لم يتمكّن البرنامج الحكومي لدعم اقتناء المساكن الذي بدأت تونس تطبيقه لفائدة العائلات المتوسطة من امتصاص الرصيد الكبير من الشقق والمساكن التي لا تجد مشترين، كما زادت معاناة القطاع بعد رفع البنك المركزي لسعر الفائدة.
وكانت الحكومة خصّصت اعتمادات بنحو 200 مليون دينار، أي ما يعادل 83 مليون دولار، للبرنامج الحكومي للإسكان الذي يقوم على تسهيل اقتناء السكن الأول بتمويل 20% من سعر المسكن بشروط ميسرة، منها منح مهلة خمس سنوات، على أن يتم تسديد الجزء الممول من قبل الدولة على 7 سنوات، وبنسبة فائدة لا تتعدى 2%، شرط ألا تتجاوز قيمة المسكن 150 ألف دينار، أي زهاء 62.5 ألف دولار.
وحسب خبراء عقارات، أدى رفع سعر الفائدة إلى تصاعد أزمة العقارات ولا سيما مع عدم تحقيق البرنامج الحكومي مساهمة في هذا الإطار. وفي هذا السياق، قال رئيس الغرفة النقابية الوطنية للمطورين العقاريين فهمي شعبان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الغرفة ستصدر قريبا بيانا ستتوجه من خلاله برسالة إلى البنك المركزي للأخذ بعين الاعتبار كل القطاعات عند زيادة نسبة الفائدة.
ولفت شعبان إلى أن رفع سعر الفائدة يجب أن يتم بالتشاور مع الفاعلين الاقتصاديين وبعد الأخذ بالاعتبار تداعيات هذا الأجراء على عدد من القطاعات، متوقعا حدوث المزيد من الارتفاع في أسعار العقارات في حال مراجعة هذه النسبة مجددا من قبل البنك المركزي، وهو ما يعني مزيدا من الركود في مبيعات المطورين، بحسب قوله.
وكان البنك المركزي التونسي أعلن، نهاية شهر مايو/ أيار الماضي، رفع سعر الفائدة ربع في المائة لتصبح 5%، وهي المرة الثانية التي يعدل فيها المركزي نسبة الفائدة في غضون شهر واحد.
وأكد البنك المركزي آنذاك أن قرار رفع نسبة الفائدة يأتي في إطار مواصلة العمل لمواجهة الضغوط المتزايدة على مستوى الأسعار، وكذلك على المدفوعات الخارجية، وتفادي آثارها السلبية على الانتعاش الذي شهده الوضع الاقتصادي في البلاد، خلال الربع الأول من السنة الحالية.
وأضاف رئيس غرفة المطورين أن المهنيين سيطالبون بمزيد من التسهيلات في تمليك الأجانب، معتبرا أن السوق الأجنبية يمكن أن تكون متنفساً مهماً للقطاع نظراً لمحدودية نتائج برنامج السكن الأول الذي لم يشمل إلا 58 مطوراً، وفق إحصائيات الغرفة.
وكانت وزارة التجهيز قد نبّهت إلى استفحال أزمة السكن والعقارات في تونس، معيدة أسباب غلاء السكن والعقارات إلى قلة الأراضي المهيأة للبناء وارتفاع كلفتها، بالإضافة إلى ارتفاع كلفة مواد البناء واليد العاملة والبنى التحتيّة.
وبالإضافة إلى ضعف القدرة الشرائية للتونسيين، يعزو الخبراء تفاقم أزمة العقارات إلى زيادة المنافسة مع العائلات الأجنبية، خصوصاً الليبيين والإيطاليين والفرنسيين، في ظل وجود نحو 430 ألف شقة شاغرة لا يستغلّها أصحابها.
وحسب الخبير العقاري نور الدين شيحة، فإن قطاع التطوير يمر بأسوأ فتراته بالرغم من تواصل مشاريع البناء، مشيرا إلى أن توقف التطوير يعني توقف عجلة مهمة في الاقتصاد، وهو ما قد يتسبب في أزمة بطالة اليد العاملة في البناء والكهرباء وغيرها من اختصاصات الإنشاء والتطوير.
واعتبر شيحة، وفق تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن التطوير العقاري يحتاج إلى ميلاد جديد في تونس انطلاقا من مراجعة التشريعات وصولا إلى إعادة النظر في شروط التمويل عبر المصارف فضلا عن مراجعة الإتاوات المفروضة عليه والتي وصفها بالمبالغ فيها.
ويحتاج القطاع ضخ دماء جديدة في السوق، وفق الخبير نور الدين شيحة، الذي أكد على ضرورة خلق شريحة جديدة من المشترين للمساكن وهم الشباب ومتوسطو وكبار موظفي الدولة، لافتا إلى أن الأجور التي تتقاضاها هذه الشرائح لا تمكّنها من اقتناء مساكن بالنظر لمحدودية التمويلات التي تمنحها المصارف والتي لا تتجاوز في أقصى الحالات 40% من المرتب.
