قال رئيس هيئة مكافحة الفساد في فلسطين رفيق شاكر النتشة إن لدى الهيئة عشرات قضايا الفساد قيد التحقيق، بعد استرداد 70 مليون دولار لصالح الخزينة، بالإضافة إلى صدور أحكام باسترداد نحو 400 مليون دولار.
وهذا نص المقالبة:
* ما هي أبرز إنجازات هيئة مكافحة الفساد خلال السنوات الخمس الماضية؟
أعتقد أن أبرز ما قمنا بإنجازه يرتبط باسترداد الأموال الفلسطينية التي تم تهريبها أو الاستيلاء عليها. إذ لدينا عشرات القضايا قيد التحقيق وأنجزنا مجموعة أخرى منها، وقمنا باسترداد 70 مليون دولار من قضايا الفساد المالي وذلك لصالح الخزينة العامة، 40 مليوناً من مصر، و20 مليوناً من العراق و10 ملايين من داخل الوطن، و400 دونم من الأراضي في قضايا عدة مرتبطة بالفساد، بالإضافة إلى صدور أحكام جاهزة باسترداد أموال لصالح الخزينة بنحو 400 مليون دولار، وهي تنتظر التطبيق.
* ما هي طبيعة عمل هيئة مكافحة الفساد في فلسطين؟
كل ما له علاقة في الفساد حسب التحديد القانوني نحن مسؤولون عنه، ليس فقط الفساد المالي أو الإداري أو التنظيمي، بل كل ما يثبت أنه فساد فهو من اختصاصنا، وذلك حسب الملف المقدم لدينا. هناك ملفات قيد البحث نتعامل معها، حيث إننا نمتلك ثلاثة طرق للتعامل مع الملفات، أولاً، قد يكون هذا الملف ليس من اختصاص الهيئة كلياً، ثانياً، ملفات محفوظة لعدم وجود أدلة كافية، ثالثاً، ملفات فيها شبهات وأدلة ومتهمون، وهذه تحوّل إلى المحكمة بعد انتهاء التحقيق، ومعنى هذا نحن مسؤولون عن أي قضية فساد في العالم لها صلة بطرف فلسطيني أو جهة فلسطينية.
* هل تستتقصون حول قضايا فساد أم تنتظرون حتى تأتيكم؟
المفروض أن أي شخص يطاوله القانون ووقع تحت أي شكل من أشكال الفساد عليه إرسال التهمة إلى الهيئة، باعتبارها العنوان الوحيد المتخصص في القانون وهناك قضايا يتم نشرها في وسائل الإعلام نذهب للتحقيق فيها بعد اطلاعنا عليها. ونستقبل الملفات والتقارير التي تأتينا من الوزراء أو مجلس الوزراء أو أي جهة مسؤولة أخرى.
اقرأ أيضا: عن كلمة "الرواتب" التي تتردد كثيراً في فلسطين
* هل لديكم لجنة لمراقبة المؤسسات؟
نحن لجنة، إذا تم تبليغنا نذهب لكننا لسنا مفتشين عن قضايا فساد، إذا وصلنا أي بلاغ أو اتهام لأي مؤسسة أو شخص نتوجه للتحقق من الموضوع، إذا وصلنا أي إشارة بوجود فساد أو مظهر من مظاهر الفساد نحن ملزمون بمتابعة هذا الأمر، حسب القانون وشعارنا: من أين لك هذا؟ وعلى المشتبه به أو المؤسسة أن تقدم الجواب بحسب القانون.
*مؤسسات المجتمع المدني تتحدث دائماً عن الفساد، هل تتابعون الملفّات التي تطرحها هذه الجمعيات؟ وهل تراقبون عمل الجمعيات نفسها؟
الجمعيات والمؤسسات والنقابات كلها تحت المراقبة، نحقق ونشكل لجان تحقيق، نحن لا نتعامل معها على أنها متهمة بل هي مؤسسات مجتمعية قانونية تخدم المجتمع، وهم ليسوا محصنين من المساءلة ولا يمتنعون عن تقديم الأجوبة اللازمة.
* هل مرت قضية مؤسسة "فلسطين الغد" التابعة للدكتور سلام فياض، وشبهة الاستخدام السياسي لأموال المؤسسة، على الهيئة؟
الكثير من القضايا تمر علينا ولكن نجد أنه لا يوجد فيها ما يؤكد صحة التهمة حتى نحفظها، سمعة الناس وكرامتهم ليست لعبة بيد أي شخص، لا يصدر عن الهيئة أي خبر دون أوراق ثبوتية بعد انتهاء التحقيق، إذا كان يستوجب تقديم الملف للمحكمة نقدمه وهي بدورها تنظر في الموضوع بشكل علني.
