يحتار الآباء في بداية مرحلة التعليم الأساسي لطفلهم المعوّق، هل يتعلم في المدارس الخاصة بذوي الإعاقة، أم يتمسكون بدمجه في المدارس العادية التي تتقبل الحالات الخفيفة والمتوسطة من الإعاقة؟
مع تطور تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة انتشرت فكرة دمجهم في المدارس العادية، وأيدها المتخصصون والأطباء بقوة لما لها من أثر جيد على نفسية وأداء الطفل من ذوي الإعاقة، مع ضرورة تأهيل الطفل قبلها لهذا الاندماج.
يؤكد السيد خلو محمود مدير "المنتدى الجزائري للمعاقين" أن دمج ذوي الإعاقة تعليمياً يساهم في سرعة تأهيلهم، موضحاً: "يسعى المنتدى إلى نشر هذه الفكرة والعمل بها بين كافة الفئات، فالدمج يعمل على تحقيق الذات عند هؤلاء الأطفال، من خلال جعلهم يعيشون حياة طبيعية في المجتمع كغيرهم من الأطفال العاديين، ويعمل على زيادة دوافعهم للتفوق، عبر التقليل من الفوارق الاجتماعية والنفسية بينهم، بالإضافة لمساهمته في تعديل نظرة المجتمع المحيط وتوقعاتهم نحو هؤلاء الأطفال".
ويضيف: "ولا يكفي أن يوضع ذوو الإعاقة في الأقسام التعليمية العادية فترة من الوقت، بل يجب أن يكون هناك تكامل اجتماعي وتعليمي مع زملائهم العاديين، فالتكامل التعليمي هو العنصر الأهم في عملية الدمج، والتي تكون في المرحلة التحضيرية ما بين 3 - 6 سنوات، من خلال تجهيز برامج تعليمية تربوية صممت لغير ذوي الإعاقة، وتكون نسبة ذوي الإعاقة بالنسبة للأطفال العاديين 10%".
وعن كيفية دمج الأطفال، تضيف د.فتيحة نسيم متخصصة التخاطب: "نعمل على دمج الأطفال ذوي الإعاقات البسيطة والمتوسطة - الحسية والحركية - بتوفير مستلزماتهم في غرف ملحقة في المدرسة العادية، ونخصص بعض الخدمات مدفوعة الأجر، فيتلقى مساعدة من استشارية تتواجد معه في اليوم الدراسي، لكن يجب أن يكون لدى الطفل القدرة على الاعتماد على نفسه، وأن يكون من أهل البلد حتى لا يواجه عقبة في التواصل اللغوي، وبالتأكيد يجب أن نأخذ الموافقة من إدارة المدرسة، مع مراعاة تقبل الطلاب العاديين لذوي الإعاقة بينهم، وذلك لضمان نجاح عملية الدمج الاجتماعي، بجانب الدمج الأكاديمي".
متى ينجح الدمج؟
وعن كيفية تحديد مدى نجاح عملية الدمج، أو نقل ذوي الإعاقة لمدرسة خاصة، تجيب قائلة: "لا بد من دمج ذوي الإعاقة تدريجياً، مع ضرورة تقييم حالة الطفل من البداية، ووضع خطة تطوير تعليمي منظم له، وبالتأكيد فإن مستوى التحصيل الدراسي لصاحب الاحتياج الخاص بالفصول التعليمية العادية يختلف باختلاف درجة الإعاقة، وبدرجة ثقته في نفسه بين أقرانه".
ودمج ذوي الإعاقة في المدارس العامة قد يحرمهم من الاهتمام الفردي الذي قد يتوافر في المدارس الخاصة، أو قد يتسبب في زيادة الفجوة بين الطفل ذوي الاحتياج الخاص والأطفال العاديين، وعموما لا يعتبر مقدار التحصيل الدراسي فقط هو معيار التقييم للنجاح".
وتعد جمعية "اليمامة" المعتمدة من طرف ولاية الجزائر من الجمعيات الرائدة في مجال دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فهي تخصص أهم البرامج التعليمية الفعالة للأطفال ذوي الإعاقة ضمن زملائهم من الأطفال العاديين في المدارس العادية.
