رحلة "الرجل الجالس وفي يده عصا"

21 ابريل 2016
لوحة موديلياني (تصوير: براين سميث)
+ الخط -

رحلة طويلة قام بها هذا "الرجل الجالسُ على مقعد" وفي يده عصاً، منذ أن جسّده الرسّام الإيطالي أميديو موديلياني (1884 - 1920) في لوحة فنية عام 1918، أي قبل سنتين من رحيله. ظلّ ينتقل من يدٍ إلى يدٍ، ومن بلد إلى بلد. وقبل أيام، أطلّ من بنما، مع من ظهرت أسماؤهم ضمن ما بات يُعرف باسم "وثائق بنما".

لكن موديلياني المعروف ببورتريهاته، والذي تمرّ مئوية رحيله الأولى بعد سنتين، ليس متورّطاً في قضايا الفساد التي كشفت عنها الوثائق. إنما يتعلّق الأمر بنزاع قانوني حول ملكية لوحته.

تكشف الوثائق التي سرّبها "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين"، إلى جانب ملايين من الوثائق الأخرى، بعض التفاصيل حول العائلة التي تحتفظ حالياً باللوحة، وهو ما من شأنه أن يساعد، بحسب متابعين، على انكشاف الحقيقة حول التنازع على ملكية العمل الذي تُقدّر قيمته بقرابة 17 مليون جنيه إسترليني.

يحتفظ "المركز الدولي للفنون"، وهو شركة تُعرف اختصاراً باسم "آي إيه سي" باللوحة منذ شرائها، عام 1996، في مزاد علني أقيم في لندن مقابل 2,2 مليون استرليني. لكن مكتباً لتجارة المقتنيات الفنية في باريس يطالب عائلة "ناهماد"، التي تعمل في مجال جمع الأعمال الفنية، بإعادة اللوحة التي يقول إن النازيين استولوا عليها خلال الحرب العالمية الثانية، زاعماً أن ملكيتها تعود إلى عائلة "ستاتينر".

أمّا عائلة "ناهماد" التي تقول إن اللوحة بحوزة "آي إيه سي"، فقد اتّضح، مؤخّراً، أنها تملك الشركة منذ قرابة عشرين عاماً، بحسب تسريبات شركة "موساك فونسيكا القانونية" في بنما.

لكن هل يحسم وجود الشركة في قلب فضيحة تهرّب ضريبي دولية النزاع القانوني حول ملكية اللوحة؟ بحسب ريتشارد غولوب، محامي ديفيد ناهماد زعيم العائلة، فإن موضوع ملكية "آي أيه سي" لن يغيّر في الأمر شيئاً: "مسألة من يملك الشركة ليست ذات صلة بالقضية. ثمّة مشكلات رئيسية في القضية، هل بإمكان المدّعي إثباتها؟".

عام 1946، أقام أوسكا ستاتينر، وهو تاجر أعمال فنية يهودي، دعوى قضائية في فرنسا يطالب فيها باستعادة اللوحة، غير أنه رحل بعد سنتين من ذلك، قبل صدور حكم في القضية. تقول عائلته إنه امتلك اللوحة قبل أن يهرب من باريس عام 1939.

ووفقاً لبعض الأوراق القانونية، فقد تبادلت الكثير من الأيدي هذا العمل، قبل أن يشتريه ضابط بالجيش الأميركي مقابل 25 ألف فرنك عام 1944. أمّا غولوب، فينفي كلّ ذلك، ويشكّك في أن ستاتينر امتلك اللوحة أصلاً.

كان مايستراتشي ستاتينر، أحد أحفاد أوسكا، رفع نهاية العام الماضي دعوى في نيويورك يطالب فيها استعادة اللوحة، لكن الدعوى رُفضت "لأنها لم تُقم في بنما"، ولأن مايستراتشي "ليس صاحب الحق في الادعاء".

اليوم، رُفعت الدعوى مجدّداً في المحكمة العليا في نيويورك، التي عيّنت مدّعياً جديداً سيعمل على استرجاع اللوحة من شركة "آي إيه سي" التي تبدو مجرّد كيان بديل لعائلة "ناهماد"، بغرض إخفاء هويتها وأرباحها.

المساهمون