نشرت الحقوقية، عايدة سيف الدولة، إحدى مؤسِسات مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، منظمة مجتمع مدني مصرية، رسالة وصلتها عن وضع انتشار فيروس كورونا، في مجمع سجون طرة جنوبي القاهرة، تشير إلى الوضع وحقيقة تعامل الدولة مع الجائحة داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر.
ونصّت الرسالة على أنه "هناك تعتيم على الأخبار والمعلومات بشكل ممنهج داخل السجون عن كورونا، والمسجونون ليس لديهم دراية بما يحدث خارج جدران السجن، وعند سؤالهم لأي مخبر أو أمين شرطة، تكون الإجابة دائماً: كله تمام، ومفيش إصابات، وكلها شائعات، حتى تم الاعتراف بعد فترة بظهور إصابات بكورونا خفيفة بسبب موظف، وتم علاجها، لذلك قد تكون بعض المعلومات التالية غير مكتملة أو متكررة بسبب التعتيم".
وأضافت الرسالة "نعتقد أنه لا يوجد إدراك أو وعي كافٍ لدى القائمين على إدارة السجن بأن الإصابة بكورونا في مصر متوالية هندسية، والنمو في عدد الحالات قد يحدث بصورة سريعة جداً مثلما حدث في البرازيل، مع الفارق في مستوى الشفافية بين الدولتين. كما لا يوجد أي وعي خاص بأن هذا المرض له فترة حضانة 14 يوما ممكن أن تنتقل فيها العدوى. كما لا يوجد أي توعية للسجناء بالمرض وخطورته وطرق الانتقال والوقاية والعلاج، وتعمد عدم تداول أي معلومات خاصة بذلك".
ووفقًا للرسالة، فمنذ البداية في شهر مارس/آذار الماضي، كان القائمون على إدارة السجون يرتدون كمامات وقفازات ويتم رش الكلور للتعقيم، ثم بعد شهر ونصف تقريباً رجعت الحياة إلى طبيعتها تماماً، دون كمامات أو أي إجراءات، وفقط عند دخولك وخروجك من السجن يتم قياس درجة حرارتك ورش الكلور عليك.
وتابعت "بعد إنكار دام لمدة 3 أسابيع داخل مجمع سجون طرة بوجود حالات إصابة بكورونا، علمنا أنه بدأ انتشار الإصابات في سجن الليمان ثم سجن استقبال، وتحويل المسرح به إلى حجر صحي، ثم سمعنا عن بداية الإصابات في سجن شديد الحراسة "1" (المعروف باسم العقرب "1") في الجناح رقم "2"، ثم انتشرت الإصابات في سجن التحقيق، ثم تم نقل المصابين إلى مستشفى الليمان، ثم انتشار الإصابة ونقل المصابين إلى سجن المنيا الجديد، ومع تطور الأمر يتم نقل الحالات الحرجة إلى حميات إمبابة. ومنذ أسبوع بدأت حالات في الظهور في سجن عنبر الزراعة، ولم يصل إلى علمنا بعد وضع سجن ملحق المزرعة ووضع سجن المزرعة (ذات الكثافة الأقل والأعمار المسنة والمرضى)، ووضع سجن شديد الحراسة "2" (المعروف باسم العقرب "2") .
ووفقًا للرسالة "لا يوجد مسؤول متابعة عن كورونا أو طبيب متخصص في كل سجن، والطبيب المقيم ليس على دراية، ولا ينفذ بروتوكول التعامل مع حالات المرض والإصابة داخل السجن. كما أنه لا يتم توزيع أي نوع من أنواع مقويات المناعة أو فيتامين سي، ويوجد عجز دائم في صيدلية السجن، بالإضافة إلى انخفاض مستوى جودة الأدوية والمادة الفعالة للأدوية في الصيدلية. بالإضافة إلى أن مستشفيات سجن الليمان والمزرعة كانت مغلقة مع كورونا منذ شهر مارس/آذار وفتحت مع إصابات سجن التحقيق، وخلال 3 أشهر كان يتم رفض طلب أي سجين يحتاج إلى العلاج والنقل إلى المستشفى، ويتم إعطاؤه مسكنات. على سبيل المثال؛ الأطباء المتخصصون في سجن شديد الحراسة "2" (المعروف باسم العقرب "2")، يحضرون للكشف يوماً واحداً في الأسبوع، ولمدة ساعة واحدة، وتعذر حضورهم في شهر إبريل/نيسان بسبب كورونا".
