د. أبو البراء لـ"جيل": لله درّي

07 اغسطس 2017
(من الصفحة الساخرة على فيسبوك)
+ الخط -

قبل أعوام من الآن كانت الناس تذهب إلى المسرح لتشاهد الـ"توك شو" أو "كوميديا الوقوف" التي تعبّر عن مجموعة من الآراء النقدية على أصعدة متعددة وبطريقة ساخرة، مثل العروض التي يؤديها الكوميديان الأميركي جورج كارلن، هذا النوع من النقد الساخر تطورت أدواته كثيراً وصارت شبكات التواصل الاجتماعي مسرحًا لمدونين ساخرين يتابعهم الآلاف وينتظر بشغف تعليقاتهم حول ما يجري في العالم.

لعلّ شخصية "د.أبو البراء" من أبرز هذه الشخصيات عربيًا، يرتدي قناع رجل دين متطرف يود قتل وتكفير كل المختلفين معه حتى لو كان الاختلاف على فريق كرة قدم، ويمر على جميع المواضيع السياسية والاجتماعية إذ يكاد لا يفوت تفصيلة واحدة تحدث في محيطه دون أن يعلق عليها.

"جيل" حاور الشاب (تحفظ على ذكر اسمه وجنسيته) الذي صنع شخصية أبو البراء وعرفها: "أبو البراء إنسان أحبطه الواقع عندما رأى الحقيقة بوضوح أعمى، فحاول أن يجد في السخرية عزاء له وسط هذا الخراب".

يقول إن "أبو البراء يحاكي شخصيات بدأت للأسف تكثر بشكل كبير في الفترة الأخيرة من الصراعات التي عصفت في العالم العربي، هذا العالم الذي كان بالإساس قائماً على سلام مهترئ، فأصبحنا نرى في كل يوم أحدى هذه الشخصيات من أصحاب الخطابات التحريضية المليئة بنبرة الكراهية للآخر بلا سبب سوى اختلافه عنه بالتوجه أو العقيدة، يخرج علينا بفتاوى جديدة وبإعلان الجهاد هنا وهناك وبأشياء من غير الممكن لعاقل تقبلها. ولكن للأسف ولعدة أسباب مثل هؤلاء الأشخاص كانوا سرعان ما يحصلون على شريحة كبيرة جداً من الجماهير أصحاب العقول المؤدلجة والبسيطة، التي اعتادت تقبل ما يتم إقحامه فيها دون تحليل لخوفهم من الخوض بكل ما تلفه هالة القداسة"، مضيفاً "أردت أن أحارب هذا الجنون فلم أجد طريقة أنجح من السخرية في مواجهة هذا الجنون، ولم أجد قناعاً ملائماً أرتديه في حربي مع هذا الجنون أفضل من قناع المجانين أنفسهم".

ويبين موقفه الصارم من التشدد الديني الذي يغزو العقول ويقودها نحو الإجرام بسبب اختلافات بسيطة بين المذاهب والطوائف والأديان، قائلاً إنه يرى "أفضل للإنسان أن يكون مرناً ومفكّراً ومتناقضاً من أن يكون متصلباً متعنتاً. فما يقنعني اليوم قد لا يقنعني غداً ولكن هناك مواقف أخلاقية لا يمكن أن يغيرها الإنسان، أنا رافض لكل هذا الجنون ولكل ما يستخف بحرية الفرد ويستهتر بحياته اليوم وبعد ألف عام".

ويضيف "لقد كان أبو البراء سبباً لتوحيد كافة المذاهب الدينية والفكرية في صفحته لأنه هدم تابوهاتهم وأسقط القداسة عن رموزهم، أنا أستهزئ بكل ما يناقض المنطق، من غير الممكن أن يحكم الإنسان على الأشياء إلا بعد تجرده من كل القناعات الراسخة ورؤيتها من زوايا مختلفة، وفي رأيي لا يمكن للمرء أن يجد فرقاً بين ألوان تتشابه في بعض الأحيان لدرجة التطابق إلا إذا كان امرأة تريد شراء طلاء للأظافر!".

"الدافع للاستمرار هو استمرار ما يثير السخرية!" يقول معبراً عن دوافعه ويواصل: "لا أنكر أن الناس كانوا دافعاً قوياً وبشكل كاف لاستمراري أيضاً، أصبح النقد الساخر يعبر عن صوت الشباب العربي وبشكل كبير جداً. ببساطة نحن شعوب مستضعفة وباتت السخرية أكثر ما يلقى رواجاً لدينا في الآونة الأخيرة وعلى كافة الأصعدة في خضم هذا الواقع المأساوي"، معلقاً بسخريته المعتادة: "وأنا أود هنا بأن أقول لهم أحبكم يا قطيعي المبارك".
ويتحدث عن الفهم المغلوط الذي يتعرض له بشكل يومي من جمهوره قائلاً: "كانت ردود الأفعال متفاوتة، البعض بسبب فوبيا الملتحين وضعف الوعي العام لم يستطع تمييز اللغة الساخرة رغم وضوحها، حتى وصلت بعض ردود أفعالهم للتهديد بالقتل، والبعض الآخر قام بالتبليغ على الصفحة، المثير للسخرية أن آخرين صدقوا بشخصية أبو البراء على أنها حقيقية، وأرسلوا أسئلة واستشارات في عباداتهم وأعمالهم وخططهم المستقبلية وحتى في ما يجب عليهم فعله في علاقاتهم الزوجية. في البداية كانت هناك صعوبة في تقبل فكرة الصفحة، أما الآن وبالرغم من استمرار وجود من يصدق بأن الصفحة حقيقية فهنالك تحسن وأعتقد أنني استطعت ولو بشكل ضئيل جعل الجمهور يتقبل فكرة النقد الساخر وممارسته".

يختم حديثه بالقول إن "السخرية ليست حلاً بقدر ما تكون وجعاً مما يحدث، لكنها قد تكون الطريق نحو نبذ كل الأشياء غير المنطقية التي تحدث في العالم، وفي كل الأحوال حرب قوامها الإعجاب والتعليق على منشور في فيسبوك، أفضل كثيراً من المفخخات".
ويضيف: لله دري.

المساهمون