رئاسيات موريتانيا: صمت انتخابي بعد حملة اتهامات صاخبة

20 يونيو 2014
الرئيس المنتهية ولايته الأوفر حظاً في الانتخابات(فرانس برس/Getty)
+ الخط -

دخلت موريتانيا، اليوم الجمعة، مرحلة الصمت الانتخابي، بعد 15 يوماً من انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية المقررة غداً السبت للمواطنين، فيما أدلى أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن اليوم بأصواتهم في انتخابات يتنافس فيها خمسة مرشحين، يعدّ الرئيس المنتهية ولايته، محمد ولد عبد العزيز أوفرهم حظاً. 
ويتنافس ولد عبد العزيز، مع كل من رئيس حزب الوئام الديمقراطي، بيجل ولد هميد، رئيس حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية – حركة التجديد، مختار إبراهيما صار، فضلاً عن رئيس حركة "إيرا" الحقوقية، بيرام ولد اعبيدي وأخيراً المرشحة لالة مريم بنت مولاي إدريس.

واعتبرت حملات المرشحين بأنها كانت باهتة، مع غياب مظاهر التنافس والتراشق الاعلامي المعتاد بين المرشحين، واتخذت الحملات شكل حرب كلامية بين الرئيس المنتهية ولايته، من جهة، ومنتدى المعارضة المقاطع للانتخابات من جهة ثانية. ولجأ كل من الطرفين إلى الشارع لتعزيز موقفه، بالتزامن مع بقاء هاجس المشاركة في الانتخابات، من عدمها، السمة الأبرز للأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية.

اتهامات متبادلة

ووفرت الحملة الانتخابية فرصة لولد عبد العزيز، لتوجيه سهامه الى المعارضة التي اختارت مقاطعة الانتخابات، وتحميلها مسؤولية الأوضاع التي كانت تعيشها البلاد، التي يعتبر الرئيس المنتهية ولايته أنها نتيجة تراكمات الأنظمة السابقة، التي جعلت البلاد تتخبط في حالة من الضعف الاقتصادي، والترهل السياسي، والفشل الأمني، على حد قوله.

وهاجم ولد عبد العزيز معارضيه، متهماً إياهم بالفساد والإجرام. كما سخر من قادة المعارضة، واتهمهم بالعجز والفشل، وأنهم لا يمتلكون أي رؤية أو مشروع. وهو ما رأى فيه مراقبون محاولة من ولد عبد العزيز لإضفاء حالة من الحيوية والصراع على أجواء انتخابية تفتقر للحماس، وتغيب عنها مظاهر التنافس المعتادة بين المرشحين.

من جهتها، ردت المعارضة: إن الرئيس المنتهية ولايته يفتقر إلى الأهلية السياسية اللازمة لقيادة البلاد. واعتبرت أن اتهامه قادتها اعتراف منه بفشل الانتخابات الحالية، وافتقارها للجدية، لأنه بدل أن يهاجم منافسيه من المرشحين، سارع إلى مهاجمة قادة المعارضة المقاطعين للانتخابات.

وقال نائب رئيس حزب "تكتل القوى الديمقراطية" والقيادي فى منتدى المعارضة، عبد الرحمن ولد أمين: إن ولد عبد العزيز يخطط لضرب المعارضة بعد الانتخابات مباشرة. وأضاف: علمتنا التجربة مع ولد عبد العزيز، أنه كلما ضاقت عليه السبل خرج عن وقاره وبدء بكيل التهم جزافاً.

هاجس نسبة المشاركة

وشهد الأسبوع الثاني من الحملة الانتخابية، سعياً حثيثاً من حملات المرشحين لتشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات، في مقابل إعلان المعارضة عن خطط عملية لحث الناخبين على مقاطعة ما تسميه "مهزلة الانتخابات المعروفة نتائجها سلفاً".

وأطلقت حملة المرشح محمد ولد عبد العزيز، حملة "بيت بيت" لتشجيع المشاركة في العملية الانتخابية. كما تم تمديد فترة إيقاف الصيد بمختلف أنواعه عشرة أيام، فيما قيل، إنه سعي من الحكومة لتشجيع الصيادين على المشاركة.

في المقابل، تسعى المعارضة إلى تحقيق نسبة مقاطعة مرتفعة، وخصوصاً في العاصمة والمناطق الحضرية، في مسعى منها لإضعاف شرعية الفائز في الانتخابات، وإجبار النظام على إجراء انتخابات توافقية، تحظى بثقة ومشاركة ألوان الطيف السياسي الموريتاني.

وفي السياق، أعلن رئيس منتدى المعارضة، الشيخ سيد أحمد ولد باب مين، أن المعارضة لن تعترف بنتائج الانتخابات، وأنها ستسعى لإفشالها بالطرق السلمية.

من جهتها، عبّرت اللجنة المستقلة للانتخابات عن "رفضها وإدانتها، لأي تصرف من شأنه التأثير على الناخبين مهما كان شكله أو طبيعته".

أما الأغلبية الحاكمة بزعامة ولد عبد العزيز، فتبدو واثقة من تحقيق نسبة مشاركة مرتفعة، وتدرك أهمية ذلك في مواجهة حملات المقاطعين، وتشكيكهم في شرعية الفائز.

وفي السياق، نشر "المركز الموريتاني للدراسات والبحوث" نتائج استطلاع للرأي، توقع فيه أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات نحو 59.4 في المئة، في مقابل 34 في المئة نسبة المقاطعين.

نتائج محسومة وأزمة مستمرة

ويبدو من شبه المؤكد بأن الرئيس المنتهية ولايته سينجح في التجديد لنفسه، والحصول على ولاية ثانية، نظراً لضعف المنافسة، وغياب مرشحين أقوياء.
لكن الأزمة السياسية الناجمة عن مقاطعة أغلب القوى السياسية المعارضة لهذه الانتخابات ستبقى قائمة، ما يبقي شرعية ولد عبد العزيز على المحك، ولا سيما بعدما انضمت إلى مقاطعة الانتخابات أحزاب مصنفة باعتبارها معارضة "ناعمة"، أو قريبة من النظام، كحزب "التحالف الشعبي التقدمي" بزعامة رئيس البرلمان السابق، مسعود ولد بلخير.
والأخير رشَحَتْ أنباء عن قرب انضمامه إلى منتدى المعارضة. كما أن نجاح المعارضة في التوحد، واستقطابها لبعض المستقلين، وما أبدته من قدرة على التنسيق، يزيد من مأزق ولد عبد العزيز، ويجعل نجاحه المتوقع رهناً بتحقيق توافق سياسي مع المعارضة، وخصوصاً بعد نجاح الأخيرة في تنظيم مسيرة ضخمة عشية انطلاق الحملة الانتخابية قيل إنها الأكبر في تاريخها.

وبناءً عليه، يبدو أن الرئيس المقبل سيجد نفسه في موقع المسؤولية، لمواجهة مشاكل الترهل السياسي، والانقسام المجتمعي، مع تحول الانتخابات إلى وقود للأزمة السياسية الموريتانية، بدل أن تكون سبباً في حلها. وهو ما يعطي الانطباع بأن الساسة الموريتانيين يواصلون السير على حافة الهاوية.

المساهمون