طوال السنوات السبع الماضية، عكفت منظمات ومبادرات حقوقية على توثيق كل تفاصيل فض قوات الشرطة والجيش المصري، اعتصام رابعة العدوية في القاهرة، في 14 أغسطس/ آب 2013، من حيث أعداد القتلى والمصابين وشهادات الأحياء وتفاصيل القضايا والمحاكمات. لكن أحدًا لم يتوصل إلى معلومة واحدة بشأن مصير المختفين قسريًا في المذبحة حتى اليوم.
المعلومة الأخيرة المتاحة عن المختفين قسرياً منذ فض الاعتصام وما تلاه بأيام قليلة، هي أنّ عددهم 21 مختفياً قسرياً، وأسماؤهم نشرتها منصة "جوار" الحقوقية، قبل أيام من الذكرى السابعة للمذبحة، مع مطالبة النظام المصري بالكشف عن مصيرهم، وطمأنة ذويهم بشكل عاجل، محمّلة النظام المصري ووزارة الداخلية المصرية المسؤولية الكاملة عن سلامتهم.
والمختفون قسريًا في مذبحة رابعة ولم يكشف مصيرهم إلى اليوم، هم: عمرو إبراهيم عبدالمنعم متولي، خالد محمد حافظ عز الدين، عبدالحميد محمد عبدالسلام، عمر محمد علي حماد، محمود إبراهيم مصطفى أحمد عطية، محمد خضر علي محمد، عادل درديري عبدالجواد، أسامة محمد راشد عبدالحليم، محمود محمد عبدالسميع، محمود أحمد محمد علي بدوي، أسماء خلف شندين عبدالمجيد، أشرف حسن إبراهيم محمد، محمد السيد محمد إسماعيل، أحمد عبدالله جمعة حسانين، علا عبدالحكيم محمد السعيد، عماد زكريا عبدالله عبدالجواد، محمد حسين السيد السمان، عزت سعيد فؤاد مراد، محمد الشحات عبدالشافي أحمد، عبدالرحمن محمد عبدالنبي، ومحمود المليجي.
وفيما لم تقدم منصة "جوار" أي معلومات عن آلية التوثيق، أصدرت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" سابقا تقريرا بعنوان "مفقودي رابعة.. هروب من الموت إلى الجحيم"، في الذكرى الرابعة لمذبحة رابعة العدوية، فتحت فيه ملف المفقودين في المذبحة حتى الآن.
وقالت إن "الأحداث التي سبقت فض الاعتصام وأحداث الفض بشكل عام تركت وراءها كثيرا من الأفراد الذين تعرضوا للقبض والاختفاء في أماكن احتجاز سرية، حيث لم يستطع ذووهم ولا محاموهم التوصل إليهم، رغم بحثهم عنهم في أماكن الاحتجاز واتخاذهم كافة الإجراءات القانونية من شكاوى وبلاغات للنائب العام، لكن دون جدوى، مما يثير الكثير من الشكوك حول وجود مقابر سرية تم دفن بعض الجثث بها، فيما تأكد بعض الأهالي من وفاة ذويهم أثناء عملية فض الاعتصام، لكن لم يعثروا على جثثهم، كما أنهم غير المقيدين بالكشوف أو في تقارير المنظمات الأخرى رغم إقامة أسرهم مراسم العزاء، عقب تلك الأحداث لا يعرف ذووهم مصيرهم حتى الآن رغم اتخاذها كافة الإجراءات القانونية".
وأكدت المنظمة أنه "بالبحث في مفقودي رابعة كانت قصص المفقودين تختتم بنهايات أربع، إما أن يكون ذلك المفقود قد قُتل وتشوهت جثته، واستطاع أهله الوصول إليها عبر تحليل البصمة الوراثية DNA، أو لا يجدونه بذات التحليل بسبب تشوّه الجثة بشكل يصعب استخلاص البصمة الوراثية منها، ومن ثم تدفن في مقابر الصدقة تابعة للدولة، أو أن هؤلاء المفقودين قد قتلوا أثناء عملية فضّ الاعتصام، ثم دُفنوا بمعرفة رجال الشرطة والجيش، وأخيرا أن يكون المفقود قد اعتُقل ولا يزال رهن احتجاز في مقر أمني سري".
وبينت أن "ما يعانيه أهالي المختفين قسرياً يندرج تحت ما يسمى "الخسارة الغامضة"، وهي خسارة غير مفهومة ولا مكتملة. لذلك يعاني أصحابها من مشقة البحث الدائم عن إجابات لما أصابهم. وخلافاً لحالات الفقدان الأخرى، فإن الحزن بالنسبة لهؤلاء مؤجل أو مجمّد، بسبب عدم القدرة على القبول أو الاعتراف بوجود مشكلة".
واشارت إلى "هؤلاء الأشخاص يعانون من أعراض ومشاكل نفسية أشد صعوبة، وتؤثّر على صحتهم، نظراً لطول المدة، فيما يعاني البعض من القلق والتيقظ الدائم، الأمر الذي يتجلى في صعوبات في النوم وهلوسة وعصبية، ما ينعكس على نمط حياتهم وعملهم وحياتهم الاجتماعية".
وتختلف تقديرات المنظمات الحقوقية والحكومية المصرية منها والدولية، في تعداد ضحايا المذبحة، وتبدأ من 333 قتيلًا بينهم 247 حالة معلومة و52 حالة مجهولة، و7 حالات من الشرطة، بحسب التقديرات الحكومية المصرية الصادرة عن وزارة الصحة ومصلحة الطب الشرعي، وتصل في بعض التقديرات الحقوقية المصرية لـ 2200 حالة بحسب آخر إحصاء صادر عن مستشفى رابعة العدوية الميدان، فيما يرتفع العدد قليلًا لـ 2600 قتيل بحسب ما أعلنته "جماعة الإخوان المسلمين"، آنذاك.
فيما ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها الصادر 12 أغسطس/ آب 2014، أن عدد الضحايا هو 1150 قتيلاً، قبل أن ينخفض العدد في التقرير الصادر عن المنظمة ذاتها في 14 أغسطس/ آب 2015، إلى 817 حالة.