دعشنة إعلامية

19 يناير 2016
+ الخط -
تقوم وسائل الإعلام العربية، ولا سيما الفضائية منها، بتضليل القارئ والسامع والمشاهد العربي، وليس تنويره، وتبدو هذه النقيصة الإعلامية بارزة للعيان، عندما يتعلق الأمر بالجانب السياسي المحلي أو العربي أو الدولي، حيث أصبحت الدعشنة الإعلامية الموجهة سلاح العصر الحديث.
أصبحت الدعشنة ثقافة وأسلوب حياة، لا يفرق كثيرا بين دولة ومجتمع، أو جماعة وسلطة. الكل يمارسها بشكل أو بآخر تحت مسميات ومبررات مختلفة، فالواقع الذي تكشف عن مدى حجم "داعش" وقوته مرتبط بالدعاية الإعلامية التي صوّرت هذه الجماعة الإرهابيه وشكلتها في عقول الناس، فليس لـ"داعش" وجود حقيقي كبير ومؤثر في الواقع، لأنها لا تمتلك جيشا تحتل به المدن، وتثّبت وجودها على الأرض، بل تمتلك صفحات على "تويتر" وحوائط في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلالها تنشر ملصقات تتبنى عمليات التفجير أو الذبح، هنا أو هناك، والبقية مهمة وسائل الاعلام العربية والعالمية، حيث تخدم وسائل الإعلام من حيث لا تدري هذه التنظيمات الإرهابية، وتقدمها فوبيا تسقط المدن وتهزم الجيوش.
"داعش" ظاهرة إعلامية صنعتها وأنتجتها الدعشنة الإعلامية الموجهة من الخارج، مثل ظاهرة "إنفلونزا الخنازير" التي نشرها فيروس الإعلام بين الناس أكثر من الفيروس المسبب للمرض نفسه في السنوات الماضية، وسبّب الخوف والذعر لملايين من الناس البسطاء، ثم تلاشت هذه الظاهرة، مع انتهاء الغرض الذي ظهرت من أجله، وكذلك أنفلونزا الطيور التي شغلت العالم بمطاردة الدجاج، وخصصت لها الندوات على الفضائيات بكل اللغات، فجماعة "داعش" حركة زئبقية تنفذ ضربات خاطفة ثم تنسحب وتذوب، وهي تجيد فن صناعة الرعب، وما بعده يتكفل به الإعلام.
على كل وسائل الإعلام تحرّي الحقيقة في نقل الخبر للناس، لأن الحقيقة مقدسة، ويجب التحرّي والتدقيق في نقل الخبر ونشره بين الناس، فعلى المتلقي والمتابع للقنوات الفضائية، وشبكات التواصل الاجتماعي الحذر من الأنباء الكاذبة التي يروج لها الفاسقون لخدمة الحكام الطغاة، وكذلك لتمرير مخططات سياسية، وتخريبات اجتماعية، تخدم مصالح دول إقليمية ودولية. لهذا، يقع على عاتق القائمين على وسائل الإعلام المختلفة تحرّي المصداقية في نقل الخبر والتأكد من مصادره.
لعب عامل التطور التقني لوسائل الإعلام دوراً كبيراً في تأثير الإعلام وفعاليته بين أفراد المجتمعات، وقد أدرك الساسة الكبار في العالم مبكراً الدور الخطير الذي يمكن أن يؤديه الإعلام لصالح الكيانات السياسية، فعملوا على استخدامه لتمرير المخططات السياسية والتخريبات الاجتماعية، بشن الحروب النفسيه ضد مناوئيهم، حيث أصبحت سلطة الإعلام أفقية رهيبة وأخلاقية، لأنها تؤثر في الرأي العام، ورهيبة لأنها ترهب السلطات الأخرى، عندما تقدم حقائق مغايرة لما يروج ويتداول رسميا، وأخلاقية لأن جوهرها هو الحقيقة، وأساسها الالتزام بالأخلاقيات المهنية.
أصبحت وسائل الإعلام الحديثة السلاح الجديد المتطور الذي يستخدمه الاستعمار الجديد الذي يضع الدول تحت الوصايه الدولية، في شن الحرب النفسية ضد الدول، من أجل التخريب وإضعاف الخصوم، وتشتيت صنوفهم، وإغراقهم في صراعات بينية لا تنتهي، فالإعلام يلعب دوراً خطيراً، في تمرير المخططات السياسية والتخريبات الاجتماعية، كما يقدم خدمات جليلة للمنظمات الإرهابية، بطريقة غير مباشرة، من خلال تأثيره فكريا في عقول الناس البسطاء، بشأن هذة المنظمات الإرهابية.
avata
avata
أحمد غالب الشعبي (اليمن)
أحمد غالب الشعبي (اليمن)