04 نوفمبر 2024
رقصة أوباما الأخيرة
على نحو مفاجئ، تباشر الولايات المتحدة الأميركية حملة سياسيةً وإعلاميةً ضد روسيا، تحاول فيها حلحلة مواقف موسكو من الوضع المتأزم في سورية على أكثر من مستوى. لوّحت واشنطن بخيار العمل العسكري ضد قوات النظام السوري. وباشرت ضغوطاً دبلوماسية في مجلس الأمن، بالتنسيق مع فرنسا ودول غربية أخرى، لإصدار قرارٍ بشأن حلب، لوقف القصف العشوائي الذي تقوم به موسكو ودمشق ضد المدنيين المحاصرين هناك. وعلى الرغم من قوة مشروع القرار، إلا أن الفيتو الروسي ضده كان متوقعاً مسبقاً، وأكد ممثل روسيا في مجلس الأمن أن بلاده لن تسمح بتمرير القرار.
في سياق الحملة الأميركية الدعائية ضد روسيا بشأن سورية، سرّبت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية أنها تبحث حالياً إمكانية تنفيذ ضربات محدودة في سورية. تشمل ضرب ممرات إقلاع طائرات النظام السوري وهبوطها، وكذلك تدمير بعض مقار القيادة والتوجيه الميداني، خصوصاً المكلفة بمهام معركة حلب. وهو ما يشير إلى ارتباط التفكير الأميركي بهذا الخيار، بسبب الوضع المتأزم في حلب والدمار الذي تتعرّض له المدينة بفعل القصف المتواصل من الطيران الروسي والسوري. وفي هذا الارتباط أولى إشارات تفسير ذلك التحول الظاهري في الموقف الأميركي وأسلوب تعاطي واشنطن مع الأزمة السورية، فالأمر لا ينبع من رؤيةٍ شاملةٍ لكيفية حل الأزمة أو إدارتها، وإنما يقتصر على رغبة واشنطن في رفع الحرج الناجم عن وضع إنساني كارثي، وسط تعنتٍ روسيٍّ، يقابله تخاذل من الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. وما يؤكد ذلك أن التسريبات الأميركية، على الرغم من أنها بذاتها قد تكون مجرد إشاعات مقصودة لتخفيف الحرج، تقول إن الضربات المحتملة ستتم سرّاً، من دون إعلان رسمي، تجنباً لمواجهة أميركية روسية في سورية. ولكيلا يستغل الجمهوريون هذه الخطوة انتخابياً.
في سياق موازٍ، شنت واشنطن هجوماً دبلوماسياً حادّاً على موسكو بسبب سلوكها العسكري تجاه المدنيين في حلب. فللمرة الأولى منذ بداية التدخل العسكري الروسي قبل عام، اعتبر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن الأعمال الروسية في سورية "جرائم حرب" تستلزم تحقيقاً. وهي خطوة غير مسبوقة من الدبلوماسية الأميركية التي كانت تكتفي فقط بحث موسكو على الحذر في عملياتها العسكرية ومراعاة عدم استهداف المدنيين. وبعد التصريح الأميركي مباشرة، بادرت فرنسا إلى إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن، يدين قصف المدنيين، ويقضي بوقف إطلاق النار والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية للمحاصرين في حلب، إلا أن موسكو استخدمت "الفيتو" لإجهاض مشروع القرار الفرنسي (الغربي).
تبدو هذه الحركة الأميركية النشطة غير متسقةٍ مع المواقف المتخاذلة التي تبنتها واشنطن منذ نشوب الأزمة السورية، وخصوصاً في الفترة الأخيرة. ويمكن تفسير هذا التحول الظاهري من قراءة أبعاد تلك الحركة، فواشنطن التي لم تقم بأي تحرك عسكري ضد قوات بشار الأسد طوال خمس سنوات، ولم تساعد المعارضة السورية بأسلحةٍ كانت في أمسّ الحاجة إليها، خصوصاً مضادات الطائرات، ليس من الوارد أن تبادر الآن بعمل عسكري ضد بشار وبوتين معاً. والمعتاد أن أي رئيس أميركي لا يملك جرأة الإقدام على خطوة كهذه، قبل إجراء انتخابات الرئاسة بأسابيع قليلة. فكيف الحال بأوباما الذي لم يقدم شيئاً ملموساً، ولم يبادر إلى خطوةٍ جريئةٍ في أي ملف منذ دخوله البيت الأبيض قبل ثماني سنوات. ما تروجه واشنطن حالياً ليس سوى عملية استعراضية من أوباما قبل مغادرة البيت الأبيض، لكنه لا يرى أنه يؤدّي رقصته الأخيرة منفرداً، يشاهدها الجميع، ولا يصدّقها أحد.
