داعش والنفط يقوضان القدرة الشرائية للمواطن العراقي

06 ابريل 2015
غياب السلع الغذائية من الأسواق العراقية (Getty)
+ الخط -
يعيش العراق منذ سنوات في فوضى الحروب المتنقلة، وآخرها الحرب ضد داعش. وقد انعكست هذه الحروب بطريقة سلبية على الواقع المعيشي للمواطن. ارتفاع حاد في الأسعار. انخفاض في القدرة الشرائية. عجز في الميزان التجاري. وفي مقابل ذلك، بدأت أسعار النفط بدورها تؤثر سلباً، بعد انخفاضها الدراماتيكي وتأثيراته المباشرة على اقتصاد بلد كالعراق، يعتمد بشكل رئيسي على العائدات النفطية.

بحسب الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، ارتفع مؤشر التضخم السنوي بنسبة
0.3% عن العام الماضي، وأوضح التقرير، الصادر الشهر الماضي، أن معدل التضخم السنوي وصل إلى 9% بسبب ما تمر به البلاد والمنطقة من أحداث.
 

يقول الناطق باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، لـ " العربي الجديد": إن مؤشرات التضخم السنوي في البلاد سجلت ارتفاعاً بنسبة 9% ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين 9 و 10%، مشيراً إلى أن الجهاز المركزي للإحصاء سجل معدل التضخم، الذي أعد على أساس جمع البيانات ميدانياً عن أسعار السلع والخدمات من عينة مختارة من منافذ البيع، وتصل إلى ما مقداره 9 %، ولم يسجل الإحصاء أسعار السلع داخل المناطق التي تشهد حرباً مع داعش. ويؤكد أن" الأوضاع غير المستقرة ودخول البلاد في حرب مع تنظيم داعش تسببت في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية مع قلة السيولة المالية لذوي الدخل المحدود، بسبب تداعيات الحرب، مشيراً إلى أن الانعكاسات طالت المواطنين والتجار أيضاً".

استنزاف الطاقات
يقول الخبير الاقتصادي العراقي، أحمد العباسي: "تعتبر الحرب واحدة من أكبر مصادر استنزاف طاقات العراق وموارده المالية، حيث إن الحرب ساهمت بشكل كبير في تقليص مستويات تصدير النفط العراقي، بفعل خروج عدد من المحافظات عن الخطة الإنتاجية للإنتاج النفطي، يضاف إليها دخول البلاد في حرب مع داعش لا نعرف مداها".


ويقول لـ "العربي الجديد": "يعتمد الاقتصاد العراقي على الإنتاج النفطي والتبادل التجاري، وبسبب الحرب، تقطعت الطرق البرية بين العراق وسورية والأردن، الأمر الذي أدى إلى غياب العديد من السلع الغذائية، فيما ارتفعت أسعار سلع أخرى، وبدأ المواطن يعيش أزمة معيشية خانقة"، مشيراً إلى أن الحركة التجارية تأثرت سلباً بنسبة 20%.

من جانبه، يؤكد أستاذ الاقتصاد العراقي في جامعة بغداد، حسين علي، أن نتائج حرب الحكومة العراقية مع داعش لها آثار اقتصادية كبيرة على الأوضاع المعيشية، خاصة بالنسبة إلى السلع الاستهلاكية، حيث تقدر الخسائر بنحو أربعة إلى ستة مليار دولار، وهذه الخسائر حجمت الكثير من المواد ورفعت أسعارها في الأسواق وساهمت في قبض مستويات البيع والشراء لدى المواطنين".

ويؤكد علي أن الحرب على داعش قطعت طرقاً رئيسية بين العراق والدول المجاورة، وكذلك فرضت إجراءات أمنية بين المحافظات، الأمر الذي أدى إلى عرقلة حركة الشاحنات التي تنقل المواد الغذائية، فارتفعت أجور نقل المواد الغذائية بين بغداد والبصرة من جهة، وبغداد ومحافظات الشمال ومنها إلى إقليم كردستان من جهة أخرى،الأمر الذي رفع الأسعار بشكل واضح.