حيث إنها توفر البيئة الملائمة لإدماجهم الكلي في المنظومة التربوية العمومية، وتحارب جميع أشكال ومحاولات إقصاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة عن التعلم في المدارس العادية، خصوصا في المرحلة الابتدائية.
وتخصص حصصا دراسية للطلاب العاديين لتعريفهم بمختلف أنواع الإعاقة، وذلك من أجل قبول الاختلاف في القسم، وتقبل الأطفال ذوي الإعاقة معهم، ويتم ذلك بشكل عملي، حيث توضع عصابة على أعين الطلاب ويجري سؤالهم عن مدى قدرتهم على التعامل مع من حولهم، مع وضع الحواجز في طريقه أثناء السير مثلا، وبالتالي يشعرون بمعاناة ذوي الإعاقة.
اقرأ أيضا:تعرف على خطوات التعليم المنزلي للمعوّقين
أرقام وإحصاءات
تشير الإحصاءات الرسمية إلى ارتفاع نسبة ذوي الإعاقة في البلدان العربية إلى ما بين 13% و15% من إجمالي عدد السكان، وفي الجزائر فإن الإحصاء العام للسكان والسكن يشير إلى أن عددهم يصل إلى مليوني معاق، من بينهم 44 % من المعاقين حركيا، و1% من الصم والبكم، و24% من الكفيفين، و31% من أصحاب الإعاقة الذهنية، في حين يشير بعضهم إلى أن العدد الفعلي يصل إلى نحو ثلاثة ملايين معوّق.
وفي ما يتعلق بشريحة الطفولة، أوضحت وزارة التضامن الاجتماعي وجود 132 ألف طفل معوّق تتراوح أعمارهم بين حديثي الولادة و5 سنوات، و320 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و19 سنة، وما يزيد على مليون ونصف مليون يبلغون 20 سنة وما فوق. وعن متلازمة داون، يوجد حوالى 30 ألف طفل يعانون منها في الجزائر.
وعن المؤسسات التي تتكفل ذوي الإعاقة في الجزائر، فإن عددها 119 مؤسسة خيرية، و102 مركز طبي لتأهيل الأطفال المعوّقين ذهنياً، و6 مؤسسات لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من العجز التنفسي، و21 مؤسسة خاصة بالمكفوفين الشباب و41 مؤسسة تعتني بصغار الصم البكم.
وتستقبل هذه المؤسسات الأطفال في إطار التأهيل والتربية المبكرة لذوي الاحتياجات الخاصة، وقد أشارت النتائج إلى تفوق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم، فقد بلغت نسبة النجاح في شهادة التعليم الابتدائي 90.38 في المائة و65.40 في المائة في شهادة التعليم المتوسط و47.03 في المائة في شهادة البكالوريا.
قوانين ذوي الإعاقة
وانطلاقاً من هذه الإحصاءات صدرت في الجزائر عدة قوانين خاصة بحماية ذوي الاحتياجات الخاصة وضمان إدماجهم في العملية التعليمية، والتي جاءت كالتالي:
المادة 14: يجب ضمان التكفل المبكر للأطفال المعوقين، يبقى التكفل المدرسي مضموناً بغض النظر عن مدة التمدرس أو السن، طالما بقيت حالة الشخص المعوق تبرر ذلك.
المادة 15: يخضع الأطفال والمراهقون المعوقون إلى التمدرس الإجباري في مؤسسات التعليم والتكوين المهني.
المادة 16: يتم التعليم والتكوين المهني للأشخاص المعوقين في مؤسسات متخصصة عندما تتطلب طبيعة الإعاقة ودرجتها ذلك، وتتكفل الدولة بهذه الأعباء.
المادة 17: تسهر الدولة على مساعدة الأشخاص المعوقين والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي والإنساني.
المادة 18: تنشأ لجنة ولائية للتربية الخاصة والتوجيه المهني تضم أشخاصا مؤهلين ممثلين عن أولياء التلاميذ المعوقين، وممثلين عن جمعيات الأشخاص المعوقين، وخبراء مختصين في هذا الميدان، وعضواً ممثلاً عن المجلس الشعبي الولائي، وتكون قرارات اللجنة المنصوص عليها، ملزمة لمؤسسات التعليم والتكوين المهني والمؤسسات المتخصصة.
اقرأ أيضا: 13 نصيحة لمعلمي ذوي الإعاقة أولها الحب