رحلة لجوء ولد أمبارك حرمته من الأبوّة

06 نوفمبر 2014
اعتاد حياته الجديدة (خديجة الطيب)
+ الخط -
غادر عبدول ولد أمبارك قريته في شمال مالي إلى موريتانيا، بسبب الحرب الذي اندلعت في بلاده (عام 2012)، وأدت إلى فقدان الكثيرين لعائلاتهم وبيوتهم. أمبارك هو أحد هؤلاء. رفض الإقامة في مخيم اللاجئين الذي أنشأته مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة شرقي موريتانيا. قصد العاصمة نواكشوط، وعمل في مهن مختلفة. رفض أن يكون متسوّلاً على غرار بعض مواطني بلاده.

عمل أمبارك في تنظيف الزرابي (السجاد)، صباحاً، وحراسة السيارات، ليلاً. يرتاح في الوقت المستقطع بين العملين. يحرص على إتقان عمله والمحافظة عليه. فالمنافسة شديدة بخاصة من أبناء بلده الذين لجأوا إلى موريتانيا للسبب نفسه، وصاروا يملأون شوارع نواكشوط.
ولد أمبارك عام 1985 في مدينة تمبكتو. لديه تسعة إخوة. عانى الكثير بسبب الأمية والفقر. مع ذلك، كان راضياً وسعيداً. لكن، منذ اضطراب الوضع في إقليم أزوادي، شمالي مالي، انقلبت حياته رأساً على عقب. تحوّل من مزارع وراعٍ في حقول مالي الفسيحة والهادئة، إلى عامل أجير في مدينة يسكنها ثلث سكان موريتانيا. ورغم أنه لم يتجاوز الـ29 عاماً، إلا أن معاناته كبيرة. غادر قريته سيراً على الأقدام. مشى مسافات شاسعة في الصحراء تحت أشعة الشمس الحارقة.

كانت رحلة أمبارك صعبة وخطيرة. اتخذ قرار الرحيل فجأة مع مجموعة من الماليين، تكدّسوا جميعاً في صندوق سيارة نقل صغيرة تعطلت أثناء الطريق. وجدوا أنفسهم أمام خيارين: العودة إلى تمبكتو ومواجهة الجماعات المتطرفة التي ستحاكمهم بسبب فرارهم، أو إكمال الطريق سيراً على الأقدام نحو الحدود الموريتانية. كانت الرحلة شاقة. اضطروا إلى المبيت في العراء وشرب مياه ملوثة بعد نفاد الماء القليل الذي حملوه معهم. وبسبب التعب، فقدت زوجته جنينها في شهره الرابع. اضطر إلى دفنه على الطريق. بعد وصولهم إلى مخيم اللاجئين، فر بعض الماليين إلى داخل موريتانيا بسبب أوضاع المخيم الصعبة. كثيرون كانوا يشكون الجوع بسبب قلّة المواد الغذائية.

يقول أمبارك إنه رغم المال القليل الذي يحصل عليه وغيره من اللاجئين، إلا أنهم أصبحوا راضين عن حياتهم في هذا البلد الجديد، بخاصة أن الموريتانيين يحسنون معاملتهم. مع ذلك، لا يخفي حنينه إلى "البيت الأول"، ورغبته في العودة إلى حقول مالي الفسيحة التي لم تنل الحرب من جمالها. يشار إلى أن موريتانيا تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في تصنيف الدول التي تستقبل اللاجئين، بالمقارنة مع حجم سكانها.
المساهمون