اقرأ أيضا: وهم انحسار البطالة المقنعة في فلسطين المحتلة
* هناك أشخاص حضروا من الخارج إلى فلسطين لا يملكون إلا رواتبهم. خلال 15 عاماً أو 20 عاماً باتوا من أصحاب الأملاك والعقارات والسيارات والفلل. هل يتم سؤالهم من أين لك هذا؟
هل المفروض أن يبقى كل فقير فقيراً للأبد؟ شخص نجح في عمله التجاري والمالي علينا تشجيعه وليس اتهامه بالفساد، دورنا يأتي إذا ظهرت حول هذا الشخص شبهات فساد أدت إلى هذه الثروة التي حقّقها.
* هل لديكم في الهيئة ملف فساد يتعلق بأموال اللاجئين في لبنان؟
نعم للأسف، ولأول مرة أتحدث عن الموضوع، وحين نصل إلى نتائج سنعلن عن ذلك، هناك جهات عدة لها علاقة بالموضوع، الملف يحتوي على تصرفات تخالف القانون وحينما نحصل على أجوبة عن هذه الاستفسارات من تلك الجهات سنقدم الملف إلى المحكمة بالأسماء وبالمبالغ وبالمواضيع التي حصل فيها فساد، المحكمة تدين أو تبرّئ والمتهمون سيحضرون بمحاميهم للدفاع عن أنفسهم.
* هل هناك خطوط حمراء على شخصيات أو مؤسسات؟
لا توجد أي خطوط حمراء ولا يوجد أي شخص فوق القانون، لا عضو لجنة مركزية ولا تنفيذية ولا الحكومة ولا الرئاسة. ومن لديه قضية فليتقدّم إلى الهيئة، رفعت إلينا قضية، وكنا بحاجة لاستفسار وأجوبة ومتابعة مع أعضاء من الكتل الفلسطينية المناضلة والتاريخية في الساحة الفلسطينية، وأحضرناهم وحققنا معهم، لا أحد فوق القانون.
التحقيقات عندنا تثبت أنه لا يوجد صغير أو كبير، حسب قانون الهيئة "الراقي والمتميز" فإن الأحزاب والهيئات والفصائل والجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني (NGO) هي تحت القانون، وحققنا مع أحزاب ومسؤوليها وجمعيات، ولم نقدم أي جهة للمحاكمة لأنه لا يوجد أي تهم.
* المجلس التشريعي معطل منذ ثماني سنوات تقريباً، مخصصات المكاتب والمصاريف التي تنفق منذ ذلك الحين، أليست فساداً؟
هذا موضوع إداري وبحاجة إلى دراسة من قبل المسؤولين. أين هو الفساد؟ فليقولوا هذا موضوع فساد ونحن نتابع، هذا مجلس تشريعي يصدر القوانين، أعطونا صلاحيات ونحن نبدأ بالمتابعة، لا نطلب صلاحيات من أي جهة كانت، لدينا الكثير من الملفات نتابعها، لا أدافع عن أحد، لكن هذا موضوع سياسي يتعلق بالنظام السياسي للدولة.
اقرأ أيضا: سواعد فلسطين: واقع الانتهاكات بين حواجز الاحتلال وحدّة البطالة
* هل هناك متابعة للملفات بعد تحويلها من الهيئة؟
طبعاً، لدينا وكيل نيابة من الهيئة موجود في المحكمة لمتابعة القضية، من النيابة الموجودة في الهيئة، لا بل إن تميزنا في الهيئة عن الدول الأخرى أنه يوجد لدينا وكيل نيابة في المحكمة من طرفنا.
* هل تعتبر أن وجود هيئة مكافحة الفساد قلل من مظاهر الفساد؟
مع الأسف لا يوجد لدينا إحصاءات دقيقة، ولا نستطيع مقارنة أنفسنا مع مؤسسة أخرى، لكن حسب المعطيات والقضايا والاتصالات التي نتلقاها، أصبح هناك رادع حقيقي للفساد والفاسدين.
