رهان مغربي على دعم صيني للصناعة والسياحة

04 سبتمبر 2018
مشاريع للبنى التحتية في المغرب (فرانس برس)
+ الخط -
نجحت الصين  في تغيير الصورة التي رسخت عنها في أذهان المغاربة في الأعوام الأخيرة، إذ لم تعد مصدراً للسلع المقلدة، بل أضحت مساهمة مستثمريها مطلوبة في الحركة الاقتصادية  في المملكة، كما أصبحت زيارة السياح من هذا البلد تلقى الترحيب المجتمعي. 

وتتطلع المملكة إلى جذب استثمارات  صينية كبيرة، مستفيدة من موقعها الجغرافي القريب من أوروبا، وهو ما يدفع الباحث المغربي طارق كابران، إلى التشديد في حديث مع "العربي الجديد"، على أن المغرب يلعب ورقة مهمة في مشروع طريق الحرير الذي بلوره الصينيون، فهو صلة وصل بين البلدان الأفريقية  الناطقة بالفرنسية وجنوب أوروبا.

وقد التقى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الاثنين الماضي، في بكين، بمسؤولي عدد من الشركات الصينية الكبرى، حيث وعد بتحسين مناخ الأعمال لفائدة المستثمرين المغاربة والأجانب.

في حين لفت وزير الصناعة والتجارة والاستثمار المغربي مولاي احفيظ العلمي، إلى أن المبادلات التجارية بين المغرب والصين لم تتعد 3.83 مليارات دولار، بزيادة وصلت في المتوسط إلى 18 في المائة في الأعوام الستة الأخيرة.

ويتبين من تقرير المديونية، الذي أرفقته وزارة الاقتصاد والمالية بمشروع موازنة العام الحالي، أن المغرب لم يستدن من الصين، حيث يركز أكثر على الاستثمارات المباشرة.

ولا تتعدى قيمة المشاريع الصينية المباشرة في المملكة 163 مليون دولار حتى نهاية العام الماضي، حيث تنصب، بشكل خاص، على قطاعات الصيد، والبلاستيك، وتجميع المحركات، وفق التقارير الرسمية.

ولا يخفي الصينيون بحثهم عن فرص في المملكة، خاصة في مشاريع الموانئ، والمحطات الكهربائية، والغاز والطاقة الشمسية. ويرنو الصينيون عبر الاستثمار بالمغرب، لتعزيز وجودهم في السوق الأوروبية، التي يسهل بلوغها عبر ميناء طنجة المتوسطي الذي يعتبر من أبرز الموانئ الاستراتيجية في المنطقة.

وكان المغرب قد أجرى مباحثات مع الصين من أجل الانضمام لمبادرة "طريق الحرير"، التي أطلقها العملاق الآسيوي قبل ستة أعوام، والتي ضمت أفريقيا والمغرب العربي عبر استثمارات مهمة. وتناولت المباحثات التي أفضت إلى إبرام مذكرة التفاهم في 2017، بحث إمكانيات إنجاز استثمارات في البنى التحتية، التي تهم تطوير الطرق السيارة والموانئ، وإحداث مناطق صناعية.

ويقوم التصور المغربي للعلاقات مع الصين على تفادي تحول المملكة إلى سوق للسلع فقط، بل يراد التركيز أكثر على الاستثمارات الصناعية، واستخدام المغرب كممر ترانزيت تجاري.

وسبق للصين أن انخرطت، قبل مذكرة "طريق الحرير"، في مشروع مدينة محمد السادس تيك، وفي الوقت نفسه، عمدت شركة "بي واي دي"، إلى خلق فرع للنقل الكهربائي بالمملكة.

وتعتبر تلك المدينة الصناعية، التي تتولى بناءها المجموعة الصينية "هيتي"، إحدى أكبر المناطق الصناعية في القارة السمراء، وينتظر أن تستقبل 200 شركة صينية وستحتضن مشاريع سكنية تتسع لـ300 ألف نسمة. وستقام تلك المدينة، التي سيستغرق بناؤها عشرة أعوام، على مساحة 20 ألف هكتار، وتقتضي استثمارات بـ10 مليارات دولار، ما سيساعد على توفير 100 ألف فرصة عمل.

ويراهن المغرب على جذب السياح الصينيين، في سياق سعيه لتنويع أسواقه، وهو ما يبرر لجوء المملكة إلى إعفاء سياح العملاق الآسيوي من تأشيرة الدخول، ما رفع عددهم من 34 ألفاً في 2016 إلى 107 آلاف في العام الماضي، حسب المرصد المغربي للسياحة.

ويتوقع مهنيون ارتفاع عدد السياح الصينيين الذين يزورون المملكة إلى 500 ألف في العام المقبل. ويعتبر أمين التوس، المسؤول بأحد الفنادق بمراكش، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه يفترض بذل مجهود كبير على مستوى الترويج للمنتج السياحي المغربي في الصين، عبر مراعاة عاملي اللغة والديموغرافيا.

وأطلق انخراط المغرب في مبادرة "طريق الحرير"، سلسلة لقاءات بين رجال الأعمال من البلدين، حيث جرت دعوة المستثمرين المغاربة لاقتناص الفرص التي تتيحها تلك المبادرة في الصين. وأضحى متاحاً للشركات المغربية التي لها علاقات تجارية أو استثمارات مع الصين، أن تستعمل اليوان، من دون المرور بالدولار الأميركي، وفق ما كرسه اتفاق مصرف "التجاري وفا بنك" وبنك الصين.
المساهمون