القول إن رجالاً في المغرب يتعرّضون للعنف من قبل زوجاتهم قد يبدو مبالغاً فيه، أو أنه ليس تحت الضوء. لكنّه حقيقة، وإن اختلفت أشكاله. ربما نادراً ما يتحدّث الرجل عمّا يتعرض له من عنف، حرصاً على رجولته
بدا أنّ نسبة العنف ضد الرجال في المغرب، بين عامي 2016 و2017، مرتفعة، إذ سجّلت "الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال" 1500 شكوى، وقد اختلفت الدوافع وأشكال العنف. ويقول رئيس الشبكة عبد الفتاح بهجاجي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "ظاهرة تعنيف الرجال في المغرب موجودة منذ القدم، وقد برزت مع تنامي ثقافة حقوق الإنسان والبوح، فبدأ الرجال يعلنون عن مشاكلهم. وحين تأسّست الشبكة في عام 2008، كأوّل تجربة في المغرب من هذا النوع، وجدنا أن العنف ضد الرجال مادي ويتمثل بالاستيلاء على ممتلكاتهم، أو وثائق العمل أو دفاتر الشيكات أو أوراق عائلية أو أموالهم وغيرها. وهناك العنف القانوني المتعلّق باستغلال الثغرات التشريعية، ما قد يحرم الرجل من رؤية أولاده. كما أنّ المحاكم لا تراعي الوضع المادي للرجل خلال إقرار النفقة. على سبيل المثال، أُجبر أحد الرجال على دفع نفقة قيمتها نحو 300 دولار، علماً أنّ راتبه لا يتجاوز 250 دولارا، ما يدفعه إلى الاقتراض.
ينطوي تحت بند العنف القانوني "شكاوى الزوجات من الإهمال في حال وقوع خلاف ما، وهنا يتوجب على الزوج أن يثبت أنه كان ينفق على بيته لمدة أربع سنوات، وهو ما يستحيل إثباته"، بحسب بهجاجي.
أما العنف الجسدي بحق الرجال، فقد تراوحت نسبته ما بين 20 و25 في المائة (الحالات التي وصلت إلى الشبكة). ويوضح بهجاجي أنه منذ عام 2008، تعرّض البعض للضرب والجرح من الزوجة بدعم من أشقائها أو الجيران أو معارفها. ويحكي عن شاب عمره 26 عاماً، أصيب بكسور في فكّه الأسفل، ورجل مسنّ (63 عاماً) ضربته زوجته بمساعدة شقيقتها، ما أدى إلى جرحه في رأسه. وعادة ما تستخدم النساء المعنفات الأدوات المنزلية للاعتداء الجسدي.
أما حالات التحرش، فنادرة بحسب بهجاجي. يقول: "أحياناً، يمكن لإمرأة مسؤولة في شركة ما التحرّش بعاملين أقلّ درجة وظيفية، وقد أبلغنا أحدهم، وهو يعمل سائقاً لدى عائلة أنّ السيدة تتحرش به، ولجأ إلينا لنوفّر له عملاً يحميه من التحرّش".
ويرتبط العنف ضد الرجال بأسباب عدة، أولها غياب ثقافة الحوار والعنف المتأصل في التنشئة، وقد أصبح العنف الطريقة الأسهل للتواصل.
اقــرأ أيضاً
سبب آخر يتمثّل في التقاء زوجين من ثقافتين مختلفتين. وهذان قد يكونان مهيئان للمشاكل. ويوضح أن الأسرة المغربية لا تربي أطفالها على الإصغاء، كما أن الضغوط المادية والاقتصادية تساهم في زيادة العنف. يقول: "نحتاج إلى مدرسة للزواج يتعلّم فيها الطرفان ثقافة التسامح، وإضعاف الحلقة الخطيرة المتمثّلة في تدخل عائلات الطرفين والمساهمة في تأجيج الصراع والعنف، بعدما كانت الأسر المغربية الحاضن الأول لمشاكل المتزوجين. لكنها أصبحت أول من يلجأ إلى المحاكم سعياً إلى الطلاق".
إلى ذلك، فإنه للتربية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالزوجين أثرها الكبير. ويوضح البهجاجي أنه في بعض الأحيان، تضغط الزوجة على زوجها اقتصاديّاً ليدخل الأطفال إلى مدرسة خاصة أو ليشتري سيارة. بالتالي، افتقرنا إلى القيم الزوجية الحقيقية كالمودة والرحمة".