* فيما يتعلق بموضوع إقرار الذمة المالية إلى أين وصل؟
نحن نتابع حتى اللحظة تعبئة النماذج التي تم توزيعها على 280 ألف حالة من الموظفين، وبرأيي أن 280 ألف حالة لا ضرورة لها، لكن القانون يقول إن هناك ضرورة، هناك عشرات الآلاف ليس لهم علاقة بالأمور المالية والممتلكات والعقارات.
* الأموال التي يتم استردادها إلى أين تذهب؟
الأموال التي نستردها تأخذ أشكالاً مختلفة، إذا كان عقاراً، نسأل الأصل عن صاحبه، فمثلاً إذا كان تابعاً لوزارة المالية فيعود لها، للفصائل يعود إليها، هذه الأموال تمت سرقتها من الصندوق القومي الفلسطيني لذا تعود إلى الصندوق، وهكذا، تعاد إلى الجهة التي أُخذت منها.
* طلبتم قبل فترة من الإمارات ومصر تسليم عدد من المتهمين بالفساد، إلى أين وصلتم؟
في الحقيقة هناك متابعة مع الإمارات ومصر وعدد من الدول لتسليم أشخاص متهمين بقضايا فساد وسرقة من أموال الشعب الفلسطيني لكن دون نتيجة، لم يتم تسليمنا إلا شخص واحد من الأردن حيث إن الملك عبد الله وقع على قانون هيئة مكافحة الفساد الذي تقوم بموجبه السلطات الأردنية بتسليمنا أي مطلوبين للتحقيق، وحتى اللحظة نقوم بالتحقيق مع هذا الشخص الذي اختلس ملايين الدولارات قبل بضع سنوات وأقام بها مشاريع تجارية.
اعتقل الإنتربول هذا الشخص وسلمنا إياه، برغم أنه يحمل الجنسية الأردنية واستلمناه عن المعبر وحتى اللحظة نقوم بالتحقيق معه حيث قام باختلاس ملايين الدولارات إلى الأردن وإقامة مشاريع تجارية هناك، هناك أربعة متهمين في هذه القضية حققنا معهم وتم الإفراج عنهم بكفالة لحين انتهاء القضية حيث إن المتهم الرئيسي اعترف بكل التهم الموجهة إليه.
اقرأ أيضا: الاحتلال يقضي على دباغة الجلود في الخليل
* كيف يتم التعامل مع الهاربين خارج فلسطين وعليهم قضايا فساد؟
بعضهم نستدعيه للتحقيق ويحضر وبعضهم لا يحضر، وفي هذه الحالة نتعامل مع وزير العدل والنائب العام ووزير الخارجية لطلب استرداده من البلد الموجود فيه ونفرض الحجز على أمواله وعقاراته حتى انتهاء التحقيق، بعض الدول تتيح لنا التحقيق مع هذا الشخص في سفارتنا في تلك الدولة، باعتبارها أرضاً فلسطينية لكن هذا لا يكفي، نفعل المستحيل للتحقيق معه هنا في فلسطين، إذا ثبتت التهمة على المتهم نسترد الأموال والعقارات ونرجعها لخزينة الدولة الفلسطينية.
* ما هي المعوقات التي تواجهها هيئة مكافحة الفساد؟
هروب المتهمين بقضايا فساد إلى خارج الوطن وبطء التعاون مع الدول الأخرى، لتسليمنا المطلوبين حيث إننا طالبنا في أيار/مايو الماضي دولاً عدة، لتسليمنا مطلوبين للتحقيق، إلا أنهم لم يستجيبوا مع مطالبنا هذه، بالإضافة إلى هروب المتهمين أيضاً إلى الأراضي المحتلة، وسبق أن طالبت سلطات الاحتلال بالإفراج عن أحد المحتجزين والمتهم الرئيسي في قضية السيارات المهربة والتهرب الجمركي فيما يتعلق بأكثر من 380 سيارة والتي تعرف بقضية (جيبات الـ BMW). علماً أن الاحتلال يلعب دوراً في الكثير من قضايا الفساد.
* ما هي أهداف هيئة مكافحة الفساد؟
نريد أن نصل إلى فلسطين خالية من الفساد، نحن بحاجة إلى ثورة إدارية في السلطة على صعيد القضاء والنيابة، فهي بحاجة إلى تحديث لكل أدوات إدارية، يجب أن يكون هناك إدارة علمية متقدمة تخدم الشعب الفلسطيني، أدعو من أخطأ او أجرم بحق الشعب الفلسطيني لتقديم ما عندهم، لأن القانون يسقط عنهم العقوبة، عليهم أن يلحقوا بأنفسهم، هذه فرصة لهم لتسليم أنفسهم أفضل من أن نصل نحن إليهم لأنه حينها سنقاضيهم، وسنأخذ منهم ما اختلسوه بالقوة وسيسجنون.