من جهته، يقول عبد الستار العامري، أحد تجار المواد الغذائية في سوق جميلة وسط العاصمة بغداد، لـ" العربي الجديد": هناك ارتفاع قياسي في أسعار المواد الغذائية بسبب حرب القوات العراقية، حيث سجلنا ارتفاعاً في أسعار السكر والطحين والأرز. وباقي المواد أيضاً شملها ارتفاع في الأسعار بنسب متفاوتة. ويضيف :" في المقابل، لاحظنا إحجام المواطنين عن شراء السلع واتجاههم إلى ادخار الأموال خوفاً من المستقبل، الأمر الذي انعكس سلباً على التجار".


يؤكد العديد من المواطنين أن الخوف يسيطر بشكل كبير على حياتهم اليومية، ويقول أحمد الخفاجي (موظف حكومي): منذ بدء الحرب مع داعش، بدأنا نلاحظ غياب العديد من السلع الغذائية، كما بدأنا نلاحظ ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة من بعض الدول المجاورة. ويقول لـ"العربي الجديد": ارتفعت أسعار المواد الأساسية، كالأرز والحليب، وتعد هذه السلع هامة في النظام الغذائي للمواطن العراقي، وأمام الارتفاعات التي ناهزت 40% في بعض المناطق، لم يعد بمقدور المواطن شراء هذه السلع.

وبحسب الخفاجي، فإن ارتفاع الأسعار لم يرافقه ارتفاع في الأجور والرواتب، بل على العكس من ذلك، ما زالت الرواتب ضعيفة مقارنه مع الغلاء المتوحش الذي يغزو العراق. وهنا نسأل الحكومة عن الآليات المتبعة لجهة إيجاد حلول لسد الهوة بين الأسعار من جهة والأجور من جهة أخرى".

إجراءات مطلوبة
لا شك في أن ما يمر به العراق من أوضاع اقتصادية صعبة، يتطلب من الحكومة وضع خطط عاجلة، وبحسب الخبير الاقتصادي، محمد المقدادي، يتوجب على الحكومة القيام بخطوات عديدة من أجل إنقاذ الاقتصاد من الانهيار، ويقول لـ "العربي الجديد": على الحكومة دعم قطاعات الكهرباء والتجارة والنفط، فهذه القطاعات أصيبت بخسائر كبيرة ناهزت مليارات الدولارات. وبالتالي يتوجب إعادة بنائها بشكل يلبي حاجات المواطنين، كما يجب إعطاء الأولوية لرصد موازنة ضخمة للمناطق، التي دمرت بفعل الحرب بين الحكومة العراقية وداعش، لافتاً إلى أن البلاد استنزفت أكثر من 50 مليار دولار خلال العام الحالي.


أما عضو اللجنة البرلمانية المالية، مسعود حيدر، فيؤكد بدوره أن الحرب على داعش أثرت بشكل كبير على اقتصاد البلاد، وخلال هذا الشهر ارتفع الدولار مقابل الدينار العراقي في أسعار صرف العملة، حيث وصل سعر صرف 100 دولار إلى 129 ألف دينار، بدلاً من 119 ألف دينار عراقي، مما يعني أن معدل الارتفاع بلغ نحو 10آلاف دينار خلال أيام، وهذا يعد مؤشراً سلبياً.

ويوضح أن المصرف المركزي ساهم في صعود الدولار بعد توقفه عن بيع الدولار في سوق المزاد، اليوم، وحدد منافذ البيع على المصارف، حيث إن العراق يعاني من قلة في السيولة المالية بعد الأزمة الاقتصادية، ويعود سببها إلى انخفاض أسعار النفط وتسجيل عجز مالي يقدر بنحو 25 ترليون دينار في موازنة العام الحالي.

ويشير إلى أن وزارة المالية ستكون لها إجراءات عاجلة للسيطرة على ارتفاع أسعار الدولار مقابل الدينار عبر إصدار سندات مالية واعتمادها كإجراء سريع لدعم المخزون المالي في العراق.

إقرأ أيضا: 50 عاماً لإعادة بوصلة التنمية إلى الاقتصاد اليمني
المساهمون