في سياق الحملة الأميركية الدعائية ضد روسيا بشأن سورية، سرّبت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية أنها تبحث حالياً إمكانية تنفيذ ضربات محدودة في سورية. تشمل ضرب ممرات إقلاع طائرات النظام السوري وهبوطها، وكذلك تدمير بعض مقار القيادة والتوجيه الميداني، خصوصاً المكلفة بمهام معركة حلب. وهو ما يشير إلى ارتباط التفكير الأميركي بهذا الخيار، بسبب الوضع المتأزم في حلب والدمار الذي تتعرّض له المدينة بفعل القصف المتواصل من الطيران الروسي والسوري. وفي هذا الارتباط أولى إشارات تفسير ذلك التحول الظاهري في الموقف الأميركي وأسلوب تعاطي واشنطن مع الأزمة السورية، فالأمر لا ينبع من رؤيةٍ شاملةٍ لكيفية حل الأزمة أو إدارتها، وإنما يقتصر على رغبة واشنطن في رفع الحرج الناجم عن وضع إنساني كارثي، وسط تعنتٍ روسيٍّ، يقابله تخاذل من الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. وما يؤكد ذلك أن التسريبات الأميركية، على الرغم من أنها بذاتها قد تكون مجرد إشاعات مقصودة لتخفيف الحرج، تقول إن الضربات المحتملة ستتم سرّاً، من دون إعلان رسمي، تجنباً لمواجهة أميركية روسية في سورية. ولكيلا يستغل الجمهوريون هذه الخطوة انتخابياً.
في سياق موازٍ، شنت واشنطن هجوماً دبلوماسياً حادّاً على موسكو بسبب سلوكها العسكري تجاه المدنيين في حلب. فللمرة الأولى منذ بداية التدخل العسكري الروسي قبل عام، اعتبر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن الأعمال الروسية في سورية "جرائم حرب" تستلزم تحقيقاً. وهي خطوة غير مسبوقة من الدبلوماسية الأميركية التي كانت تكتفي فقط بحث موسكو على الحذر في عملياتها العسكرية ومراعاة عدم استهداف المدنيين. وبعد التصريح الأميركي مباشرة، بادرت فرنسا إلى إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن، يدين قصف المدنيين، ويقضي بوقف إطلاق النار والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية للمحاصرين في حلب، إلا أن موسكو استخدمت "الفيتو" لإجهاض مشروع القرار الفرنسي (الغربي).
تبدو هذه الحركة الأميركية النشطة غير متسقةٍ مع المواقف المتخاذلة التي تبنتها واشنطن منذ نشوب الأزمة السورية، وخصوصاً في الفترة الأخيرة. ويمكن تفسير هذا التحول الظاهري من قراءة أبعاد تلك الحركة، فواشنطن التي لم تقم بأي تحرك عسكري ضد قوات بشار الأسد طوال خمس سنوات، ولم تساعد المعارضة السورية بأسلحةٍ كانت في أمسّ الحاجة إليها، خصوصاً مضادات الطائرات، ليس من الوارد أن تبادر الآن بعمل عسكري ضد بشار وبوتين معاً. والمعتاد أن أي رئيس أميركي لا يملك جرأة الإقدام على خطوة كهذه، قبل إجراء انتخابات الرئاسة بأسابيع قليلة. فكيف الحال بأوباما الذي لم يقدم شيئاً ملموساً، ولم يبادر إلى خطوةٍ جريئةٍ في أي ملف منذ دخوله البيت الأبيض قبل ثماني سنوات. ما تروجه واشنطن حالياً ليس سوى عملية استعراضية من أوباما قبل مغادرة البيت الأبيض، لكنه لا يرى أنه يؤدّي رقصته الأخيرة منفرداً، يشاهدها الجميع، ولا يصدّقها أحد.