يشار إلى أنّ عدد الشكاوى المسجّلة لدى الشبكة منذ تأسيسها فاق 21 ألف حالة، عدا عن أشخاص يستشيرون الجمعية عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني. كذلك، تستقبل الشبكة حالات لرجال في الغربة، بعدما ترفع الزوجة قضية إهمال أو طلاق بحقّ زوجها المهاجر. ولدى دخوله المغرب، عليه الاختيار بين السجن أو دفع نفقة.
منذ تأسيسها، هدفت الشبكة إلى تصحيح بعض البنود التي تسيء إلى الرجل، والواردة في مدونة الأسرة المغربية، وفق البهجاجي. يضيف: "لم تعد مسألة الرجل والمرأة ترتبط بالفقه أو الدين، بل القانون والواقع الاجتماعي والديمقراطية. ونحن بحاجة إلى عائلات مستقرّة لمحاربة العنف والتطرّف".
يقول البعض إنّه لا تمكن مقارنة العنف ضد الرجال بالعنف ضد النساء. في هذا السياق، توضح رئيسة شبكة "أنجاد" فتيحة شتوّ، لـ "العربي الجديد"، أنّ "الفقر والهشاشة يصيبان النساء أكثر من الرجال، فضلاً عن قوة الرجال العضلية والامتيازات التي يتمتعون بها. لذلك، فإنّ وجه المقارنة غير واضح. وتشير إلى زيادة نسبة العنف الجنسي ضد النساء، لافتة إلى أن القانون لا يحميهن.
ويرى البعض أنّ عدداً من حالات العنف ربّما ترتبط بضعف في شخصية الرجل خصوصاً إذا كان غير قادر على كفاية عائلته مادياً.
"التابو" والكرامة يحتّمان على الرجل إخفاء تعرّضه للعنف، كما أن المعنّف يرفض الاعتراف بما يرتكبه غالباً. ويوضح البهجاجي أنّه "يصعب على المعنَّفين الذين يتواصلون مع الشبكة التحدّث لوسائل الإعلام، ظنّاً منهم أن الشبكة تتاجر بقضاياهم وتظهر مشاكلهم الخاصة إلى العلن.
اقــرأ أيضاً
بدا أنّ نسبة العنف ضد الرجال في المغرب، بين عامي 2016 و2017، مرتفعة، إذ سجّلت "الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال" 1500 شكوى، وقد اختلفت الدوافع وأشكال العنف. ويقول رئيس الشبكة عبد الفتاح بهجاجي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "ظاهرة تعنيف الرجال في المغرب موجودة منذ القدم، وقد برزت مع تنامي ثقافة حقوق الإنسان والبوح، فبدأ الرجال يعلنون عن مشاكلهم. وحين تأسّست الشبكة في عام 2008، كأوّل تجربة في المغرب من هذا النوع، وجدنا أن العنف ضد الرجال مادي ويتمثل بالاستيلاء على ممتلكاتهم، أو وثائق العمل أو دفاتر الشيكات أو أوراق عائلية أو أموالهم وغيرها. وهناك العنف القانوني المتعلّق باستغلال الثغرات التشريعية، ما قد يحرم الرجل من رؤية أولاده. كما أنّ المحاكم لا تراعي الوضع المادي للرجل خلال إقرار النفقة. على سبيل المثال، أُجبر أحد الرجال على دفع نفقة قيمتها نحو 300 دولار، علماً أنّ راتبه لا يتجاوز 250 دولارا، ما يدفعه إلى الاقتراض.
ينطوي تحت بند العنف القانوني "شكاوى الزوجات من الإهمال في حال وقوع خلاف ما، وهنا يتوجب على الزوج أن يثبت أنه كان ينفق على بيته لمدة أربع سنوات، وهو ما يستحيل إثباته"، بحسب بهجاجي.