الفساد في فلسطين... ومكافحته
انطلقت فكرة محاربة الفساد في فلسطين بمحاولات متعددة على أكثر من صعيد رسمي وشعبي، كان أهمها صدور قانون الكسب غير المشروع رقم (1) لسنة 2005، وبعده القانون رقم (7) لسنة 2010 المعدل للقانون السابق، والذي أسس هيئة مكافحة الفساد وعين رئيسها. وقد أطلقت فلسطين عام 2012 إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وهي الإستراتيجية الأولى منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وقد تم في إطارها تحقيق إنجازات في مجال الملاحقة القضائية وإنفاذ القانون المرتبط بمكافحة الفساد والوقاية منه، إضافة إلى التثقيف والتوعية المجتمعية.
وفي العام الحالي تم الإعلان عن إستراتيجية ثانية، لمدة ثلاثة أعوام، بعدما زاد عدد شركاء هيئة مكافحة الفساد في بلورتها عن عشرين مؤسسة حكومية وغير حكومية. وجاءت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد استكمالاً لانضمام فلسطين إلى اتفاقيات مكافحة الفساد الدولية والعربية، وآخرها الانضمام إلى اتفاقيات الأمم المتحدة، حول مكافحة الفساد، واعتبار فلسطين عضواً فاعلاً فيها. يذكر أن الاتفاقيات اعتمدت في نيويورك عام 2003، وأصبحت عضوية فلسطين فاعلة بدءاً من منتصف 2014. ويواجه الفلسطينيون الكثير من المشكلات المرتبطة بالفساد، وخصوصاً فيما يتعلق بالفساد المالي.
بطاقة
يرأس رفيق شاكر النتشة، هيئة مكافحة الفساد منذ 2010. أنهى الدراسة الثانوية في الخليل، ثم التحق بالجامعة اللبنانية، وأكمل الدراسات العليا في جامعة القاهرة، وحصل على شهادة الدكتوراه من موسكو. أصبح وزير زراعة في 2002، وانتخب رئيساً للمجلس التشريعي في 2003. وله العديد من المؤلفات.
أعتقد أن أبرز ما قمنا بإنجازه يرتبط باسترداد الأموال الفلسطينية التي تم تهريبها أو الاستيلاء عليها. إذ لدينا عشرات القضايا قيد التحقيق وأنجزنا مجموعة أخرى منها، وقمنا باسترداد 70 مليون دولار من قضايا الفساد المالي وذلك لصالح الخزينة العامة، 40 مليوناً من مصر، و20 مليوناً من العراق و10 ملايين من داخل الوطن، و400 دونم من الأراضي في قضايا عدة مرتبطة بالفساد، بالإضافة إلى صدور أحكام جاهزة باسترداد أموال لصالح الخزينة بنحو 400 مليون دولار، وهي تنتظر التطبيق.
* ما هي طبيعة عمل هيئة مكافحة الفساد في فلسطين؟
كل ما له علاقة في الفساد حسب التحديد القانوني نحن مسؤولون عنه، ليس فقط الفساد المالي أو الإداري أو التنظيمي، بل كل ما يثبت أنه فساد فهو من اختصاصنا، وذلك حسب الملف المقدم لدينا. هناك ملفات قيد البحث نتعامل معها، حيث إننا نمتلك ثلاثة طرق للتعامل مع الملفات، أولاً، قد يكون هذا الملف ليس من اختصاص الهيئة كلياً، ثانياً، ملفات محفوظة لعدم وجود أدلة كافية، ثالثاً، ملفات فيها شبهات وأدلة ومتهمون، وهذه تحوّل إلى المحكمة بعد انتهاء التحقيق، ومعنى هذا نحن مسؤولون عن أي قضية فساد في العالم لها صلة بطرف فلسطيني أو جهة فلسطينية.
