دنماركيّان في عُمان

25 يوليو 2019
يسأل الصحافي الطفل عن رأيه بالمسيحيين (Getty)
+ الخط -
عرض التلفزيون الدنماركي، قبل يومين، الحلقة الأولى من سلسلة برامج عن العالم العربي بعنوان: "آنا وأندرس في الشرق الأوسط". انطلق الصحافي أندرس آغر والطاهية الشهيرة آنا يرونسو من عُمان، ضمن جولة ستأخذهم إلى الأردن وفلسطين ولبنان. يمزج الاثنان في عرضهما للعالم العربي للمتلقي الدنماركي بين تاريخ بناء تلك الدول وتطورها، وثقافة العالم العربي وعاداته ومعيشته اليومية وثقافة الطعام فيه. ولمدة زادت عن الساعة، جال الصحافي والطاهية في عُمان، معرّفين بالبلد وثقافته وطبيعته وعاداته، مع عرض لحياة ومعيشة دنماركيين مقيمين أيضاً في عُمان، وتبنيهم لعادات الطعام العماني. 

قبيل ذهاب التلفزيون الدنماركي، في إعلانه السابق عن السلسلة النادرة لجولة في العالم العربي، لعرض حلقته الأولى، ثار في المنطقة العربية ومحليا في الدنمارك جدل واسع، أخذ عناوين مختلفة عن حوار بين الصحافي أندرس وطفل عُماني، سيعرف اسمه لاحقا بـ علي المسكري، "صحافي أجنبي" يناقشه عن "التعايش في عُمان بين المسلمين وغيرهم". سأله أندرس عن نظرته إليه كمسيحي: "كيف تجدنا نحن المسيحيين.. كيف تصف أسلوب حياتتنا؟". رد الطفل على السؤال: "لا يهمني الأمر.. نحن جميعا سواسية، وكلنا بشر ونعيش بنفس الطريقة".
قال الصحافي أندرس إنه التقى صدفة بالطفل الذاهب إلى صلاة الجمعة، ومن دون ترتيب مسبق ناقشه بالإنكليزية عن حياته كصبي وعن العبادة، ليرد علي عليه بطريقة أثارت إعجابه وإعجاب المتابعين ليخلص الصحافي بالقول للطفل: "أنت أفضل طفل في الشرق الأوسط".

خصصت الصفحة الرسمية للقناة التلفزيونية الرسمية "دي آر" تقريرا مطولا لما حدث لهذا الطفل العماني (12 عاماً) بعيد اللقاء الذي انتشر على وسائل التواصل. فقد ذكر تقرير القناة أن علي المسكري تحول إلى شخص مشهور في بلده عمان، ونال الكثير من الثناء على وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة "حيث اعتبره الناس صانع سلام بعد لقاء عابر مع الصحافي أندرس الذي وضع مقطع حواره مع الطفل قبل نحو أسبوعين على صفحته الشخصية لينتشر سريعاً ويقوم مشاركو المقطع بترجمة عربية لما جرى بين الاثنين". وشاهد أكثر من 400 ألف شخص المقطع على صفحة الصحافي أندرس قبيل عرض البرنامج كاملا مساء الإثنين.
ويذكر الصحافي الدنماركي أندرس آغر لمحطته أنه فوجئ بذلك الاهتمام الذي وصل إلى العالم العربي بهذه السرعة والكيفية، "فقد تحول الطفل علي، والذي شعرت فعلا أنه طفل متميز، إلى بطل في بلده وظاهرة لدى المتابعين العرب، وهذا شيء مثير للانتباه".

رأى هذا الصحافي الدنماركي أن توسع الاهتمام بالحوار التلقائي بينه وبين الطفل العماني علي "يعود إلى التلقائية التي أجاب فيها علي من دون تفكير وتحضير، وهو ما يجعلنا تفكر بعمق بما قاله، على عكس ما يثيره النقاش مع الكبار فهو لم يكن لديه شيء ليخفيه بل كان صريحا جدا".
نتذكر، هنا، الصيغة الأساسية، والقالب المُعتاد، الذي يتبناه الإعلام الغربي في زياراته "الاجتماعية" للعالم العربي. الصحافي يلتقي طفلاً ويطرح عليه أسئلة تتعلّق بأمور دينية واجتماعية، وينتظر إجابة، ستؤدي إلى واحدة من اثنتين: إمّا أن تكون إجابة "مُتطرّفة"، تؤكد النظرة النمطية التي يروج لها الإعلام الغربي أكثر فأكثر هذه الأيام مع صعود اليمين هناك، أو أن تكون إجابة أيضاً تلبّي الطموح الاستشراقي لهذا النوع من الإعلام لكن بطريقة أخرى؛ إذ تبدو إجابة الطفل "مستنيرة"، تفيد بأنْ: هل رأيتم؟ العرب ليسوا متخلفين ومتطرفين كما نعتقد، وهذا الطفل نموذج على ذلك.
المساهمون