يوصف مهرجان "أصوات عالمية"، الذي افتتح في نيويورك مؤخراً، بأنه أهم موعد أدبي سنوي في أميركا. "المهرجان العاشر للأدب العالمي" الذي تنظمه "مؤسسة القلم" الدولية حشد مجموعة من الأسماء البارزة في عالم الأدب والفكر.
في الافتتاح، اكتظت القاعة بالحضور للاستماع إلى الأسماء الشهيرة التي دشنت أولى فعاليات المهرجان وعلى رأسها مؤسسه، الكاتب البريطاني من أصول هندية سلمان رشدي، والمثقف الأميركي اليساري نعوم تشومسكي، والفيلسوفة جوديت بتلر، إضافة إلى الشاعر السوري أدونيس.
ثمانية أسماء من أجيال وبلاد مختلفة، تقدموا واحداً تلو الآخر، لإلقاء "كلمات" عن موضوع اجتماعي أو سياسي يختارون التركيز عليه.
اختار سلمان رشدي الحديث عن بلده الأصلي، الهند، فكان كلامه واضحًا ومباشرًا، وجّه خلاله انتقاداً للأوضاع الاجتماعية والسياسية هناك، في ذلك البلد الذي يعتبر "الديمقراطية الأكبر في العالم"، والذي تجري فيه انتخابات حالياً، لكن النزاعات الطبقية والطائفية تحتله. لم يتردد رشدي في انتقاد الصراعات الطائفية والدينية بكل وضوح، كما تحدث عن وضع المرأة الهندية، ثم تناول الرقابة التي تفرضها بعض المؤسسات على حرية الصحافة.
تشومسكي تحدث، بصوت خافت كعادته، عن البيئة وعن سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما بخصوص الابتعاد عن استيراد النفط والغاز من دول الخليج وغيرها. لكن الآفة، كما قال، إن هذا يأتي على حساب استنزاف الموارد الطبيعية وتدمير الأرض في الولايات المتحدة، واختفاء مساحات هائلة من أجل الذهب الأسود والغاز.
وتساءل تشومسكي عن الثمن الذي ستدفعه الأجيال القادمة، إذا ما استمرت الدول الصناعية وغيرها بالتعامل مع البيئة على النحو الحالي، والتفكير بموازين الربح والخسارة المادية فقط، بحيث تصبح سياسة "ول ستريت" هي المعيار، مما يبقي التخطيط للمستقبل قصير المدى.
أما الشاعر أدونيس فابتدأ كلمته بحوار شعري من كتابه "أغاني مهيار الدمشقي": "من أنت؟ من تختار يا مهيار؟/ أنى اتجهت الله أو هاوية الشيطان/ هاوية تذهب أو هاوية تجيء/ والعالم اختيار... هل أبدّل الجدار بالجدار/ وحيرتي حيرة من يضيء/ حيرة من يعرف كل شيء.."
ونوّه أدونيس إلى أنه كتب هذه القصيدة قبل أكثر من نصف قرن، وتحدث عن موقفة من الرؤيا الدينية الوحدانية وموقفها من الإنسان والعالم، والتي يراها "أساس الأزمة الكونية الراهنة إنسانيًا وحضارياً". طغى صوته الهادئ، حيث تحدث بالعربية، على الحضور الصامت والمستمع الذي كان يقرأ ما يقوله أدونيس مترجماً على شاشات كبيرة خلفه.
أما جادو، رسام الكاركاتير السياسي الكيني، فتحدث عن إفريقيا عامة، وعن موطنه، كينيا. وعرض أكثر من عشرة رسوم كاركاتيرية ساخرة عن الفساد، والاستثمارات الصينية في الدول الإفريقية و"ثمنها" أي السكوت عن انتهاكات حقوق الإنسان في الصين أو غيرها من الدول المانحة والمستثمرة.
يذكر أن المهرجان تأسس عام 2005، وتحظى فعالياته باهتمام كبير، وتتنوع بين قراءات وورشات عمل وعروض فنية. ويشترك فيه هذا العام أكثر من 150 كاتباً وكاتبة من 30 دولة ويستمر حتى الرابع من أيار/ مايو الجاري. ومن الجدير بالذكر أن السنة الحالية هي الأخيرة لرئاسة سلمان رشدي للمهرجان.
_______________________
برنامج المهرجان