واقترح الخبير في هذا السياق إمكانية رفع نسبة التمويل إلى 50 أو 55% من المرتب مع التمديد في فترة السداد الى 35 سنة عوض 20 سنة حاليا، معتبرا أن هذه الإجراء سيسمح للبنوك بإنعاش عائداتها من القروض السكنية فضلا عن تحريك باقي القطاعات المتدخلة.
وتؤكد الإحصائيات الرسمية لوزارة التجهيز والإسكان التونسية، أن نحو 23% من التونسيين لا يملكون مساكن، فيما ترتفع نسبة البناء الذاتي للمساكن إلى ما يقارب 77% مقابل 20% ينجزها المطورون العقاريون المرخص لهم، و1.7% من بقية المساكن سيتم إنجازها عن طريق المطورين العقاريين العموميين.
وسعت الحكومة خلال طرح برنامجها لدعم شراء المساكن، إلى أن يكون الدعم مقتصراً على شراء المساكن من الشركات العقارية، مبررة ذلك بأنه سيؤدي إلى خلق حركة في السوق، إلا أن البرلمان رفض هذا الشرط، مشيرا إلى ضرورة ترك الحرية للمنتفعين باختيار العقارات المناسبة لهم دون قيد أو شرط.
ويمثل قانون السكن الأول الذي حاولت الحكومة تلوينه بطابع اجتماعي أحد الحلول لأزمة القطاع العقاري وجرعة من الإنقاذ للمطورين ممن يعانون مشاكل في ترويج مشاريعهم.
ويجمع خبراء الاقتصاد على أن ترك قطاع التطوير العقاري في مهب الأزمة الاقتصادية سيودي إلى انهياره وفقدان الاقتصاد لأحد أعمدته نظرا للطاقة التشغيلية الكبيرة لهذا القطاع، معتبرين أن معالجة ضعف القدرة الشرائية للتونسيين هي الحل الأمثل لهذه المشكلة.
وكانت ظاهرة ارتفاع أسعار العقارات قد تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، حتى أن كلفة المتر المربع الواحد في بعض المناطق صارت تراوح ما بين ثلاثة آلاف دينار تونسي وخمسة آلاف دينار، أي ما بين 1.25 ألف وألفي دولار، وهو ما جعل امتلاك مسكن حلما صعب المنال لمعظم الطبقة المتوسطة والضعيفة في البلاد.
وتشير الإحصائيات الرسميّة إلى تراجع إقبال التونسيّين على شراء المساكن بنسبة 8% خلال السنوات الأخيرة. ويثير الركود العقاري الذي تشهده تونس منذ نحو عامين قلقاً متزايداً لدى العديد من المستثمرين العقاريين، الذين باتوا في مرمى المصارف التجارية التي بدأت بملاحقتهم من أجل سداد القروض الممنوحة لهم من أجل تنفيذ مشروعاتهم، وزادت المعاناة خلال الفترة الأخيرة بعد رفع سعر الفائدة.
اقــرأ أيضاً
وحسب خبراء عقارات، أدى رفع سعر الفائدة إلى تصاعد أزمة العقارات ولا سيما مع عدم تحقيق البرنامج الحكومي مساهمة في هذا الإطار. وفي هذا السياق، قال رئيس الغرفة النقابية الوطنية للمطورين العقاريين فهمي شعبان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الغرفة ستصدر قريبا بيانا ستتوجه من خلاله برسالة إلى البنك المركزي للأخذ بعين الاعتبار كل القطاعات عند زيادة نسبة الفائدة.
ولفت شعبان إلى أن رفع سعر الفائدة يجب أن يتم بالتشاور مع الفاعلين الاقتصاديين وبعد الأخذ بالاعتبار تداعيات هذا الأجراء على عدد من القطاعات، متوقعا حدوث المزيد من الارتفاع في أسعار العقارات في حال مراجعة هذه النسبة مجددا من قبل البنك المركزي، وهو ما يعني مزيدا من الركود في مبيعات المطورين، بحسب قوله.
وكان البنك المركزي التونسي أعلن، نهاية شهر مايو/ أيار الماضي، رفع سعر الفائدة ربع في المائة لتصبح 5%، وهي المرة الثانية التي يعدل فيها المركزي نسبة الفائدة في غضون شهر واحد.
وأكد البنك المركزي آنذاك أن قرار رفع نسبة الفائدة يأتي في إطار مواصلة العمل لمواجهة الضغوط المتزايدة على مستوى الأسعار، وكذلك على المدفوعات الخارجية، وتفادي آثارها السلبية على الانتعاش الذي شهده الوضع الاقتصادي في البلاد، خلال الربع الأول من السنة الحالية.
وأضاف رئيس غرفة المطورين أن المهنيين سيطالبون بمزيد من التسهيلات في تمليك الأجانب، معتبرا أن السوق الأجنبية يمكن أن تكون متنفساً مهماً للقطاع نظراً لمحدودية نتائج برنامج السكن الأول الذي لم يشمل إلا 58 مطوراً، وفق إحصائيات الغرفة.
