وأثار إعلان الكرملين، الإثنين الماضي، رفع الحظر عن تسليم ايران هذه المنظومات التي تعادل صواريخ باتريوت الأميركية القادرة على إسقاط طائرات واعتراض صواريخ، سيلا من ردود الفعل في أجواء سياسية واستراتيجية متوترة.
وأثار الإعلان تساؤلات وانتقادات، في منطقة تشهد أزمات عدة تشارك فيها إيران من سورية إلى العراق واليمن، بينما دخلت المفاوضات حول الملف النووي الإيراني مرحلتها النهائية.
وعبرت إسرائيل، أمس الثلاثاء، عن القلق من إجراء "سيزيد من عدوانية إيران في المنطقة، ويقوض الأمن في الشرق الأوسط"، بحسب بيان أصدرته. من جهتها انتقدت الولايات المتحدة القرار "غير البناء" لموسكو.
اقرأ أيضا: قرار تسليم إيران "إس- 300" يقلق ولا يقلق إسرائيل
وقال الخبير في القضايا الجيوسياسية الدولية، فرنسوا هايسبورغ، مقللا من أهمية بيان موسكو، إن "الإعلان عن رفع الحظر عن تسليم الشحنة أمر، وتسليمها فعليا أمر آخر".
وأضاف أن العلاقات الروسية الإيرانية "معقدة"، وهما "ليسا بلدين يتبادلان الثقة بشكل طبيعي وعفوي".
ولم تحدد روسيا أي موعد لتسليم الصواريخ، وأكدت أنها بحاجة إلى ستة أشهر على الأقل لإنجاز إنتاجها.
ويؤثر ملف الصواريخ "أس-300" على العلاقات الروسية الإيرانية منذ 2010، عندما منعت موسكو تسليم هذه الصواريخ بموجب قرار للأمم المتحدة يفرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي. وطالبت طهران، التي شعرت باستياء كبير، بتعويضات قدرها أربعة مليارات دولار لهذا العقد الذي وقع في 2007 بقيمة 800 مليون دولار.
وقال هايسبورغ إن "قصة هذه الصواريخ، أس-300، تشبه إلى حد ما قضية ميسترال"، في إشارة إلى السفينتين الحربيتين الفرنسيتين اللتين تم بيعهما إلى موسكو، وعلقت باريس تسليمهما بسبب النزاع الأوكراني.
وأكد الباحث نفسه، الذي يعمل مستشارا في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية، أنه "موضوع ساخن، والروس يبحثون عن باب للخروج".
ويسمح الإعلان لروسيا، التي تقوم بإنشاء المفاعل النووي الإيراني الوحيد في بوشهر، وتجري مفاوضات لبناء مفاعلات جديدة، بأن تؤمن لنفسها موقعا أمام احتمال انفتاح السوق الإيراني في حال تم التوقيع على اتفاق نهائي حول النووي.
ورأى جيريمي بيني، من مجلة جينز ويكلي ديفانس، أن "روسيا تأمل في أن يحترم الاتفاق (المتعلق بالصواريخ أس-300)، لتتمكن من دخول السوق الإيرانية بلا عقبات".
لكن بمعزل عن الجانب التجاري، تحمل هذه البطاريات أرض-جو، رسائل عدة. وقال المحلل الروسي أندري باكليتسكي، من المركز الفكري بير، إن "ذلك سيجعل المعتدين المحتملين يفكرون".
وأضاف "نرى ما يحدث في اليمن وأماكن أخرى في الشرق الأوسط"، حيث "القوى الإقليمية أفضل تجهيزا من إيران". وذكر خصوصا السعودية ومصر وإسرائيل. وقال إن "صواريخ أس-300 يمكن أن تؤمن مساواة في الفرص".
من جهتها، أكدت طهران أن تسليمها هذه الصواريخ "سيشكل مؤشرا إلى استقرار المنطقة".
وأخيرا والأهم من كل ذلك، قال هايسبورغ إن "كل ما يمكن أن يعقد تدخلا محتملا ضد المنشآت النووية الإيرانية يلقى تقديرا بالتأكيد".
وقال أندري باكليتسكي إن نماذج الصواريخ التي يمكن أن تسلم إلى إيران "قديمة، لكنها فعالة بدرجة كافية لحماية المواقع الإيرانية، وخصوصا النووية، من ضربات جوية محتملة".
وهذه رسالة تعتبرها إيران مناسبة، بينما تؤكد إسرائيل، التي تعارض بشدة أي تسوية مع إيران، أن الخيار العسكري ضد المنشآت الإيرانية ما زال مطروحا.
وجاء الإعلان الروسي بينما سيجري مفاوضو الدول الكبرى وطهران المفاوضات الأخيرة والأكثر حساسية للتوصل إلى اتفاق نهائي حول النووي الإيراني بحلول 30 يونيو/حزيران.
وقال جيريمي بيني إن إمكانية تسليم صواريخ أس-300 "جزرة لتشجيع الإيرانيين على استكمال الاتفاق".
ويشاطره هايسبورغ الرأي، معتبرا أن "هدف الروس في الحياة ليس خدمة الغربيين، ولا رؤية إيران تمتلك قنبلة ذرية".
اقرأ أيضا: روسيا تعلن تسليم مصر منظومة دفاع جوي حديثة