* هل تستتقصون حول قضايا فساد أم تنتظرون حتى تأتيكم؟
المفروض أن أي شخص يطاوله القانون ووقع تحت أي شكل من أشكال الفساد عليه إرسال التهمة إلى الهيئة، باعتبارها العنوان الوحيد المتخصص في القانون وهناك قضايا يتم نشرها في وسائل الإعلام نذهب للتحقيق فيها بعد اطلاعنا عليها. ونستقبل الملفات والتقارير التي تأتينا من الوزراء أو مجلس الوزراء أو أي جهة مسؤولة أخرى.
اقرأ أيضا: عن كلمة "الرواتب" التي تتردد كثيراً في فلسطين
* هل لديكم لجنة لمراقبة المؤسسات؟
نحن لجنة، إذا تم تبليغنا نذهب لكننا لسنا مفتشين عن قضايا فساد، إذا وصلنا أي بلاغ أو اتهام لأي مؤسسة أو شخص نتوجه للتحقق من الموضوع، إذا وصلنا أي إشارة بوجود فساد أو مظهر من مظاهر الفساد نحن ملزمون بمتابعة هذا الأمر، حسب القانون وشعارنا: من أين لك هذا؟ وعلى المشتبه به أو المؤسسة أن تقدم الجواب بحسب القانون.
*مؤسسات المجتمع المدني تتحدث دائماً عن الفساد، هل تتابعون الملفّات التي تطرحها هذه الجمعيات؟ وهل تراقبون عمل الجمعيات نفسها؟
الجمعيات والمؤسسات والنقابات كلها تحت المراقبة، نحقق ونشكل لجان تحقيق، نحن لا نتعامل معها على أنها متهمة بل هي مؤسسات مجتمعية قانونية تخدم المجتمع، وهم ليسوا محصنين من المساءلة ولا يمتنعون عن تقديم الأجوبة اللازمة.
* هل مرت قضية مؤسسة "فلسطين الغد" التابعة للدكتور سلام فياض، وشبهة الاستخدام السياسي لأموال المؤسسة، على الهيئة؟
الكثير من القضايا تمر علينا ولكن نجد أنه لا يوجد فيها ما يؤكد صحة التهمة حتى نحفظها، سمعة الناس وكرامتهم ليست لعبة بيد أي شخص، لا يصدر عن الهيئة أي خبر دون أوراق ثبوتية بعد انتهاء التحقيق، إذا كان يستوجب تقديم الملف للمحكمة نقدمه وهي بدورها تنظر في الموضوع بشكل علني.
اقرأ أيضا: وهم انحسار البطالة المقنعة في فلسطين المحتلة
* هناك أشخاص حضروا من الخارج إلى فلسطين لا يملكون إلا رواتبهم. خلال 15 عاماً أو 20 عاماً باتوا من أصحاب الأملاك والعقارات والسيارات والفلل. هل يتم سؤالهم من أين لك هذا؟
هل المفروض أن يبقى كل فقير فقيراً للأبد؟ شخص نجح في عمله التجاري والمالي علينا تشجيعه وليس اتهامه بالفساد، دورنا يأتي إذا ظهرت حول هذا الشخص شبهات فساد أدت إلى هذه الثروة التي حقّقها.
* هل لديكم في الهيئة ملف فساد يتعلق بأموال اللاجئين في لبنان؟
نعم للأسف، ولأول مرة أتحدث عن الموضوع، وحين نصل إلى نتائج سنعلن عن ذلك، هناك جهات عدة لها علاقة بالموضوع، الملف يحتوي على تصرفات تخالف القانون وحينما نحصل على أجوبة عن هذه الاستفسارات من تلك الجهات سنقدم الملف إلى المحكمة بالأسماء وبالمبالغ وبالمواضيع التي حصل فيها فساد، المحكمة تدين أو تبرّئ والمتهمون سيحضرون بمحاميهم للدفاع عن أنفسهم.
* هل هناك خطوط حمراء على شخصيات أو مؤسسات؟
لا توجد أي خطوط حمراء ولا يوجد أي شخص فوق القانون، لا عضو لجنة مركزية ولا تنفيذية ولا الحكومة ولا الرئاسة. ومن لديه قضية فليتقدّم إلى الهيئة، رفعت إلينا قضية، وكنا بحاجة لاستفسار وأجوبة ومتابعة مع أعضاء من الكتل الفلسطينية المناضلة والتاريخية في الساحة الفلسطينية، وأحضرناهم وحققنا معهم، لا أحد فوق القانون.
