راهبات يمارسْن "الكونغ فو"

17 اغسطس 2016
تساعد "الكونغ فو" الراهبات على الانضباط (Getty)
+ الخط -
لعدَّة قرون، كان من المحظور أن تمارس الراهبات البوذيّات أية رياضة من رياضات الدفاع عن النفس أو الفنون القتالية؛ غير أنَّه، منذ سنوات قليلة، أصبح دير دروك أميتابها الجبلي للراهبات في نيبال، أوَّل مكانٍ يُسمَح فيه للراهبات بممارسة "الكونغ فو".

نظامُ الحياة البوذيَّة نظام بطريركي تقليدي؛ لا يُسمَح للنساء فيه بغير ممارسة الأعمال المنزليَّة، بينما الرجال يقومون بكل شيء، الصلاة والعمل واحتلال المناصب ذات النفوذ. ويُنْظَر للراهبات على أنهنَّ في مرتبة أقل من الرهبان الذكور؛ وهنَّ يقضين أوقاتهّن في المطابخ والحدائق التابعة للأديرة. كما كانت فكرة تعلم فنون القتال أمراً خارج حدود المسموح به، لكن كيف وصل الأمر بدير دروك أميتابها، أن يسمح لراهباته بممارسة "الكونغ فو"، لمدة تصل إلى ساعتين يومياً؟!

منذ ما يقارب 26 عاماً، تمرَّد أعضاء من جماعة "دروكبا"، التي يرجع تاريخها إلى حوالى 800 عام، وشكّلوا ديراً للراهبات في جبل دروك أميتابها بنيبال، وهو مكانٌ يتمُّ التعامل فيه مع النساء باحترام موازٍ للذي يتلقَّاه الرجال. يقول السيد، جي لوانج دروكبا، زعيمُ تلك الطائفة البوذيَّة: "عندما كنتُ صغيراً جداً، بدأتُ أفكِّرُ أنّه لم يكن من اللائق أو الصواب قمع المرأة، كما كان جارياً في مجتمعنا". ويضيف: "ولكن بعدما كبرت، بدأت أفكر ما الذي يمكنني فعله لرفع هذا الظلم. ثم فكَّرت في أن أفضل ما يمكنني فعله، هو بناء دير للراهبات، ومن ثم منحهن فرصة للدراسة والممارسة الروحية".

الأعمال في الدير الواقع في التلال، خارج كاتماندو، عاصمة النيبال، تُقسَم بالتساوي، فالنساء يقُمْن بإمامة الصلاة وممارسة التأمُّل، وكذلك يحضرون دروساً في اللغة الإنكليزيّة والمهارات الإداريّة. ولكن في عام 2008، أخذ زعيم تلك الطائفة البوذيَّة، جي لوانج دروكبا، خطوة أبعد من ذلك، عندما أدخل "الكونغ فو" إلى دير الراهبات، بعدما رأى راهبات من فيتنام يتلقّيْنَ تدريبات قتالية، والتي كانت تستخدمها من قبل قوات "الفيتكونغ" (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام).

في كلّ يومٍ ترتدي الراهبات الملابس التقليديّة التي كانت تظهر في أفلام "الكونغ فو" في السبعينيات والثمانينيات، وينخرطْن في ممارسة التدريب في دورة مُكثّفة كاملة يتعلمن فيها اللكم والركل وكل مهارات الفنون القتالية. ترى الراهبات أن فوائد "الكونغ فو" عديدة، خاصة لصحتهنّ، وأن ممارسة الصلاة والتأمل بعد التدريب تكون دائما بحالة أفضل.

تقول إحداهن: "إنها ممارسة ممتازة وجيدة لتعلم الانضباط والتركيز وغرس الشعور بالثقة بالنفس، وهو أمر مهم جداً للراهبات. وأيضا فإنه عندما يعرف الشبان في المنطقة بأن الراهبات يمارسن (الكونغ فو) فإنهم يبتعدون عن طريقهن؛ فلا يتعرَّضْن للمضايقات".

وهكذا، فإنّ راهبات "الكونغ فو" حصلن على خبرات وتجارب، ومارسن أشياء لم تكن المرأة النيباليَّة العاديَّة تحلم بها. فصارت لديهنَّ فرصةٌ كبيرة لتعلُّم أشياء كثيرة أخرى، مثل لعب التنس والتزلج، وكذلك الرقص وتعلم الموسيقى على الآلات المختلفة. وهو ما سمح لهن بدخول العالم المتسع، عبر أشياء كانت محرمة عليهن من قبل!


دلالات
المساهمون