ديفيد كاميرون يترنّح على صفيح "أوراق بنما"

10 ابريل 2016
يمرّ كاميرون بأصعب أيامه السياسية (Getty)
+ الخط -
يبدو أن كرة لهيب "أوراق بنما" بدأت تتدحرج وتكبر لتطيح المزيد من الرؤوس والأسماء السياسية التي وردت في كشوف الحسابات السرية في الملاذات الضريبية الآمنة. وبعد استقالة رئيس حكومة أيسلندا، سيغموندور دافيو غونلوغسون، ليكون أول ضحية سياسية لفضيحة "وثائق بنما"، وصل الطوفان إلى أعتاب رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي بات يواجه المزيد من الضغوط المُطالبة باستقالته بعد اعترافه، يوم الخميس، بامتلاكه سابقاً حصةً في صندوق "بليرمور الاستثماري"، الذي كان والده الراحل أيان دونالد كاميرون، يديره في جزر البهاماس على مدى 30 عاماً، تجنّباً لدفع الضرائب في بريطانيا.

صباح أمس السبت، استفاق كاميرون على هتافات مئات البريطانيين، الذين تظاهروا أمام مقرّ رئاسة الوزراء البريطانية (10 داوننغ ستريت) في لندن، مطالبين برحيل رئيس الوزراء "الكذاب" و"المنافق"، وفق تعبيرهم. ونشر المنظمون نداءهم على موقعي "فيسبوك" و"تويتر". واعتبروا أن "وثائق بنما تظهر أن رئيس الوزراء يستغفل الشعب، وأنه منافق، لأنه استفاد في الخفاء من أرباح شركة تتهرب من الضرائب، بينما يشنّ في العلن حملة ضد الشركات التي تفعل الشيء نفسه".

وعلى الرغم من اعتراف كاميرون بعد أيام من النكران، بأنه باع في عام 2010 جميع حصصه في صندوق "بليرمور الاستثماري"، أي قبل تسلمه رئاسة الوزراء، وأنه سدد جميع الضرائب المستحقة على الفوائد التي جناها من جراء بيع تلك الأسهم، إلا أن حزب "العمال" المعارض، الذي أجبر كاميرون على الإدلاء بهذا "الاعتراف غير العادي"، طالب رئيس الوزراء البريطاني، بالكشف عن كافة تعاملاته المالية وإقراره الضريبي للعامة أمام البرلمان الأسبوع المقبل.

من جهته، اعتبر عضو لجنة الخزانة البرلمانية، النائب العمالي جون مان، في تصريح لشبكة "آي تي في"، أن "القضية تتعلق بالشفافية، وكان على رئيس الوزراء الإعلان عن كل ما يمتلكه، وكان أمامه عشر سنوات لإبلاغ البرلمان عن هذه الحصة". أما نائب زعيم حزب "العمال"، توم واتسون، فأكد أن "أمام رئيس الوزراء أسئلة لا يزال بحاجة للإجابة عنها، وقد يحتاج إلى الاستقالة".
أما صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، فاعتبرت أن "اعتراف كاميرون بأنه شارك والده في أصوله السرية، التي أدارتها شركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية، أمر كافي كي يستقيل". ورأت أن "رئيس حزب العمال جيرمي كوربين يخطط الآن للإطاحة بكاميرون من منصبه، وتشكيل حكومة جديدة". 

وفي استطلاع على شبكة الإنترنت نشرته صحيفة "ديلي ميرور"، عبّر أكثر من 90 في المائة من عيّنة استفتاء طاولت أكثر من 6 آلاف شخص، عن تأييدهم دعوة كاميرون للاستقالة. وفي استفتاء آخر أجرته شبكة "سكاي نيوز" المؤيدة لحزب المحافظين الحاكم، أكد57 في المائة من البريطانيين، أن "ثقتهم الآن في كاميرون أقل مما كانت عليه قبل فضيحة وثائق بنما".

كما كشف استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف"، يوم الجمعة، أن شعبية كاميرون تراجعت إلى أدنى مستوياتها خلال ثلاث سنوات، إذ لم تتجاوز نسبة مؤيدي كاميرون 34 في المائة في مقابل 58 في المائة من المعارضين. أما الهبوط الأبرز في شعبية كاميرون، فهي في أوساط الناخبين المحافظين، إذ تراجعت شعبيته من 71 في المائة في يناير/كانون الثاني الماضي إلى 44 في المائة حالياً.

ويرى مراقبون ومعلقون في وسائل الإعلام البريطانية، أن "سوء إدارة فريق كاميرون الحكومي والاستشاري للأزمة، زاد من الضغوط وعمق عدم ثقة الجمهور برئيس الوزراء. وبعد أن قالت رئاسة الحكومة في بيان رسمي، يوم الإثنين، إن قضايا كاميرون الضريبية مسألة شخصية، لجأت رئاسة الحكومة، على غير العادة، إلى إصدار بيان آخر يوم الثلاثاء، تقول فيه إن ديفيد كاميرون وزوجته وأولاده لا يستفيدون من أي ودائع في شركات غير مقيمة. قبل أن يقول كاميرون نفسه، إنه لا يملك أي أسهم أو دخل من ودائع في الخارج، ثم يفجّر قنبلته يوم الخميس، باعترافه بامتلاكه سابقاً حصةً في صندوق بليرمور الاستثماري". هذا النكران، ثم التردد، وما تلاهما من أنصاف حقائق أو عبارات غامضة صدرت عن كاميرون نفسه أو عن رئاسة الوزراء، دفع كوربين إلى القول إنه "اعتراف ضلّل الشعب وفقد ثقة البريطانيين به. وبعد أعوام من المناداة بالشفافية الضريبية والهجوم على تدابير التجنب الضريبي باعتبارها تصرفات غير أخلاقية، ظهر أن رئيس الوزراء نفسه، استفاد شخصياً من الاستثمارات السرية خلف البحار".
المساهمون