رجلٌ في ليلِهِ

10 سبتمبر 2016
منذر جوابرة / فلسطين
+ الخط -

رجلٌ يقف، جبهته مثخنةٌ بالغيوم، على أطلال ظلِّهِ
ظهره لمدينةٍ تحتفي بنفسها وبأمسها
ولجيادٍ بأجنحةٍ تستهلك، بشجنٍ صارمٍ،
ميادين من الإسفلت
يشعل مرآةً ويعلّقها في داخلِهِ
فوق الخواء المنحوت من صليل معارك لا تنتهي،
ويتفرّس، عبر ثقوب لغته النازحة عن أشواقها إلى أكثر من منفى،
قسماته الضارية:
قوافلاً قوافلاً ترحل الكلمات
التي كانت ترفع بأكفّها النحيلة
نظراته الآيلة للسقوط، دوماً،
في أغواره...

................
................

رجلٌ يتمادى الآن في ليلِهِ،
ممتثلاً لغياب سيّد،
يدوّن ما يمليه النسيان عليه،
فوق غيابٍ يقرع أجراسه في فلوات الجسد.

................
................

يتقدّم حاملاً خرائب ظلّه
ورسومه الدارسة
وأشلاءَه التي تنفضّ من حوله
صرخةً تلو الأخرى
ذاكرتُهُ نهب صقورٍ أنيقة المخالب

وجهه يتآكل بشكل مريع

................
................

الرجل الذي لم يعد قادراً على الحزن
في قلب المدينة الزجاجيّ المعقّم،
والنابض بابتذال،
شوهد
وهو يلتهم بلا إكتراث
ما تبقّى من وجهِهِ الصلصاليّ
ويرتقي بعدها،
خفيفاً،
سموات
عزلتِهِ.


* شاعر من فلسطين

المساهمون