التحقيقات عندنا تثبت أنه لا يوجد صغير أو كبير، حسب قانون الهيئة "الراقي والمتميز" فإن الأحزاب والهيئات والفصائل والجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني (NGO) هي تحت القانون، وحققنا مع أحزاب ومسؤوليها وجمعيات، ولم نقدم أي جهة للمحاكمة لأنه لا يوجد أي تهم.
* المجلس التشريعي معطل منذ ثماني سنوات تقريباً، مخصصات المكاتب والمصاريف التي تنفق منذ ذلك الحين، أليست فساداً؟
هذا موضوع إداري وبحاجة إلى دراسة من قبل المسؤولين. أين هو الفساد؟ فليقولوا هذا موضوع فساد ونحن نتابع، هذا مجلس تشريعي يصدر القوانين، أعطونا صلاحيات ونحن نبدأ بالمتابعة، لا نطلب صلاحيات من أي جهة كانت، لدينا الكثير من الملفات نتابعها، لا أدافع عن أحد، لكن هذا موضوع سياسي يتعلق بالنظام السياسي للدولة.
اقرأ أيضا: سواعد فلسطين: واقع الانتهاكات بين حواجز الاحتلال وحدّة البطالة
* هل هناك متابعة للملفات بعد تحويلها من الهيئة؟
طبعاً، لدينا وكيل نيابة من الهيئة موجود في المحكمة لمتابعة القضية، من النيابة الموجودة في الهيئة، لا بل إن تميزنا في الهيئة عن الدول الأخرى أنه يوجد لدينا وكيل نيابة في المحكمة من طرفنا.
* هل تعتبر أن وجود هيئة مكافحة الفساد قلل من مظاهر الفساد؟
مع الأسف لا يوجد لدينا إحصاءات دقيقة، ولا نستطيع مقارنة أنفسنا مع مؤسسة أخرى، لكن حسب المعطيات والقضايا والاتصالات التي نتلقاها، أصبح هناك رادع حقيقي للفساد والفاسدين.
* فيما يتعلق بموضوع إقرار الذمة المالية إلى أين وصل؟
نحن نتابع حتى اللحظة تعبئة النماذج التي تم توزيعها على 280 ألف حالة من الموظفين، وبرأيي أن 280 ألف حالة لا ضرورة لها، لكن القانون يقول إن هناك ضرورة، هناك عشرات الآلاف ليس لهم علاقة بالأمور المالية والممتلكات والعقارات.
* الأموال التي يتم استردادها إلى أين تذهب؟
الأموال التي نستردها تأخذ أشكالاً مختلفة، إذا كان عقاراً، نسأل الأصل عن صاحبه، فمثلاً إذا كان تابعاً لوزارة المالية فيعود لها، للفصائل يعود إليها، هذه الأموال تمت سرقتها من الصندوق القومي الفلسطيني لذا تعود إلى الصندوق، وهكذا، تعاد إلى الجهة التي أُخذت منها.
* طلبتم قبل فترة من الإمارات ومصر تسليم عدد من المتهمين بالفساد، إلى أين وصلتم؟
في الحقيقة هناك متابعة مع الإمارات ومصر وعدد من الدول لتسليم أشخاص متهمين بقضايا فساد وسرقة من أموال الشعب الفلسطيني لكن دون نتيجة، لم يتم تسليمنا إلا شخص واحد من الأردن حيث إن الملك عبد الله وقع على قانون هيئة مكافحة الفساد الذي تقوم بموجبه السلطات الأردنية بتسليمنا أي مطلوبين للتحقيق، وحتى اللحظة نقوم بالتحقيق مع هذا الشخص الذي اختلس ملايين الدولارات قبل بضع سنوات وأقام بها مشاريع تجارية.
اعتقل الإنتربول هذا الشخص وسلمنا إياه، برغم أنه يحمل الجنسية الأردنية واستلمناه عن المعبر وحتى اللحظة نقوم بالتحقيق معه حيث قام باختلاس ملايين الدولارات إلى الأردن وإقامة مشاريع تجارية هناك، هناك أربعة متهمين في هذه القضية حققنا معهم وتم الإفراج عنهم بكفالة لحين انتهاء القضية حيث إن المتهم الرئيسي اعترف بكل التهم الموجهة إليه.
