رغم الأعباء الداخلية.. شباب ثورة تونس يريد تحرير فلسطين

11 ديسمبر 2014
"الشعب يريد تحرير فلسطين" أحد الشعارات المركزية للثورة التونسية(Getty)
+ الخط -

ما تزال القضية الفلسطينية بالنسبة للتونسيين نقطة التقاء رغم كثرة اختلافاتهم السياسية وتعدد المطبات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها البلاد في الآونة الأخيرة. ومع بداية التحركات الشعبية المنادية بإسقاط نظام بن علي منتصف ديسمبر/كانون الأول سنة 2010، مثل شعار "الشعب يريد تحرير فلسطين" شعارا مركزيا ضمن مجموعة أخرى من الشعارات المطالبة بالحرية والكرامة والمساواة.

وتربط تونس بالقضية الفلسطينية تاريخيا عدة محطات بارزة، إذ شارك كثير من التونسيين في حرب 1948، كما احتضنت تونس منظمة التحرير الفلسطينية المُبعدة من لبنان سنة 1982، إلى جانب تعرض مدينة حمام الشط التونسية إلى قصف جويّ إسرائيلي في غرة أكتوبر/تشرين الأول 1985.

كما تطور النشاط الجمعياتي المهتم بالقضية الفلسطينية في تونس وأخذ أبعادا مختلفة. وعن هذا يقول بشير الخضيري، المدير التنفيذي لجمعية أنصار فلسطين، لـ(جيل العربي الجديد): "يقدر عدد الجمعيات المهتمة بالشأن الفلسطيني بشكل مباشر، والناشطة بوضوح على الساحة التونسية بحوالي 25 جمعية، و90 في المائة منها تم تأسيسه بعد الثورة، إذ لم يكن المناخ العام في البلاد مناسبا للنشاط في السابق". ويضيف الخضري أن "أغلب الناشطين الميدانيين المهتمين بالشأن الفلسطيني هم من الشباب، الذين هم الحاضن الأول للقضية في تونس حاليا".

أما الموقف الرسمي التونسي، فصار أكثر تحررا ووضوحا بعد الثورة. فقد زار وزير الخارجية الأسبق، رفيق عبد السلام، برفقة وفد حكومي قطاع غزة دعما ومساندة لأهالي القطاع، ورفضا للعدوان الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2012، ما يعد سابقة في تاريخ الحكومات التونسية. وكانت تونس قد احتضنت عدة مؤتمرات دولية نصرة للقضية الفلسطينية، كما تميز نشاط رئيس الجمهورية، محمد المنصف المرزوقي، بالتأكيد الدائم على أهمية العلاقات التونسية الفلسطينية، ويمكن تبين دعمه للقضية الفلسطينية من خلال خطبه في المحافل الدولية والنشاطات المختلفة التي نظمتها رئاسة الجمهورية ضمن هذا الإطار.

ودعا المرزوقي خلال الاجتماع الأخير للأمم المتحدة إلى تلبية مطالب الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهي مطالب مشروعة منها فتح المعبر الحدودي مع مصر وبناء مطار جويّ.

وعقد المجلس الوطني التأسيسي، أعلى سلطة منتخبة في تونس بعد الثورة، عدة جلسات تضامنية مع الشعب الفلسطيني ونصرة للمقاومة. كما لعبت حركة النهضة الإسلامية وزعيمها راشد الغنوشي دورا بارزا في تقريب وجهات النظر بين حركتي فتح وحماس بشأن المصالحة الوطنية الفلسطينية.

واستقبلت تونس بعد ثورتها، وفي أكثر من مناسبة، قيادات من حركة حماس على غرار رئيس الحكومة السابقة في قطاع غزة إسماعيل هنية، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، إلى جانب قيادات بارزة من حركة فتح.

أما بالنسبة للأحزاب في تونس، فعلى اختلاف مرجعياتها الأيدولوجية، إلا أنها اجتمعت على اعتبار القضية الفلسطينية قضية مركزية. ودأبت مختلف الأطياف السياسية على إصدار بيانات المساندة للفلسطينيين عند أي عدوان اسرائيلي، إضافة إلى دعوات تفعيل المعاهدات الدولية والتنديد بالمجازر المرتكبة، لكن هذه المواقف لم تخلو من توظيف سياسي للقضية كل حسب غاياته. وتختلف مواقف العائلات السياسية في تونس في علاقتها بحركات فتح أو حماس أو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهذا حسب خلفياتها الأيديولوجية.

لكن بمراجعة برامج المترشحين للانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة في تونس، يتضح أن القضية الفلسطينية لم تأخذ حيزا بارزا ضمن هذه البرامج. في حين ركز الجميع على الشأن التونسي الداخلي، واقتصر التعرض للقضية الفلسطينية على بعض الأسطر في كتب البرامج الحزبية التي تم اعدادها للاستحقاق الانتخابي.

لم تنكفئ تونس الثورة، التي تبنت شعار "الشعب يريد تحرير فلسطين"، على ثورتها وطموحاتها رغم صعوبة المرحلة وتتالي الأزمات الداخلية وحاولت دعم القضية شعبا وحكومة بما أمكن لها، لكن المأمول لدى الكثير من الشباب كان أكبر، فالثورة التونسية كانت محركا ودافعا لشعوب مختلفة، ومنها الشعب الفلسطيني، لكنها كبلت تحت ضربات الإرهاب والصراعات الداخلية وانحصر مداها وصارت مهددة بدورها.