ذكرى ميلاد: محمد سليم الجندي.. محاولة في إحياء العربية

24 اغسطس 2020
(محمد سليم الجندي)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الرابع والعشرون من آب/ أغسطس، ذكرى ميلاد اللغوي والشاعر السوري محمد سليم الجندي (1881 - 1955).


عند تأسيس المملكة العربية السورية عام 1918، أرادت الحكومة تعريب الدواوين والدوائر الرسمية والمؤسسات، فلجأت إلى ثلاثة من أبرز أساتذة اللغة العربية في دمشق وكان من بينهم محمد سليم الجندي الذي أشرف على صياغة القرارات والتعميمات والبلاغات والرسائل بين وزارات الدولة وإداراتها.

واصل اللغوي والشاعر السوري (1881 - 1955) عمله بعد ذلك رئيساً لكتّاب الديوان في وزارة الداخلية خلال حكم الاستعمار الفرنسي، وانتخب عام 1922 عضواً في "المجمع العلمي العربي –مجمع اللغة العربية" في مرحلة شهدت محاولات عديدة لإحياء اللغة والتراث، فوضع العديد من الرسائل والمقالات في هذا المجال.

انتخب عضواً في "المجمع العلمي العربي –مجمع اللغة العربية" في دمشق عام 1922

من بين تلك الرسائل، خصّص واحدة للكرمة (العنب) مقتفياً مسارها كبذرة حتى تساقط أوراقها، وكذلك ما يتعلّق بأساليب زراعتها والاعتناء بها وتناولها كغذاء، بشروحات مفصّلة لكل مفردة ومصطلح، وأخرى لـ"الطرق" احتوت الألفاظ المتعلقة بالشوارع والطرقات وسبل ووسائل تمهيدها وأحوالها من أجل إحياء العديد من المفردات والكلمات.

عُيّن صاحب كتاب "عمدة الأديب" أستاذا للأدب العربي في مدرسة تجهيز الذكور (مكتب عنبر) في دمشق بين عاميْ 1924 و1940، كما درّس الأدب في الفترة نفسها في "مدرسة اللاييك"، وكذلك في "مدرسة جمعية العلماء"، وكان من أبرز مدرسي تاريخ اللغة العربية نظراً لثقافته الغزيرة وسعة اطلاعه.

انطلق الجندي في رؤيته للغة من أن العرب قبل الإسلام لم يكن لهم مجامع أدبية على الطراز المعروف الآن، وإنما كانت لهم مجالس أدبية على قدر ما كانت تقتضيه حياتهم، وكانت لهم أسواق يعرضون فيها الأشعار على مُحكّم ينتخبونه، كعكاظ وغيره، ثم خلفه المربد في الإسلام، وكانت المساجد وحلقات الدروس ومجالس المناظرة تقوم مقام المجامع اللغوية الأدبية التي آمن أنها امتداد لثقافة ومعرفة طويلتين.

أمضى فترة طويلة من حياته منشغلاً بتحقيق مؤلفات المعري

وقد أمضى فترة طويلة من حياته منشغلاً بتحقيق مؤلفات المعري، فكان كتابه "الجامع في أخبار أبي العلاء وآثاره" من أهمّ الكتب وأجمعها لأخبار صاحب "رسالة الغفران" ودراسة أشعاره وأدبه، حيث قسّم شعره إلى قسمين: الأول كتبه في بداية حياته وحتى عودته من بغداد خلال نحو سبعة وثلاثين عاماً وكان كثير المبالغة فيه وفيه شيء من المصطلحات العلمية وتميّز بمتانة أسلوبه، والثاني يمتدّ منذ رجوعه من بغداد وحتى رحيله وفيه كان خياله أوسع وتعمّق في الحكمة أبعد.

ألّف الجندي العديد من المؤلّفات؛ منها "المَنْهل الصافي في العَروض والقوافي"، و"إصلاح الفاسد من لغة الجرائد"، و"رسالة الأطعمة والأشربة في بلاد الشام"، بالإضافة إلى ترجماته للعديد من الكتّاب مثل امرؤ القيس وعبد الله بن المقفع والنابعة الذبياني.

المساهمون