اقرأ أيضا: الاحتلال يقضي على دباغة الجلود في الخليل
* كيف يتم التعامل مع الهاربين خارج فلسطين وعليهم قضايا فساد؟
بعضهم نستدعيه للتحقيق ويحضر وبعضهم لا يحضر، وفي هذه الحالة نتعامل مع وزير العدل والنائب العام ووزير الخارجية لطلب استرداده من البلد الموجود فيه ونفرض الحجز على أمواله وعقاراته حتى انتهاء التحقيق، بعض الدول تتيح لنا التحقيق مع هذا الشخص في سفارتنا في تلك الدولة، باعتبارها أرضاً فلسطينية لكن هذا لا يكفي، نفعل المستحيل للتحقيق معه هنا في فلسطين، إذا ثبتت التهمة على المتهم نسترد الأموال والعقارات ونرجعها لخزينة الدولة الفلسطينية.
* ما هي المعوقات التي تواجهها هيئة مكافحة الفساد؟
هروب المتهمين بقضايا فساد إلى خارج الوطن وبطء التعاون مع الدول الأخرى، لتسليمنا المطلوبين حيث إننا طالبنا في أيار/مايو الماضي دولاً عدة، لتسليمنا مطلوبين للتحقيق، إلا أنهم لم يستجيبوا مع مطالبنا هذه، بالإضافة إلى هروب المتهمين أيضاً إلى الأراضي المحتلة، وسبق أن طالبت سلطات الاحتلال بالإفراج عن أحد المحتجزين والمتهم الرئيسي في قضية السيارات المهربة والتهرب الجمركي فيما يتعلق بأكثر من 380 سيارة والتي تعرف بقضية (جيبات الـ BMW). علماً أن الاحتلال يلعب دوراً في الكثير من قضايا الفساد.
* ما هي أهداف هيئة مكافحة الفساد؟
نريد أن نصل إلى فلسطين خالية من الفساد، نحن بحاجة إلى ثورة إدارية في السلطة على صعيد القضاء والنيابة، فهي بحاجة إلى تحديث لكل أدوات إدارية، يجب أن يكون هناك إدارة علمية متقدمة تخدم الشعب الفلسطيني، أدعو من أخطأ او أجرم بحق الشعب الفلسطيني لتقديم ما عندهم، لأن القانون يسقط عنهم العقوبة، عليهم أن يلحقوا بأنفسهم، هذه فرصة لهم لتسليم أنفسهم أفضل من أن نصل نحن إليهم لأنه حينها سنقاضيهم، وسنأخذ منهم ما اختلسوه بالقوة وسيسجنون.
الفساد في فلسطين... ومكافحته
انطلقت فكرة محاربة الفساد في فلسطين بمحاولات متعددة على أكثر من صعيد رسمي وشعبي، كان أهمها صدور قانون الكسب غير المشروع رقم (1) لسنة 2005، وبعده القانون رقم (7) لسنة 2010 المعدل للقانون السابق، والذي أسس هيئة مكافحة الفساد وعين رئيسها. وقد أطلقت فلسطين عام 2012 إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وهي الإستراتيجية الأولى منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وقد تم في إطارها تحقيق إنجازات في مجال الملاحقة القضائية وإنفاذ القانون المرتبط بمكافحة الفساد والوقاية منه، إضافة إلى التثقيف والتوعية المجتمعية.
وفي العام الحالي تم الإعلان عن إستراتيجية ثانية، لمدة ثلاثة أعوام، بعدما زاد عدد شركاء هيئة مكافحة الفساد في بلورتها عن عشرين مؤسسة حكومية وغير حكومية. وجاءت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد استكمالاً لانضمام فلسطين إلى اتفاقيات مكافحة الفساد الدولية والعربية، وآخرها الانضمام إلى اتفاقيات الأمم المتحدة، حول مكافحة الفساد، واعتبار فلسطين عضواً فاعلاً فيها. يذكر أن الاتفاقيات اعتمدت في نيويورك عام 2003، وأصبحت عضوية فلسطين فاعلة بدءاً من منتصف 2014. ويواجه الفلسطينيون الكثير من المشكلات المرتبطة بالفساد، وخصوصاً فيما يتعلق بالفساد المالي.
بطاقة
يرأس رفيق شاكر النتشة، هيئة مكافحة الفساد منذ 2010. أنهى الدراسة الثانوية في الخليل، ثم التحق بالجامعة اللبنانية، وأكمل الدراسات العليا في جامعة القاهرة، وحصل على شهادة الدكتوراه من موسكو. أصبح وزير زراعة في 2002، وانتخب رئيساً للمجلس التشريعي في 2003. وله العديد من المؤلفات.