"مجمع سجون طرة به مخبز عيش بلدي واحد هو الذي يُغذي كل السجون، ففرد واحد مصاب هناك كفيل بنقل ونشر العدوى من خلاله أو من خلال مجموعة التوزيع، كذلك مع طعام التعيين والخضروات والفاكهة. حيث إن المهنيين من السجناء الجنائيين (أصحاب الحرف) ينتقلون من المطبخ إلى التوزيع على غرف السجناء، ولا يوجد أي التزام بتعليمات وإجراءات الوقاية، كأنه لا يوجد وباء أو عدوى"، حسب الرسالة.
وقال معتقلون "الغرف والزنازين المتكدسة بالسجناء كما هي، وفي حالة إصابة أحد السجناء بكورونا، يتم عزل باقي الزنزانة دون عمل تحاليل أو كشوفات طبية، مما يؤدي إلى انتشار الفيروس. وبالرغم من أن التعرض للشمس والتهوية وشرب السوائل الدافئة مهم لمواجهة كورونا، إلا أنه في سجني شديد الحراسة "1" وشديد الحراسة "2" السجناء ممنوعون من التريض ومن غلاية المياه (بالتالي المشروبات الساخنة) منذ أكثر من سنة. وباقي سجون طرة نظراً لتطبيق إجراءات عدم الاختلاط لمواجهة كورونا، فهم ممنوعون من التريض والتهوية".
كما أن "أفراد نبطشية العنبر (أمين وقائد عنبر و3 شوايشية) يتم تغييرهم كل 3 أيام، حيث إنهم يتناوبون على العمل داخل السجن، وذلك ليعودوا إلى محافظاتهم أو أعمالهم، ويستخدمون وسائل النقل الجمعية للذهاب والإياب، وبالتالي هم يُعدون أهم عوامل نقل المرض والإصابات إلى داخل مكان مغلق ومكدس كما السجون. وتم تغريب (هو عقاب بنقل المسجون إلى سجن آخر) 10 سجناء من سجن شديد الحراسة "2"، ونقلهم إلى سجن شديد الحراسة "1"، بسبب طلبهم أن يلتزم أفراد الأمن وأصحاب الحرف بالمطبخ والتوزيع بلبس الكمامات والقفازات والالتزام بإجراءات الوقاية. وقد تواردت بعض المعلومات بإصابة بعض من تم نقلهم بكورونا، حيث إن هذا السجن كان فيه إصابات قبل نقلهم إليه، بالتالي يُعتبر ما تم في حقهم جريمة ضد الإنسانية" حسب الرسالة.
وطالب المعتقلون بأهمية مناقشة "اتخاذ موقف حقوقي مُوحد تجاه أزمة كورونا في السجون المصرية. ووضع سياسات وتوصيات ومطالب لحل الأزمة وعدم تفاقم الجريمة التي تحدث ضد الإنسانية. وحملة مناصرة لكسر التعتيم وكسب التضامن. وتوعية لأهل السجناء والمعتقلين بما يجب أن يكون داخل شنطة الطبلية للوقاية والعلاج لذويهم من السجناء.
تجدر الإشارة إلى ارتفاع أعداد المصابين، والمشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا من المحتجزين، وأفراد الشرطة والعاملين بمقار الاحتجاز في مصر إلى 193 حالة، 144 حالة منهم مشتبه في إصابتها، بينما تأكدت إصابة 49 آخرين، فيما تم رصد انتشار الفيروس في 42 مقرا للاحتجاز، بـ12 محافظة، حسب حصر كوميتي فور جستس.
ويبلغ عدد السجون في مصر 68 سجنًا، أُنشِئ 26 منها بعد وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسلطة. وعلاوة على هذه السجون، هناك 382 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة في مختلف المحافظات، إضافةً إلى السجون السرية في المعسكرات، ومع ذلك تتراوح نسبة التكدس داخل السجون من 160 إلى 300 في المائة في مقار احتجاز مراكز الشرطة، حسب تقرير رسمي صادر عام 2016 عن المجلس القومي لحقوق الإنسان -مؤسسة حكومية مصرية-.
وتتراوح أعداد السجناء والمعتقلين في مصر ما بين 110 إلى 140 ألف سجين ومعتقل، بينهم 26 ألف محبوس احتياطيًا ولم تصدر ضدهم أحكام قضائية، طبقًا لمصادر إعلامية موالية للنظام.