ليست الزراعة البيتيّة ظاهرة جديدة في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، وتحديداً الزراعة على السطوح. لكن اليوم، وفي ظل الأزمة الاقتصاديّة التي يعيشها الفلسطينيون واللّبنانيون نتيجة فيروس كورونا الجديد، وارتفاع سعر صرف الدولار، زادت أسعار السلع الغذائية ومن بينها الخضار. ومع انتشار البطالة، لجأ العديد من سكان المخيم إلى زراعة الخضار على أسطح المنازل مستخدمين أي وعاء، فيما لجأ آخرون إلى الزراعة في أراض صغيرة قرب المنازل.
في هذا السياق، يقول أستاذ الرياضيات المياوم في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، محمد ياسين، والذي يتحدّر من بلدة المنشية في فلسطين (قضاء طولكرم)، ويقيم في مخيم عين الحلوة، ومتزوج وله طفلان، إنه لا يتقاضى راتباً في فصل الصيف. يُضيف: "أدرّس مادة الرياضيات للصفوف المتوسطة في مدارس الأونروا، وكان لديّ مركز تربوي للتعليم الخاص في المخيم، وقد أغلقته لاحقاً بعدما أراد أصحابه إنهاء عقد الإيجار. ولم أعاود فتحه مرة ثانية لأنني لم أجد مكاناً مناسباً".
وفي ما يتعلق بالزراعة، يقول: "بداية، كان مشروع الزراعة بالنسبة لي مجرد هواية، وقد اعتدت زراع فاكهة الفريز (الفراولة) منذ ثلاث سنوات على سطح منزلي، إلى أن تطورت هذه الهواية وصرت أزرع الباذنجان، والخيار، والبندورة (الطماطم)، والفلفل الحار والحلو، والكوسى، والنعناع، وغيرها. وقبل ستة أشهر، صرت أزرع بعض أنواع الفاكهة في البيت، أي بعد ثورة 17 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي التي انطلقت إثر فشل الحكومة اللبنانية في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية، وقد ساءت الأحوال خلال أزمة كورونا والحجر المنزلي. وفي الوقت نفسه، خسر معظم الناس أعمالهم، كما أن أسعار الخضار ارتفعت بشكل جنوني بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وبات يتعذر على الفلسطيني شراء بعض أنواع الخضار. فكرت بزراعة تلك التي نحتاجها يومياً، وتحديداً الطماطم والحشائش كالبقدونس والنعناع، أقله لعائلتي".
أما عن جودة الإنتاج، فيقول: "الإنتاج ليس جيداً مائة في المائة، إذ تحتاج الزراعة إلى خبرة، وما زالت خبرتي ضعيفة. لكن في الوقت نفسه، أستشير أحد المهندسين الزراعيين في بعض الأمور، ما يساعدني على تحسين نوعية الإنتاج".
أما عن الأوعية التي يستخدمها للزراعة، فيقول إنه يستخدم أي شيء يمكن أن يزرع فيه، كوعاء استحمام الأطفال، أو قسطل المياه المالحة، أو برميل، أو غير ذلك". ويختم حديثه قائلاً: "من خلال الزراعة، حاولت تأمين ما استطعت خشية حدوث الأسوأ لأكون مستعداً". يشار إلى أن هذه الزراعة تعد عضوية ولا تستخدم فيها المواد الكيميائية.
أما وسام عبد القادر، المقيمة في المخيم، والتي تتحدّر من قطاع غزة، فتقول إنّها تعمل كمعالجة فيزيائية، "ولدي مرضاي الذين أزورهم في البيوت. لكن ليس لدي عيادة ولا أعمل في مركز متخصّص. سابقاً، كنت أعمل في مركز. لكنني تركت العمل فيه منذ ثلاث سنوات. وحالياً، أعمل في مركز الأمل للمسنين كباحثة اجتماعية".
أما عن زراعة الخضار في المنزل، فتقول: "أحب الزراعة منذ زمن، وكنتُ أشاهد كيفية زراعة الشتول والاعتناء بها من خلال اليوتيوب، وهذا الأمر شجعني كثيراً وصرت أعتني بالمزروعات من خلال اتباع الإرشادات عبر يوتيوب". تتابع: "في البداية، كنت أهتم بزراعة بعض أنواع الثمار، كالرمان، والأفوكادو والحمضيات حول منزلنا. وقد استعنت بمتخصصين للاهتمام بها. لاحقاً، صرت أهتم بزراعة الخضار، كالخيار والكوسى وغيرها، لأننا نعيش أزمة اقتصادية صعبة، وصار يتعذر علينا شراء بعض أنواع الخضار. ما ننتجه يعد كافياً لبيتنا، ونساعد الجيران بما يفيض. بعض العائلات اعتمدت على الزراعة البيتية وصارت تبيع بعض ما تنتجه".
تضيف: "في المخيم جمعية ناشط الثقافية الاجتماعية تقدم شتولاً للناس لزرعها في خيام تؤمنها لمساعدتهم اقتصادياً، وقد علمت بالأمر وسأتقدم بطلب شتول وخيام من أجل الزراعة. أنا أزرع الأرض، لكنّ زراعتي ليست ناجحة مائة في المائة لأن المزروعات لا تصلها الشمس بشكل جيد بسبب التصاق البيوت في المخيم بعضها ببعض. كما أن الأشجار التي في حديقتنا تحجب نور الشمس عن المزروعات. لذلك، فإن الزراعة على الأسطح هي الأنجح لأنها تنال حاجتها من الهواء والشمس".