18 أكتوبر 2024
دعم فلسطين شرف ليس تهمة
لطالما شكّلت القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين على الدوام. فمنذ الأيام الأولى لاحتلال الصهاينة الأراضي العربية الفلسطينية، عبر موجات الهجرة المنظّمة والمرعية، اندفع الشعب الفلسطيني يدافع عن أرضه، ويذود عن عرضه بما توفّر لديه من إمكانات وقدرات، وقد أبلى بلاء حسناً في مواقع كثيرة، لكن المؤامرة كانت أكبر من إمكاناته وقدراته، ما سهّل قيام كيان الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين. لم يقف العرب والمسلمون، منذ تلك الأيام الأولى، مكتوفي الأيدي. كانوا شركاء الشعب الفلسطيني في ردّ الهجمة المتغوّلة للاحتلال. شارك في الدفاع عن فلسطين كل العرب. من مصر والأردن وسورية ولبنان (دول الطوق)، إلى العراق واليمن ودول المغرب العربي والخليج، بل وقفت أيضا شعوب من دول العالم الإسلامي ومن أحرار العالم إلى جانب الشعب الفلسطيني، وناصروه في قضيته العادلة، ورفضوا مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ودحضوها.
أذكر وأنا ابن منطقة حدودية مع فلسطين المحتلة، هي العرقوب، أنه، في أواخر ستينات القرن العشرين، احتضنت منطقتنا (شرق نهر الحاصباني – فتح لاند) بموجب اتفاقية القاهرة عناصر المقاومة الفلسطينية، وكان اسمهم "الفدائيين". يومها، فتح الأهالي بيوتهم وقلوبهم لهم. اقتسموا معهم رغيف الخبز، والدار، والمعاناة، وكل شيء، وكان ذلك مفخرة لكل بيت، حتى أن كثيرين من أبناء القرى التحقوا بصفوف "الفدائيين" وصاروا منهم، وكان الجميع يعتبر ذلك تشريفاً للعائلة والقرية.
كان بين "الفدائيين" الفلسطيني والسوري واليمني والليبي والمغربي والتونسي والجزائري وغيرهم. كان كل منهم يعتبر أنه ينال شرفاً رفيعاً بحمله بندقية تحرير فلسطين. ويذكر أهلنا في هذا المقام، ويحدّثونك إلى اليوم، أنه في المكان الفلاني استشهد "الفدائيون" الليبيون وهم يصدّون العدوان الاسرائيلي في أول اجتياح للمنطقة، وقرب تلك الصخرة الكبيرة استشهد "الفدائيون" المغربيون الذين قاتلوا ببسالة. وعند ذلك الكوع، كمن "الفدائيون" التونسيون والجزائريون لجحافل الاحتلال الإسرائيلي، وألحقوا به خسائر فادحة، قبل أن يسلموا الروح إلى باريها. يومها، كان الجميع يتسابق إلى الشهادة على درب فلسطين والقدس. يومها، كان الجميع يزداد شرفاً بخدمة "الفدائيين" الذين نذروا أنفسهم لفلسطين. يومها، كان المنزل الذي لا يقدّم الدعم والاحتضان ينظر إلى نفسه جسماً غريباً عن الأمة والمجتمع. كانت خدمة فلسطين والسير في ركب ثوارها وفدائييها وساماً يضعه كل شريفٍ على صدره دليلاً على طهره ونبله وواجبه الذي أدّاه في طريق استعادة المقدسات. وظلّ هذا ديدن الشعوب العربية والمسلمة على امتداد الزمان والمكان. ظل هذا شعورها وتقاليدها وإيمانها وتاريخها الذي لا يمكنها أن تنسلخ منه.
ماذا جرى اليوم؟ هل تبدّل الزمان والمكان؟ هلى ماتت المروءة في نفوس العرب؟ هل بات بعضنا بلا شهامة ولا كرامة ولا حتى رجولة؟ أيعقل أن تتحوّل خدمة "الفدائيين" اليوم إلى تهمة؟ أيعقل أن تصبح مصالحنا الضيقة أهم من كرامتنا؟ وأن تصير كراسينا أكبر من مقدساتنا؟ وهل من العروبة والإسلام أن يعاقب الشرفاء على شرفهم ونخوتهم وشهامتهم؟ و"الفدائيون" الذين يخوضون معركة الدفاع عن الأمة في فلسطين أمام هجمة التهويد والاستيطان وابتلاع الأراضي على صمودهم وتضحياتهم، فيتركون نهباً لآلة المحتل التي تتربص بهم الدوائر؟ أي عروبة هذه التي تقبل ذلك؟ وأي إسلامٍ هذا الذي يرضى ترك المسلمين يواجهون مصيرهم، بل التآمر عليهم؟ وأي شهامةٍ ومروءة عربية هذه التي لا تضع حداً للظلم والاضطهاد، وتقبل أن تكون عوناً للعدو المحتل على أبناء العروبة والدين والأرض؟
ستبقى فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى، وسيظل المدافعون عنها في كتائب المقاومة وسرايا الجهاد أبطالاً بنظر كل أبناء الأمة، وسيظل الوقوف إلى جانب فلسطين وثوارها محلّ فخر لكل أبناء الأمة، وسيسجل التاريخ من كان وفياً لهم، ومن كان في موقعٍ لا يليق إلا بالمتخاذلين. ستبقى خدمة فلسطين والوفاء لأهلها وثوارها شرفاً تتحدّث به الأجيال، ولن تكون تهمة إلا لأولئك المرجفين الذين لا يعرفون من تاريخ أمتنا إلا القليل، وسيسجل التاريخ فعلتهم، ولن ترحمهم الأجيال.
