وتحاول الحكومة عن طريق عدد من أعضاء مجلس النواب إقناع الفلاحين بضرورة القبول برفع أسعار الأسمدة، بسبب ارتفاع أسعار الدولار والمحروقات. بينما أكد مصدر مسؤول أن شركات القطاع العام والخاص، هددت خلال اجتماعها مع رئيس الحكومة، اليوم، بالتوقف عن العمل بسبب الخسائر الكبيرة من جهة، وقلة هامش الأرباح من جهة أخرى، وهو ما دفع رئيس الوزراء إلى رفع سعر الطن بنسبة 50% بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وأشار المصدر - الذي رفض ذكر اسمه - إلى أن أصحاب تلك الشركات مارسوا ضغوطاً كبيرة على الحكومة لرفع سعر السماد مقابل ضمان انتظام العمل بإنتاج الأسمدة مثل مصانع أبو قير والدلتا وحلوان، لافتاً إلى أن المطالب كانت برفع السعر بنسبة 100%، وهو ما قوبل بالرفض.
يذكر أن تلك الشركات قامت مؤخراً بخفض كميات الإنتاج من الأسمدة المخصصة للجمعيات الزراعية التي تقوم بدورها بتوريده إلى المزارعين، وهو ما أدى إلى اشتعال السوق السوداء.
أعباء متزايدة
قال رئيس المجلس الأعلى للفلاحين، حسين عبد الرحمن: "يؤدي قرار رفع سعر الأسمدة إلى هجرة المزارعين لأراضيهم، ويزيد الأعباء على المزارع"، موضحاً أن "هذا القرار تم من داخل الغرف المغلقة، دون التشاور مع المزارعين، ما يعني أنه قرار غير مدروس"، بحسب وصفه.
وأوضح أن هذا القرار تسبب في خلق حالة من السخط العارم بين المزارعين في مصر لخطورته، في ظل تدني أسعار المحاصيل الزراعية التي تشتريها الحكومة من المزارع، مثل السكر والقمح والأرز. ولفت إلى أن طن قصب السكر وصل إلى 500 جنيه فقط، وهو الأمر الذي لا يحقق عائداً للمزارع يمكنه من تغطية التكلفة الحقيقية للإنتاج الزراعي.
وأضاف عبد الرحمن أن "الفلاح لا يتحمل أي زيادة في ارتفاع أسعار الأسمدة، خاصة أن ارتفاع أسعارها يشعل أسعار باقي المنتجات والمواد التي تدخل في الزراعة، وهو ما لا يمكن أن يتحمله المزارع الذي يمثل شريحة كبيرة في المجتمع المصري".
قرار جائر
وقال المزارع طنطاوي محمود من محافظة الأقصر إن "قرار زيادة أسعار الأسمدة الزراعية سيفجر ثورة غضب بين الفلاحين في ظل معاناتهم الشديدة من تسويق محاصيلهم، وعدم تمكن الدولة من توفير المستلزمات الزراعية من أسمدة وبذور ومبيدات". أما المزارع البدري محمد، فقد اعتبر أن القرار سيؤدي إلى تسوّل الفلاحين والمزارعين، وخاصة أن الجمعيات الزراعية لا تتوافر بها الكميات المطلوبة من الأسمدة التي يحتاجها المحصول، فضلاً عن ارتفاع أسعار الوقود والمبيدات.
ويرى الخبير الاقتصادي بأكاديمية السادات إيهاب الدسوقي، أن رفع أسعار الأسمدة الزراعية يؤدي إلى زيادات جديدة في أسعار الخضروات والفاكهة التي تعتمد بشكل أساسي على تلك الأنواع من الأسمدة، مؤكداً أن القرار خاطئ وجاء في وقت غير مناسب، خصوصا في ظل تفاقم الغلاء في مصر. ولفت إلى أن ارتفاع الأسعار أصبح أمراً شبه يومي، كما أن التجاوزات في الأسعار تخطت كل الحدود.
وأضاف الدسوقي: "يكمن الخطر الثاني من زيادة أسعار الأسمدة، في رفض الكثير من المزارعين الشراء، الأمر الذي يؤدي إلى تقلص الأراضي الزراعية، وبالتالي بيعها أو بوارها".
وأكد أن هذه الخطوة ستؤدي إلى خفض معروض المنتجات الزراعية في الأسواق أو المصانع التي تعتمد على المنتجات الزراعية مثل معجون الطماطم القائم على إنتاج الطماطم، أو السكر الذي يستخرج من زراعة قصب السكر وغيرها من المنتجات الزراعية.