رسالة إلى زهران علوش

27 مارس 2015
+ الخط -

إنما للصبر حدود، كما قالت أم كلثوم. عندما كتبنا عن القائد العسكري لجيش الإسلام، زهران علوش، أنه وجه آخر للقيادي جمال معروف، تلقينا تعليقات كثيرة مؤيدة لوجهة نظرنا، بينما تعرضنا للانتقاد منه ومن أتباعه، وعندما سألنا. أين صواريخك يا علوش لضرب دمشق؟ قلت: ليس لدينا ما يكفي لذلك الأمر. وعندما سألنا. أين الرد على قصف الأسد اليومي الغوطة؟ قلت: ليس لدينا ذخيرة كافية للرد. وعندما تساءلنا متى ستتقدم نحو دمشق، قلت: علينا أولاً تنظيف الغوطة من العملاء والجواسيس، ومن يتسبب في تأخيرنا بذلك.
ها أنت، اليوم، ياعلوش، وبعد قرابة ثلاثة شهور من كتابتي المقال الأول عنك، وعن تقصيرك نحو التقدم تجاه دمشق، لم تفعل شيئاً، سوى أنك رددت علي بمقالات من هنا وهناك، ثم يفاجئنا أنه تتوفر لديك صواريخ وقذائف، وقد ضربت العاصمة دمشق ببضعة صواريخ أياماً، لتُسكت من كتب عنك وشكك بك، لكنك، للأسف، توقفت عن ذلك، على الرغم من تأثيرها الكبير آنذاك، ثم اتجهت نحو تنظيف الغوطة من جيش الأمة، وأبو علي خبية، وأمثاله من المقصرين تجاه الثورة، وقلنا هذا جيد. لكن، أين أنت اليوم؟
هل ننتظر منك، كل سنة، مرة لضرب دمشق والمقرات الأمنية المحيطة بها. هل تعلم أن أصوات الشبيحة عند ضربك العاصمة قد تعالت على نظام الأسد، ولو استمريت بهذا الشكل لكان حدث تغيير كبير جداً فيها. هل تعلم أنه بقصفك دمشق تغيرت الأمور بنسبة كبيرة جداً دولياً، حيث بات الخوف يُهيمن على حلفاء الأسد، خشية سقوطه السريع، بسبب انكشاف ضعف الحزام الأمني المحيط بالعاصمة، وأنه بضغط بسيط أكثر، كنا رأينا كلاب الأسد قد هربت بسرعة، كسرعة الضوء.
هل تعلم أن الأعراس والأفراح والليالي الملاح باتت تتم بشكل شبه يومي في دمشق، والناس في الغوطة تموت من القصف والجوع والمرض، وهي لا تبعد عنهم سوى كيلومترات قليلة. هل تعلم أن منطقة مشروع دمر عندما تزورها تجدها قد خلت لسكن الضباط وللأسديين بامتياز، وأن مولاً ضخماً تم إنشاؤه حديثاً فيها لتلك العائلات من أجل السهر والمرح، وهم يأكلون ويشربون بأمنٍ واطمئنان.
هل تعلم أن ثوار حلب استطاعوا حفر خنادق بمئات الأمتار لدك معاقل الأسد من تحته، وهزه كما فعل الثوار بمبنى فرع المخابرات الجوية الذي لم يعد له أثرٌ، بعد تفجيره بزرع متفجرات من تحت الأرض. وهل تدرك أن ثوار حلب وإدلب لو أنهم في مكانك في الغوطة، لكانوا قد جعلوا أفرع مخابرات الخطيب أو العباسيين وغيرها، أثراً بعد عين.
ألا تدرك أن ساحة العباسيين تبعد عنك 500 متر فقط. فمنذ ثلاث سنوات، وأنت على الحال نفسه من دون أي تقدم، وثوار حلب ودرعا يتقدمون، كل يوم، بالكيلومترات من فوق الأرض ومن تحتها.
ألم ترَ، أخيراً، ما فعله ثوار إدلب بحواجز الأسد. كيف نسفوا أكثر من 15 حاجزاً عن طريق خمس سيارات مفخخة، ليسهل عبورهم إلى المدينة. ألا تدري، أيضاً، أن بصرى الشام تحررت، وأصبحت بأيدي الثوار. فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.
إذن، وبعد هذا كله، أصبح الجميع، الآن، يشعر بتخاذلك وضعفك. لن نتهمك بشيء. لكن، من يبقى ساكناً سنوات في جبهة جوبر، من دون تقدم، وهو على مسافة قصيرة جداً، وتفصله مئات الأمتار فقط من قلب العاصمة، لا يستحق أن يكون قائداً عسكرياً، فإما أن تُرينا مفاجآتك التي وعدت بها، لزلزلة كيان الأسد وشبيحته، في قلب العاصمة والزحف نحوها، وإما أن تترك منصبك، وتعلن فشلك عسكرياً وقيادياً، ليتولى الأحق منك، والأقدر والأجدر، هذا المنصب، لقض مضاجع الأسد والزحف نحو دمشق، وعندها لن يلومك أحد.
فبدلاً من أن تطلب من الفصائل المشاركة في تحرير إدلب أن تشاركهم هذا التحرير، الأفضل والأولى لك أن تتقدم نحو دمشق لتحررها. فثلاث سنين جامدة، وأنت في جبهة جوبر الملاصقة للعباسيين من دون تقدم، كافية لنرى كم أنت قائداً عسكريّاً غير ناجح، والاعتراف بالخطأ فضيلة، يا علوش.


 

avata
avata
رائد الجندي (سورية)
رائد الجندي (سورية)