أذكر وأنا ابن منطقة حدودية مع فلسطين المحتلة، هي العرقوب، أنه، في أواخر ستينات القرن العشرين، احتضنت منطقتنا (شرق نهر الحاصباني – فتح لاند) بموجب اتفاقية القاهرة عناصر المقاومة الفلسطينية، وكان اسمهم "الفدائيين". يومها، فتح الأهالي بيوتهم وقلوبهم لهم. اقتسموا معهم رغيف الخبز، والدار، والمعاناة، وكل شيء، وكان ذلك مفخرة لكل بيت، حتى أن كثيرين من أبناء القرى التحقوا بصفوف "الفدائيين" وصاروا منهم، وكان الجميع يعتبر ذلك تشريفاً للعائلة والقرية.
كان بين "الفدائيين" الفلسطيني والسوري واليمني والليبي والمغربي والتونسي والجزائري وغيرهم. كان كل منهم يعتبر أنه ينال شرفاً رفيعاً بحمله بندقية تحرير فلسطين. ويذكر أهلنا في هذا المقام، ويحدّثونك إلى اليوم، أنه في المكان الفلاني استشهد "الفدائيون" الليبيون وهم يصدّون العدوان الاسرائيلي في أول اجتياح للمنطقة، وقرب تلك الصخرة الكبيرة استشهد "الفدائيون" المغربيون الذين قاتلوا ببسالة. وعند ذلك الكوع، كمن "الفدائيون" التونسيون والجزائريون لجحافل الاحتلال الإسرائيلي، وألحقوا به خسائر فادحة، قبل أن يسلموا الروح إلى باريها. يومها، كان الجميع يتسابق إلى الشهادة على درب فلسطين والقدس. يومها، كان الجميع يزداد شرفاً بخدمة "الفدائيين" الذين نذروا أنفسهم لفلسطين. يومها، كان المنزل الذي لا يقدّم الدعم والاحتضان ينظر إلى نفسه جسماً غريباً عن الأمة والمجتمع. كانت خدمة فلسطين والسير في ركب ثوارها وفدائييها وساماً يضعه كل شريفٍ على صدره دليلاً على طهره ونبله وواجبه الذي أدّاه في طريق استعادة المقدسات. وظلّ هذا ديدن الشعوب العربية والمسلمة على امتداد الزمان والمكان. ظل هذا شعورها وتقاليدها وإيمانها وتاريخها الذي لا يمكنها أن تنسلخ منه.
ماذا جرى اليوم؟ هل تبدّل الزمان والمكان؟ هلى ماتت المروءة في نفوس العرب؟ هل بات بعضنا بلا شهامة ولا كرامة ولا حتى رجولة؟ أيعقل أن تتحوّل خدمة "الفدائيين" اليوم إلى تهمة؟ أيعقل أن تصبح مصالحنا الضيقة أهم من كرامتنا؟ وأن تصير كراسينا أكبر من مقدساتنا؟ وهل من العروبة والإسلام أن يعاقب الشرفاء على شرفهم ونخوتهم وشهامتهم؟ و"الفدائيون" الذين يخوضون معركة الدفاع عن الأمة في فلسطين أمام هجمة التهويد والاستيطان وابتلاع الأراضي على صمودهم وتضحياتهم، فيتركون نهباً لآلة المحتل التي تتربص بهم الدوائر؟ أي عروبة هذه التي تقبل ذلك؟ وأي إسلامٍ هذا الذي يرضى ترك المسلمين يواجهون مصيرهم، بل التآمر عليهم؟ وأي شهامةٍ ومروءة عربية هذه التي لا تضع حداً للظلم والاضطهاد، وتقبل أن تكون عوناً للعدو المحتل على أبناء العروبة والدين والأرض؟
ستبقى فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى، وسيظل المدافعون عنها في كتائب المقاومة وسرايا الجهاد أبطالاً بنظر كل أبناء الأمة، وسيظل الوقوف إلى جانب فلسطين وثوارها محلّ فخر لكل أبناء الأمة، وسيسجل التاريخ من كان وفياً لهم، ومن كان في موقعٍ لا يليق إلا بالمتخاذلين. ستبقى خدمة فلسطين والوفاء لأهلها وثوارها شرفاً تتحدّث به الأجيال، ولن تكون تهمة إلا لأولئك المرجفين الذين لا يعرفون من تاريخ أمتنا إلا القليل، وسيسجل التاريخ فعلتهم، ولن ترحمهم الأجيال.