دعم السكر يربك حسابات الحكومة المغربية

24 أكتوبر 2015
رفع الدعم عن السكر سيعمل على رفع الأسعار (أرشيف/Getty)
+ الخط -


يعتبر رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بنكيران، أن دعم مادة السكر سيكون من أولويات حكومته حتى الانتخابات التشريعية المقبلة، فهو يفكر في طريقة خفض الدعم المخصص لتلك المادة المهمة، غير أنه قد تحول الحسابات الانتخابية دون ذلك.

وأكد رئيس الحكومة في تصريح صحافي قبل يومين، أن رفع الدعم عن السكر سيكون بطريقة "تدريجية"، غير أن لم يعط تفاصيل أكثر حول الكيفية التي سيتم بها التعاطي مع ذلك الدعم، وهو أمر لا يوضحه مشروع قانون مالية العام المقبل، الذي عُرض على البرلمان في الأيام الأخيرة، حيث سيخضع لمناقشة ممثلي الأمة، قبل أن يدخل حيز التنفيذ مطلع يناير/كانون الثاني.

في التقرير حول صندوق المقاصة الذي يلحق بمشروع قانون المالية، لم يجر حذف الدعم الذي يخص السكر، غير أن من المراقبين، لاحظوا أن الحكومة لم تعط رقما متوقعا حول حجم الدعم الذي سيخصص لتلك السلعة، بل اكتفت بتضمينه ضمن رقم الدعم الإجمالي المحدد في 1.6 مليار دولار، الذي يهم غاز الطهو، والدقيق المحلي، والسكر والمكتب الوطني للماء والكهرباء.

وذهب أحد المحللين، الذي فضل عدم ذكر اسمه في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أنه سيصعب على الحكومة التعبير صراحة عن قرار حول إلغاء الدعم عن السكر، على اعتبار أنها تفكر في المستقبل القريب، الذي يتضمن موعدا حاسما متمثلا في الانتخابات التشريعية.

وتحدث عما اعتبره تردد الحكومة بين رفع شامل للدعم، أو إلغاء تدريجي أو التريث إلى حين مرور الانتخابات التشريعية التي ينتظر أن تجري في الصيف المقبل، على اعتبار أن إلغاء الدعم سينظر إليه على أنه قرار يمس القدرة الشرائية للسكان، وهو إجراء يمكن أن تستعمله المعارضة ضدها في سياق الحملة الانتخابية.

وكانت المذكرة التوجيهية التي أصدرها رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، من أجل إعداد مشروع موازنة العام الجاري، شددت على ضرورة تقليص مخصصات الدعم، وتوجيهها لأغراض التماسك الاجتماعي والمشاريع المنتجة.

وكانت مصادر حكومية استبعدت خفض الدعم عن غاز الطهي، ورجحت أن يعمد إلى إلغاء الدعم الذي يهم السكر، مشيرة إلى أن مخصصاته سوف تغذي صندوق التماسك الاجتماعي، الذي يتولى إنجاز مشاريع ذات بعد اجتماعي في مجال الصحة مثلا.

ورغم عدم تقديم مقترح عبر مشروع الموازنة للعام المقبل من أجل إلغاء الدعم، إلا أنه يمكن للحكومة اتخاد قرار في ذلك الاتجاه عبر قرار تنظيمي.

وتشير التقديرات إلى أن رفع الدعم عن السكر سيؤدي إلى زيادة سعر الكيلوغرام من حوالي 70 سنتا إلى 90 سنتا.

ويعتبر بوعزة الخراطي، رئيس الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن التخلي عن دعم السكر، سيدفع المغاربة إلى وضع حد للتبذير الذي يعرفه استهلاك هذه السلعة.

وأوضح أن ذلك سيدفعهم إلى عقلنة الاستهلاك، وهو ما يستجيب في تصوره لتوصيات منظمة الصحة العالمية التي توصي البالغين والأطفال بخفض استهلاكم من السكر.

