دعوات للبقاء على درب فيصل الحسيني بالذكرى الـ13 لرحيله

31 مايو 2014
الحسيني متوسطاً عدداً من الشخصيات(أرشيف/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

يتذكر المقدسيون جيداً واحداً من أيام تاريخ مدينتهم المجيدة في عام 2001، حين حمل عشرات الآلاف من الفلسطينيين على أكتافهم جثمان فيصل الحسيني، مخترقين جميع حواجز الاحتلال في المدينة، ومرغمين جنود الاحتلال على الاختفاء، في طريقهم إلى المثوى الأخير للجثمان في المسجد الأقصى.

فقد نفضت المدينة المقدسة في ذلك اليوم عنها ثوب الاحتلال، ورفرف علم فلسطين عالياً على أسوارها، وسط نحيب النساء والرجال على حد سواء، كل يحاول أن يلامس بيديه جسد "فارس القدس وشهيدها"، كما كان يحلو للمقدسيين أن يطلقوا عليه.

قبل ثلاثة عشر عاماً، كانت القدس لا تزال في بعض من عافيتها، إذ أمدها الرجل الذي توفي في 31 من مايو/أيار بأسباب البقاء، وأعطى أهلها من القدرة على الصمود والتحمل حين كان أميراً لبيت الشرق.

اليوم، وبعد مرور ثلاثة عشر عاماً على رحيله، حضر إلى الضريح المسجى في أروقة الأقصى النفر الأوفى من محبيه، الذين لم يتجاوز عددهم أصابع اليد.

وكان على رأس الحضور، عبد القادر الحسيني، وشقيقته فدوى (نجلا فيصل)، وزوجته وشقيقته، إضافة إلى حاتم عبد القادر، مسؤول ملف القدس في حركة فتح، وأوفى أصدقاء الراحل، ورفيقه أثناء فترات الاعتقال الإداري في السجون الإسرائيلية.

لم يدل عبد القادر بكثير من الكلام، وهو يتحدث لـ"العربي الجديد"، عن معاني ذكرى رحيل الحسيني، إذ لم تسعفه الكلمات، وهو يستعيد ذكرى أمير القدس.

ويوضح عبد القادر، أن "الحسيني كان من أكبر وأكثر القيادات الفلسطينية التي ساعدت على دعم صمود المقدسيين في مدينتهم، وينسب له الفضل في الواقع الديمغرافي الفلسطيني الحالي في القدس، وبالتالي كان لغيابه المفاجئ تأثير كبير على كل فلسطيني".

ويقول عبد القادر: كلنا نفتقده، ولكن في ذكرى رحيله يجب الاستمرار على دربه، وأن لا نستسلم أمام إجراءات الاحتلال المتصاعدة. وأضاف "نحن على قناعة بأن الاحتلال إلى زوال، لكن المطلوب الآن من الناس الصمود والبقاء".

لكن الأمر مختلف بالنسبة لإسحق القواسمي، الذي عمل مصوراً خاصاً لدى بيت الشرق، ولدى الراحل الحسيني. يقول بعدما اغرورقت عيناه بالدموع، قبل أن يجهش بالبكاء، "كأننا فقدنا أباً، وما أصعب شعورك باليتم".

ولا ينسى مسؤول الحراسة عن أمن بيت الشرق، وعن الحسيني، ناصر قوس، الذي رافقه في رحلته الأخيرة إلى الكويت، حيث قضى هناك بنوبة قلبية حادة، تفاصيل تلك الليلة.

ويقول قوس لـ"العربي الجديد" "بكينا كثيراً ومن دون توقف، كأننا أطفال صغار فقدوا أباهم، ولم نستيقظ من صدمة الموت المفاجئ إلا بعد شهور".

ويضيف "حتى ونحن نخترق الحواجز من رام الله إلى القدس في بحر من البشر أذهل العالم، كنا كمن يمشي على غير هدى، وكان جسده الطاهر محمول على أكتافنا، لكن روحه تحلق في سماء القدس، وترفرف على كل حجر فيها، تخيلناه هكذا، بل عشناها لحظة بلحظة، إلى أن وُري الثرى في المسجد الأقصى".

وختم قوس، حديثه: مخطئ من يعتقد أننا نسينا فيصل، فهو في قلوبنا كما القدس، لا يغادرها أبداً.

ووجدت ذكرى أعمال الحسيني، المدافعة عن القدس المحتلة، تعبيراً لها في المؤسسة التي حملت اسمه وهي "مؤسسة فيصل"، التي أصدرت أمس، تقريراً تفصيلياً عن خدماتها لمؤسسات التعليم والطفولة ورعاية المدارس. وهو الأمر الذي كان يحرص فيصل، على تدعيم وجوده وتطويره من خلال تقوية تلك المؤسسات وتطوير قدراتها وإمكانياتها.

ومن خلال تلك المؤسسة، يرى عبد القادر وفدوى، إبقاء سيرة والدهما حية في نفوس المقدسيين، ويبثان روحه في كل مدرسة ترممها مؤسسة فيصل.

الأوفياء لفيصل، كما تقول عضو المجلس الثوري لحركة فتح، سلوى هديب، "في كل حارة وزقاق من حارات وأزقة البلدة القديمة، ومحبوه في كل حي، من الشيخ جراح وسلوان والصوانة".

كانت هديب، في تلك الفترة من حياة الحسيني، ناشطة وواحدة من قياديات "فتح" في القدس المحتلة، وكانت على تواصل دائم به في إطار اللقاءات السياسية والتنظيمية سواء ما تعلق منها بالقدس أو بالمرأة.

وحين تأتي على ذكرى رحيل الحسيني، تتوقف طويلاً، قبل أن تستذكره وصلاته في رأس العمود، وعناده الفولاذي لدى تصديه للمستوطنين الذين كانوا من فترة لأخرى يحاصرون منزله في الصوانة، أو بيت الشرق في واد الجوز، ولا يعطي بالاً لصرخات أولئك المستوطنين وهتافاتهم العنصرية.

وتستذكر هديب أيضاً، حين كان الخطر يداهم القدس، فقد كان الحسيني، دائم الحديث عن قدس تخشى أن يبكيها رجالها، وكان دائم القول رداً على تهديدات الاحتلال بإغلاق بيت الشرق "إن أغلقتم بيت الشرق، فكل القدس بيتنا، كل القدس بيت الشرق".

المساهمون