وكانت وزارة التجهيز قد نبّهت إلى استفحال أزمة السكن والعقارات في تونس، معيدة أسباب غلاء السكن والعقارات إلى قلة الأراضي المهيأة للبناء وارتفاع كلفتها، بالإضافة إلى ارتفاع كلفة مواد البناء واليد العاملة والبنى التحتيّة.
وبالإضافة إلى ضعف القدرة الشرائية للتونسيين، يعزو الخبراء تفاقم أزمة العقارات إلى زيادة المنافسة مع العائلات الأجنبية، خصوصاً الليبيين والإيطاليين والفرنسيين، في ظل وجود نحو 430 ألف شقة شاغرة لا يستغلّها أصحابها.
وحسب الخبير العقاري نور الدين شيحة، فإن قطاع التطوير يمر بأسوأ فتراته بالرغم من تواصل مشاريع البناء، مشيرا إلى أن توقف التطوير يعني توقف عجلة مهمة في الاقتصاد، وهو ما قد يتسبب في أزمة بطالة اليد العاملة في البناء والكهرباء وغيرها من اختصاصات الإنشاء والتطوير.
واعتبر شيحة، وفق تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن التطوير العقاري يحتاج إلى ميلاد جديد في تونس انطلاقا من مراجعة التشريعات وصولا إلى إعادة النظر في شروط التمويل عبر المصارف فضلا عن مراجعة الإتاوات المفروضة عليه والتي وصفها بالمبالغ فيها.
ويحتاج القطاع ضخ دماء جديدة في السوق، وفق الخبير نور الدين شيحة، الذي أكد على ضرورة خلق شريحة جديدة من المشترين للمساكن وهم الشباب ومتوسطو وكبار موظفي الدولة، لافتا إلى أن الأجور التي تتقاضاها هذه الشرائح لا تمكّنها من اقتناء مساكن بالنظر لمحدودية التمويلات التي تمنحها المصارف والتي لا تتجاوز في أقصى الحالات 40% من المرتب.
واقترح الخبير في هذا السياق إمكانية رفع نسبة التمويل إلى 50 أو 55% من المرتب مع التمديد في فترة السداد الى 35 سنة عوض 20 سنة حاليا، معتبرا أن هذه الإجراء سيسمح للبنوك بإنعاش عائداتها من القروض السكنية فضلا عن تحريك باقي القطاعات المتدخلة.
وتؤكد الإحصائيات الرسمية لوزارة التجهيز والإسكان التونسية، أن نحو 23% من التونسيين لا يملكون مساكن، فيما ترتفع نسبة البناء الذاتي للمساكن إلى ما يقارب 77% مقابل 20% ينجزها المطورون العقاريون المرخص لهم، و1.7% من بقية المساكن سيتم إنجازها عن طريق المطورين العقاريين العموميين.
وسعت الحكومة خلال طرح برنامجها لدعم شراء المساكن، إلى أن يكون الدعم مقتصراً على شراء المساكن من الشركات العقارية، مبررة ذلك بأنه سيؤدي إلى خلق حركة في السوق، إلا أن البرلمان رفض هذا الشرط، مشيرا إلى ضرورة ترك الحرية للمنتفعين باختيار العقارات المناسبة لهم دون قيد أو شرط.
ويمثل قانون السكن الأول الذي حاولت الحكومة تلوينه بطابع اجتماعي أحد الحلول لأزمة القطاع العقاري وجرعة من الإنقاذ للمطورين ممن يعانون مشاكل في ترويج مشاريعهم.
ويجمع خبراء الاقتصاد على أن ترك قطاع التطوير العقاري في مهب الأزمة الاقتصادية سيودي إلى انهياره وفقدان الاقتصاد لأحد أعمدته نظرا للطاقة التشغيلية الكبيرة لهذا القطاع، معتبرين أن معالجة ضعف القدرة الشرائية للتونسيين هي الحل الأمثل لهذه المشكلة.
وكانت ظاهرة ارتفاع أسعار العقارات قد تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، حتى أن كلفة المتر المربع الواحد في بعض المناطق صارت تراوح ما بين ثلاثة آلاف دينار تونسي وخمسة آلاف دينار، أي ما بين 1.25 ألف وألفي دولار، وهو ما جعل امتلاك مسكن حلما صعب المنال لمعظم الطبقة المتوسطة والضعيفة في البلاد.
وتشير الإحصائيات الرسميّة إلى تراجع إقبال التونسيّين على شراء المساكن بنسبة 8% خلال السنوات الأخيرة. ويثير الركود العقاري الذي تشهده تونس منذ نحو عامين قلقاً متزايداً لدى العديد من المستثمرين العقاريين، الذين باتوا في مرمى المصارف التجارية التي بدأت بملاحقتهم من أجل سداد القروض الممنوحة لهم من أجل تنفيذ مشروعاتهم، وزادت المعاناة خلال الفترة الأخيرة بعد رفع سعر الفائدة.