أما العنف الجسدي بحق الرجال، فقد تراوحت نسبته ما بين 20 و25 في المائة (الحالات التي وصلت إلى الشبكة). ويوضح بهجاجي أنه منذ عام 2008، تعرّض البعض للضرب والجرح من الزوجة بدعم من أشقائها أو الجيران أو معارفها. ويحكي عن شاب عمره 26 عاماً، أصيب بكسور في فكّه الأسفل، ورجل مسنّ (63 عاماً) ضربته زوجته بمساعدة شقيقتها، ما أدى إلى جرحه في رأسه. وعادة ما تستخدم النساء المعنفات الأدوات المنزلية للاعتداء الجسدي.
أما حالات التحرش، فنادرة بحسب بهجاجي. يقول: "أحياناً، يمكن لإمرأة مسؤولة في شركة ما التحرّش بعاملين أقلّ درجة وظيفية، وقد أبلغنا أحدهم، وهو يعمل سائقاً لدى عائلة أنّ السيدة تتحرش به، ولجأ إلينا لنوفّر له عملاً يحميه من التحرّش".
ويرتبط العنف ضد الرجال بأسباب عدة، أولها غياب ثقافة الحوار والعنف المتأصل في التنشئة، وقد أصبح العنف الطريقة الأسهل للتواصل.
سبب آخر يتمثّل في التقاء زوجين من ثقافتين مختلفتين. وهذان قد يكونان مهيئان للمشاكل. ويوضح أن الأسرة المغربية لا تربي أطفالها على الإصغاء، كما أن الضغوط المادية والاقتصادية تساهم في زيادة العنف. يقول: "نحتاج إلى مدرسة للزواج يتعلّم فيها الطرفان ثقافة التسامح، وإضعاف الحلقة الخطيرة المتمثّلة في تدخل عائلات الطرفين والمساهمة في تأجيج الصراع والعنف، بعدما كانت الأسر المغربية الحاضن الأول لمشاكل المتزوجين. لكنها أصبحت أول من يلجأ إلى المحاكم سعياً إلى الطلاق".
إلى ذلك، فإنه للتربية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالزوجين أثرها الكبير. ويوضح البهجاجي أنه في بعض الأحيان، تضغط الزوجة على زوجها اقتصاديّاً ليدخل الأطفال إلى مدرسة خاصة أو ليشتري سيارة. بالتالي، افتقرنا إلى القيم الزوجية الحقيقية كالمودة والرحمة".
يشار إلى أنّ عدد الشكاوى المسجّلة لدى الشبكة منذ تأسيسها فاق 21 ألف حالة، عدا عن أشخاص يستشيرون الجمعية عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني. كذلك، تستقبل الشبكة حالات لرجال في الغربة، بعدما ترفع الزوجة قضية إهمال أو طلاق بحقّ زوجها المهاجر. ولدى دخوله المغرب، عليه الاختيار بين السجن أو دفع نفقة.
منذ تأسيسها، هدفت الشبكة إلى تصحيح بعض البنود التي تسيء إلى الرجل، والواردة في مدونة الأسرة المغربية، وفق البهجاجي. يضيف: "لم تعد مسألة الرجل والمرأة ترتبط بالفقه أو الدين، بل القانون والواقع الاجتماعي والديمقراطية. ونحن بحاجة إلى عائلات مستقرّة لمحاربة العنف والتطرّف".
يقول البعض إنّه لا تمكن مقارنة العنف ضد الرجال بالعنف ضد النساء. في هذا السياق، توضح رئيسة شبكة "أنجاد" فتيحة شتوّ، لـ "العربي الجديد"، أنّ "الفقر والهشاشة يصيبان النساء أكثر من الرجال، فضلاً عن قوة الرجال العضلية والامتيازات التي يتمتعون بها. لذلك، فإنّ وجه المقارنة غير واضح. وتشير إلى زيادة نسبة العنف الجنسي ضد النساء، لافتة إلى أن القانون لا يحميهن.
ويرى البعض أنّ عدداً من حالات العنف ربّما ترتبط بضعف في شخصية الرجل خصوصاً إذا كان غير قادر على كفاية عائلته مادياً.
"التابو" والكرامة يحتّمان على الرجل إخفاء تعرّضه للعنف، كما أن المعنّف يرفض الاعتراف بما يرتكبه غالباً. ويوضح البهجاجي أنّه "يصعب على المعنَّفين الذين يتواصلون مع الشبكة التحدّث لوسائل الإعلام، ظنّاً منهم أن الشبكة تتاجر بقضاياهم وتظهر مشاكلهم الخاصة إلى العلن.