"رقص في يافا" هو وثائقي (84 دقيقة) للمخرجة الإسرائيلية هيلا ميداليا، بدأ عرضه الأسبوع الماضي في فرنسا، ويسلّط الضوء على مشروع الراقص المحترف بيار دولان الذي عاد إلى مدينة يافا حيث وُلد عام 1944 (من أب سكوتلندي وأم فلسطينية) لإعطاء "دروس في الرقص لأطفال فلسطينيين ويهود".
وبسرعة، يتّضح لنا في الفيلم أن هدف دولان من تعليم هؤلاء الأطفال فن الرقص، الذي يتطلب من الراقص التحكّم بجسده والاتحاد بجسد مراقصه، هو "تحطيم حاجز الخوف وعدم الثقة الذي يفصل بينهم".
من حيث المبدأ، قد يبدو هذا الهدف نبيلاً وحكيماً لمشاهد غربي لا يعرف كثيراً عن القضية الفلسطينية ولا يستطيع أن يفهمها واقعة استعمارية كما هي في الحقيقة. وربما يقول إن الأطفال أبرياء إلى أي جهةٍ انتموا، ويجب أن تبدأ معهم مهمة كسر الحاجز المذكور.
لكن التسليم بطريقة التفكير هذه في الحالة الفلسطينية/ الإسرائيلية يعني بكل بساطة "وضع المحراث أمام الثور"، كما يقول الفرنسيون، أي دفع الفلسطينيين إلى تطبيع علاقاتهم مع الكيان الصهيوني قبل الحصول على أي شيء من حقوقهم المسلوبة. ويعني أيضاً نفي الطبيعية الاستعمارية لـ"اسرائيل".
أكثر من ذلك، تصوّر المخرجة، على هامش موضوعها الرئيس، الواقع اليومي للفلسطينيين والإسرائيليين بشكلٍ تبدو فيه المواجهة بينهما وكأنها صراع بين طرفَين متساويين في المعاناة، ما يضع الضحية والجلاد في خانة واحدة!
ولا عجب، بعد ذلك، في دعم "المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية" (CRIF) لهذا الفيلم وقيامه بالترويج لعرضٍ أول له في باريس استبق خروجه الرسمي إلى صالات العرض الفرنسية.
كنا نظن أن هذا النوع من الأفلام قد انتهى بعد أن أضحى ممجوجاً ومكشوفاً؛ لكن يبدو أن آلة الدعاية الصهيونية لا يمكنها أن تتوقف. ماذا يمكن للرقص فوق الأنقاض أن يقول لأهل يافا اللاجئين ونحن نقترب من الذكرى السادسة والستين للنكبة؟