وذهبت جمعيات مستهلكين أخرى، إلى أن إلغاء الدعم مطلوب، غير أنها شددت على ضرورة استثناء نوع معين من السكر، الذي تستهلكه فئات اجتماعية معوزة، خاصة في العالم القروي، حيث أشارت بشكل خاص للسكر المعروف بـ "القالب"، علما أنه يمثل 30% من الاستهلاك الوطني، مقابل 56% للسكر المحبب و14% للسكر المقرط.

اقرأ أيضاً: المغرب يواصل خفض الدعم في 2016

ونبه بوعزة الخراطي إلى أن الشركات التي تستعمل السكر كمدخل في الإنتاج، هي المستفيد الوحيد من الدعم الذي يخصص لدعم السكر، وهو ذات المبرر الذي تستعمله الحكومة من أجل تقليص نفقات الدعم بالنسبة للسلع الأخرى.

وتشير تقديرات مصدر حكومي إلى أن الأغنياء والشركات التي تستعمل السكر في إنتاج سلعها، تستهلك ثلثي السكر المدعم، بينما لا يؤول للفئات الفقيرة سوى الثلث.

وكانت أنباء قد رشحت مؤخرا، تشير إلى أن قطاعات مثل مشتقات الحليب والبسكويت والمشروبات الغازية، لم تنظر بعين الرضى لنية الحكومة رفع الدعم عن السكر، فهي تعودت على استعمال السكر المدعم في إعداد منتجاتها، علما أن مبدأ الدعم يقتضي دعم الاستهلاك وليس الإنتاج، ما يدفع البعض إلى أنها لم تقف مكتوفة الأيدي وتحركت من أجل دفع الحكومة إلى العدول عن نيتها.

ويصل استهلاك المغرب من السكر إلى 1.2 مليون طن، حيث إن الاحتياجات التي لا يغطيها الإنتاج المحلي، تستورد بنسبة تصل إلى 60%، ويجري تكريرها بمصنع شركة "كوسيمار" بمدينة الدار البيضاء.

ويسعى المغرب إلى توسيع حصة الإنتاج المحلي من السكر، غير أنه يتجه نحو رفع الدعم عن هذه السلعة، الذي وصل في العام الماضي إلى 327 مليون دولار، مقابل 511 مليون دولار خلال عامي 2011 و2012.

ويعزو انخفاض الدعم إلي تراجع سعر السكر الخام في السوق الدولية، علما أن مستوى الاستيراد يختلف حسب حجم الإنتاج المحلي من الشمندر، فقد استقر في العام الحالي في حدود 60%، بينما وصل في عام 2012 إلى 80%.

ويتطلع المغرب إلى رفع حصة مساهمة السكر المحلي في الأمن الغذائي حتى لا يرتهن لتقلبات السوق العالمية، وذلك عبر توسيع مساحة النباتات السكرية والحفاظ على الطاقة الإنتاجية، التي تتجاوز في المرحلة الحالية حاجيات الاستهلاك المحلي.

وقد أكد وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، الشهر الماضي، خلال مؤتمر دولي بمراكش، أن قطاع السكر الذي تعمل فيه 80 ألف أسرة، يساهم في ضمان الأمن الغذائي للمغرب.

وأكد أخنوش أن الدولة سعت إلى إبرام عقد برنامج مع المهنيين من أجل رفع الإنتاج المحلي من السكر الأبيض، خاصة أن الاستيراد يشكل عبئا ثقيلا بالنسبة لموازنة الدولة، في سياق متسم بارتفاع الطلب وعدم استقرار الأسعار في السوق الدولية.

وتمكن المغرب في العام الحالي من إنتاج 510 ألف طن من السكر الأبيض عبر النباتات المحلية، ما يتيح تغطية 41% من الاستهلاك، مقابل 29% كمعدل في الخمسة أعوام الماضية.



اقرأ أيضاً: المغرب: مخاوف من خفض دعم السكر وغاز الطهو

دلالات
المساهمون