الإعلام المغربية، قادت ملك المغرب إلى منطقة "أنفكو" (إقليم ميدلت، جنوب شرق المغرب)، بعد وفاة عشرات الأطفال في المنطقة الجبلية بسبب برد شتاء العام 2008. زيارة عجّلت بتدشين طريق معبّدة ربطت قرى المنطقة بمجموعة من مراكز المدن والبلديات المغربية هناك، كما تم تدشين مشاريع صحية واجتماعية واقتصادية لصالح السكان.


اقرأ أيضاً: المغرب: "العدل والإحسان" تدعو لنبذ العنف والتصدي للإرهاب